سلاحا المدرعات والدبابات أثبتا عدم فاعليتهما في العمليات الليلية

أداء إسرائيل «المخيب للآمال» في حربها على لبنان في تموز 2006، لم يكن نتيجة «فشل في استخدام القوة الجوية»، بل نتيجة «استراتيجية خاطئة». هذا ما خلصت إليه دراسة تقع في 444 صفحة «فولسكاب»، بعنوان «العمليات العسكرية الجوية لحرب إسرائيل ضد «حزب الل»، أعدّها معهد «راند» لمصلحة وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، لا لمجرد انتقاد أداء الدولة العبرية، بل للقول «بأنها تعلمت الدرس» خلال عدوانها على غزة، على حد تعبير واضع الدراسة الباحث بنيامين لامبث.
وضع لامبث الدراسة بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز 2006، (نشرت «السفير» ملخصا تمت ترجمته عن صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية، يوم السبت الفائت)، وقد ركّز لامبث خصوصا على دور سلاح الجو الإسرائيلي، غير أن الدراسة تغطي الحملة العسكرية الإسرائيلية بالتفصيل، واضعة اليد على «جذور العيوب» التي أظهرها الجيش الإسرائيلي خلال عدوانه، وإن كان قد أشار الى أن «عملية تغيير الوجهة» (حرب تموز) تضمنت «الهجوم الجوي الأكثر تعقيدا الذي تشنه قوات الجو الإسرائيلية في تاريخها».

وخلص الباحث في «راند» إلى أن أداء إسرائيل «المخيب للآمال» في حربها ضد «حزب الله» في تموز 2006 لا يعكس «فشل القوة الجوية» بل «فشل قادة إسرائيل السياسيين والعسكريين بتقييم العدو بشكل صحيح، وتحديد الأهداف، وتطبيق استراتيجية فاعلة تحقق التوقعات».

ذهب لامبث في تحليله حد تقييم مدى صوابية قرار القيادة الإسرائيلية عندما «فضلت اتخاذ موقف دفاعي وصد الهجوم في المرحلة الأولى من الصراع»، مضيفا أن «هذه الاستراتيجية أو أي بديل عسكري آخر لم يلب طموحات الأهداف التي وضعتها الحكومة الإسرائيلية في اليوم الأول من الحرب، عندما أصر رئيس الوزراء ايهود اولمرت آنذاك «على العودة غير المشروطة للجنديين» اللذين أسرهما «حزب الله»، وعلى «إزالة الحزب نهائيا كقوة تقاتل في جنوب لبنان».
هي أهداف اعتبرها الباحث في «راند» «غير واقعية وساهمت بعرقلة الجهود المبذولة في الأيام التالية، والتي أدت فقط إلى تصعيد النزاع».

ثمة ما يستحق ثناء الباحث لامبث في «أداء إسرائيل (في حربها على لبنان). فهي برعت في مجال السلاح الجوي، الذي أدى وظيفته بمستويات عالية من الكفاءة طوال فترة الاشتباك».
لكن «أفظع زلة للحكومة الإسرائيلية» برأي الباحث في «راند»، هي «عندما اعتمدت على استراتيجية لا تعكس واقع الحال، فماذا يمكن أن تحقق قوة عسكرية من أي نوع غير مدعمة باستراتيجية فاعلة ومتماسكة عندما تكون الأهداف المعلنة طموحة جداً والقوات البرية في الجيش الإسرائيلي غير مستعدة لذلك بتاتاً».

هذه «الزلة لا علاقة لها بالقوة أو بقيود القوة الجوية»، وفقا للدراسة، فـ«تلك الأهداف ظلت غير واقعية حتى عندما انتهى الصراع في أعقاب وقف إطلاق النار المتفق عليها بشكل متبادل، وأثبتت قوات الدفاع الإسرائيلية أنها لم تستطع في أي وقت من الأوقات وقف وابل الصواريخ اليومية التي كان «حزب الله» يطلقها على شمال إسرائيل»، مذكرة بأن قائد القوات الجوية الإسرائيلية كان قد حذّر الحكومة، قبل وقت طويل من اندلاع الحرب، بأن «قصف الصواريخ المحصنة بشدة أمر يفوق قدرة القوات الجوية الإسرائيلية وحدها».

في الدراسة الموجهة إلى سلاح الجو الأميركي، يغطي لامبث «تفاصيل الحملة الشاملة، وخطط عمليات سلاح الجو الإسرائيلي وكيفية تنفيذها، بما في ذلك هجمات الصد، وعمليات طلب الميزانية الإضافية، وتنسيق العمليات الجوية، والدعم الأرضي» وعمليات ما أسماها «المطاردة الفاشلة لصواريخ «الكاتيوشا»».

وأشار لامبث إلى أنه «على الرغم من أن الجيش الإسرائيلي كان يملك خطة طوارئ متطورة لأي هجوم مضاد ارضاً وجواً، كان بالإمكان أن تشكل ردا حقيقيا على الاستفزاز الذي قام به «حزب الله»، لكن قادة إسرائيل اختاروا تجنب تكرار تجربة الغزو البري الشامل كالذي حصل في العام 1982».
وأخذت الدراسة على الجيش الإسرائيلي أنه «لم يُخضِع جنوده المشاة لأي عملية تدريب افتراضية شاملة تحاكي نموذج حرب كبرى، طيلة السنوات الأخيرة (قبل 2006)، ما ترك القادة الإسرائيليين (في كتائب المشاة) من دون دافع كبير لمقاتلة «حزب الله» القوي». وعندما «قررت الحكومة الإسرائيلية أخيرا إقحام القوات البرية، بأعداد كبيرة، خلال الأيام الأخيرة للحرب، افتقر أداء هذه القوات إلى أي تنسيق مع العمليات العسكرية الجوية».
وأشارت الدراسة إلى أن «دفاعات «حزب الله» المحصنة جيدة أثبتت أنها عصية على الهزيمة، أكثر بكثير مما تصور الإسرائيليون».

ومع ذلك، وجد الباحث أن «إسرائيل تعلّمت من أخطائها وشنت حملة أكثر نجاحا ضد «حماس» في غزة بين كانون الأول 2008 وكانون الثاني 2009».
ستتناول «السفير» هذه الدراسة في ثلاث حلقات، توجز فيها الفصول الثمانية التي تؤلف الدراسة، في الأولى (اليوم) نلقي الضوء على «الحملة» من وجهة نظر البنتاغون، واعتماد إسرائيل الأولي على هجمات الصد، ثم انبثاق أول بوادر الشك في نجاح العدوان، فالقرار بشن هجوم بري، ثم بدء العد العكسي لقرار وقف إطلاق النار، قبل ان تنتهي الحرب من «دون حسم».

في الحلقة الثانية، تتطرق «السفير» الى ما أسمته مؤسسة «راند» «الإنجازات الجوية الاسرائيلية المفصلية»، وكيف حافظت اسرائيل على «ايقاع جديد للمعركة»، ثم «تحديها لتهديد الصواريخ الاستراتيجي»، فاعتمادها على العمليات التي تشنها الطائرات بلا طيار، فإقامتها للجسر الجوي، من أجل نقل جرحاها، فضلا عن «المشاكل» في الحملة الجوية التي شنتها اسرائيل على لبنان، والأهم مواجهة اسرائيل «لتحدي صاروخ «الكاتيوشا» العسير»، ومحاولاتها «الفاشلة» ضد قياديي «حزب الله»، وخلافه.

في الحلقة الثالثة والأخيرة، تعرج «السفير» على استنتاجات لجنة فينوغراد، قبل ان تنتقل الى ما «تعلمته إسرائيل من الدروس لتصيب هذه المرة في غزة» (والتعبير لـ«راند»)، لتتناول في الختام ما خلصت إليه «راند» من أجوبة عن أسئلة من قبيل «هل كانت الحرب قضية فاشلة» بالنسبة للدولة العبرية، قبل ان تختم بسرد الاستنتاجات التي توصلت اليها المؤسسة التابعة للبنتاغون الأميركي.

في هذه الحلقة (الأولى) من تقرير «العمليات العسكرية الجوية لحرب إسرائيل ضد «حزب الله»» يسلط بنيامين لامبث الضوء على «الحملة» ـ الحرب، التي يؤثر مرارا وتكرارا على وصفها بأنها «رد تصعيدي على غزو لطالما خطط له «حزب الله» إلى شمال إسرائيل»، ورد فوري على أسر الجنديين الإسرائيليين.
وقال لامبث انه يمكن اقتفاء أثر العدوان الاسرائيلي على لبنان في تموز 2006 الى ست سنوات قبل هذه الحرب، عندما قرر رئيس الوزراء ايهود باراك الانسحاب من جنوب لبنان بعد 18 عاما من «الاحتلال المضني». هذا الانسحاب خلق «فراغا» سرعان ما سده «حزب الله»، مستفيدا من «فشل» الحكومة اللبنانية لنشر قواتها هناك.

في هذه الأثناء، كان السيد حسن نصر الله قد أصبح «السياسي اللبناني الأبرز والأكثر شعبية»، واضعا نصب عينيه أن يصبح الحزب «القوة السياسية المهيمنة في الداخل، وعدم توفير أي جهد لتدمير اسرائيل»، ناهيك عن انه «أكثر القادة العرب ذكاء، واكثرهم خطورة»، والتعبير مأخوذ عن السفير الاسرائيلي في واشنطن داني ايالون.
وبعدما استعرض وضع «حزب الله» في لبنان، من حيث عديد مقاتليه وترسانته، ووضعه في المشهد السياسي اللبناني، مرورا بمواقعه العسكرية والإدارية، بدأ لامبث سرد وقائع الحرب، منذ بدايتها، في الساعة التاسعة وخمس دقائق من صباح 12 تموز 2006، مشيرا الى ان «العواصم الغربية رأت أن توقيت عملية أسر الجنديين كان من اختيار إيران لتشتيت الانتباه عن طموحاتها النووية».

أياً يكن، فما ان تم إبلاغ مقر القيادة الشمالية الاسرائيلية بتغيب إحدى المدرعات، حتى أعلنت إسرائيل عن عملية «غزو»، وما هي إلا ساعة وأعلن الحزب عن نجاح عملية أسر جنديين. عندها أمر وزير الدفاع عمير بيريتز بالتنفيذ الفوري لخيارين من خطط الرد المعدة سلفا: مهاجمة كل مواقع الحزب المحصنة على طول الحدود الجنوبية للبنان، وإغلاق كل الطرق الممكنة لفرار عناصر الحزب، مع قصف جوي في العمق اللبناني. عند الساعة 10:20، كانت الجولة الأولى من الغارات الإسرائيلية التي دمرت مواقع المراقبة الـ17 التابعة للحزب على طول الخط الأزرق. تضمنت تلك الجولة «أضخم استخدام للقوة من قبل اسرائيل منذ انسحابها من جنوب لبنان في العام 2000».

الجدل في أوساط القيادة العسكرية الإسرائيلية بشأن الاستراتيجية الأمثل شكّل السمة البارزة طيلة 34 يوما من النزاع. فخلال اجتماع عقد في اليوم ذاته عند الساعة 12:45، بين بيريتز ورئيس الأركان دان حالوتس. قال الأخير «علينا أن نطفئ أضواء لبنان برمته. بإمكاننا أن نقطع عنهم الكهرباء لعام بكامله». وكان بيريتز «محقا»، برأي الباحث في «راند» في رفضه دعوة حالوتس تدمير البنى التحتية اللبنانية وذلك «لسبب وجيه»، باعتبار ان تدمير محطات الكهرباء «قد يوحد اللبنانيين ضد إسرائيل لا ضد الحزب».

وتابع لامبث ان حالوتس كان «محقا» عندما دعا الى «عدم» إعلان عودة الجنديين هدفا للحملة، «بما انه «غير واقعي وغير قابل للتحقق»، لكنه «أخطأ» عندما أصر مرارا على مهاجمة «حزب الله» والحكومة اللبنانية، كلاهما».
وقال لامبث ان خطاب أولمرت الأول عند الساعة 12:50 كان الخطاب «الذي تضمن العديد من الأخطاء في تقييم الوضع والحكم الاستراتيجي التي كانت سبب النتيجة غير الحاسمة بالنسبة لإسرائيل في نهاية الحرب»، عندما توعد برد «مزلزل».
وانتقد الباحث في «راند» الأهداف التي أعلنها أولمرت للحرب، ورأى أن الهدف الأول (وهو عودة غير مشروطة للجنديين) كان «مبالغا فيه حد الخطأ، لأن كل ما يتعين على «حزب الله» ان يفعله حينئذ هو عدم إعادة الجنديين وحرمان أولمرت القدرة على تحقيق ما وعد الاسرائيليين به، ليعلن نصره»، في حين ان الهدف الثاني (التوصل الى «وضع جديد» في لبنان) «كان ممكنا تحقيقه لو تم اتباع استراتيجية حكيمة». وفيما يدعو الهدف الثالث (تعزيز قوة الردع الاسرائيلية ضد التهديدات الخارجية) الى التساؤل عن طريقة تحقيقه، فإن الهدف الرابع (نزع سلاح «حزب الله» وإزالته من جنوب لبنان) كان «خياليا مثل الهدف الأول»، وذلك لا يعني أنه «من غير الممكن تحقيقه بل كان يتطلب من حكومة أولمرت ان تكون مستعدة لدفع أثمان باهظة وربما إعادة وجود إسرائيل في جنوب لبنان».

هذان الهدفان الأول والرابع سيلاحقان أولمرت ما ان تضع الحرب أوزارها. لكن رئيس الوزراء ليس وحده من يستحق ملامة لامبث، الذي يقول ان حالوتس أبلغ الجيش عن حملة بأهداف أربعة أكثر بساطة وممكن تحقيقها.. والأهم «مغايرة» لأهداف أولمرت، هي «حمل «حزب الله» على دفع ثمن غير متكافئ على استفزازه»، و«تحسين مستوى الأمن في شمال إسرائيل»، و«خلق ظروف تؤدي لعودة الجنديين»، و«تجنب أي تصعيد في النزاع يشمل سوريا».
هكذا اعتبرت «راند» انه في هذا التضارب بين أهداف أولمرت وأهداف حالوتس يكمن «السبب الأساسي لفشل اسرائيل».

كما رأى لامبث في افتراض بيريتز وحالوتس، بأنه كان بإمكان الجيش اللبناني أن يقوم بعمل ضد «حزب الله»، بأنه «خاطئ.. وحتى ساذج».
مع بدء انتهاء اليوم الأول للنزاع، كان واضحا ان حكومة اولمرت تميل الى اعتماد استراتيجية ترتكز «على هجمات الصد». ووافق حالوتس على ذلك «مدفوعا بتصميمه على تجنب العودة» الى ما بات يعرف بـ«الوحل اللبناني».
وبعد استعراض الأهداف التي قصفها الاسرائيليون في ليلة 12 تموز، وبينها مطار بيروت الدولي، توقف لامبث عند «فشل الجيش الإسرائيلي في إزالة قناة «المنار» الناطقة بلسان «حزب الله» (التي وصفها بأنها أمر حيوي)» ما سمح لـ«حزب الله» بأن «يهيمن على معركة الخطابة، خلال النزاع وبعده ليعلن نفسه منتصرا»، في مقابل «ضعف حكومة أولمرت في هذا المجال و(عجزها) عن استقطاب تعاطف الاسرائيليين ودعمهم ودعم المجتمع الدولي».

وتابع لامبث ان حملة «الانتقام» تلك في بدايات الحرب «كشفت، للمرة الأولى مدى هشاشة الجبهة الاسرائيلية.. في وجه نيران «الكاتيوشا»… وصواريخ «حزب الله» التي شلّت منطقة واسعة في شمال إسرائيل».
أولى بوادر التشكيك في جدوى استراتيجية الصد وحدها بدأت في 16 تموز. عندها، قال رئيس الوزراء ايهود باراك والوزير السابق دان ميردور ان أي قرار لمواصلة القصف سيؤدي حتما الى كارثة، وقالا إن الجيش الاسرائيلي ليس مستعدا على الإطلاق لغزو جنوب لبنان وأن القيام بذلك «سيدمر بشدة أي مصداقية تتمتع بها قوة الردع الاسرائيلية». وما لبث أن ازداد عدد منتقدي استراتيجية استخدام العنف المفرط ضد المدنيين اللبنانيين، التي كانت حكومة أولمرت تأمل بأن تحمل اللبنانيين على الانقلاب ضد «حزب الله».

وقال لامبث ان أول غزو بري بقوات تقليدية بدأ في 17 تموز قرب مارون الراس، ليكتشف الاسرائيليون «للمرة الأولى إلى أي مدى تعتبر مواقع «حزب الله» محصنة، وهو أمر لم يكونوا مدركين له في السابق». ولكن مع مرور الأيام، بعد ذلك «كان واضحا ان العديد من قادة الجيش الإسرائيلي لم يكونوا راغبين في شن حملة تشبه تلك التي قامت بها اسرائيل في العام 1982».

في 20 تموز، جندت الحكومة الاسرائيلية ثلاث كتائب من الاحتياط على الحدود. وانتقد لامبث «الارتباك الهائل بشأن المهمة والأهداف، الذي كان سائدا عندما دخل الجنود الى جنوب لبنان»، مشيرا الى ما خلص إليه أحد التقييمات للحرب بأن «العمليات العسكرية البرية الأولى كانت ضعيفة على نحو مستغرب وأن الهجمات البرية.. افتقرت الى التركيز والقوة اللذين لطالما ميزا هجمات الجيش الاسرائيلي في السابق».

وعندما اقترب موعد القيام بعمليات برية موسعة، احتدم الجدال مجددا: هل ستكفي عمليات غزو قصيرة؟ ام ان اسرائيل ستحتاج الى تعبئة عدد كبير من الجنود؟
ونقل لامبث عن جنرال لم يسمه قوله آنذاك ان «مناورة برية لن تحل مشكلة الصواريخ طويلة المدى. المشكلة تكمن في نية إطلاق هذه الصواريخ وعلينا كسر إرادة «حزب الله».. عبر قتلهم. فقد يكون العديد من مقاتلي الحزب يريدون الاستشهاد لكن القيادة ذكية وتريد ان تعيش. هم عقلانيون ويختبئون».

وبعد سرد وقائع عايشها الجنود الاسرائيليون في محاولتهم الصعبة لمطاردة «حزب الله» على الأرض، واكتشاف هؤلاء ان «دفاعات «حزب الله» أثبتت متانتها، فيما أثبت مقاتلوه حسن انضباطهم اكثر بكثير مما كان متوقعا».
أما عن مهارات الحزب في مجال التقنيات، فاستبعد لامبث ما قيل عن قدرة الحزب على اعتراض مكالمات القيادة الاسرائيلية، ولكنه قال ان «معرفة الحزب بقدرات إسرائيل التقنية (في فك الشيفرات) وعليه توخي قيادته الحذر، شكلت تحديا كبيرا أمام الاستخبارات الاسرائيلية».

في 26 تموز، قال قائد سلاح الجو الاسرائيلي الجنرال عيدو نحوشتان لحالوتس انه «من دون حملة برية ضخمة لن نتمكن من وقف «الكاتيوشا». علينا ان نطلب من الحكومة ذلك. فإذا لم توافق، فعلينا ان نطلب منها وقفا فوريا للحملة» برمتها. وهكذا في اليوم التالي وافق اولمرت على تعبئة 30 ألف جندي، ممانعا، حتى حينه، شن حملة برية شاملة.
في 28 تموز، تزايدت الدعوات إلى وقف إطلاق النار. في هذه الأثناء كانت القيادة الاسرائيلية لا تزال تتخبط بشأن قرار الغزو البري، الذي لم يصدر حتى 9 آب. وانتقد لامبث «التردد الهائل الذي كان سائدا في كل مستويات الجيش الاسرائيلي، بشأن تنفيذ هذا القرار»، الذي صادق عليه أولمرت في 10 آب.
وقال الباحث في «راند» انه لو تم اتخاذ هذا القرار وتنفيذه خلال الأسبوع الأول للحرب «لكان ساعد في التوصل الى نتيجة أفضل بالنسبة لإسرائيل». ولكن القرار صدر «في مرحلة متأخرة» قبل فترة وجيزة من قرار وقف إطلاق النار.
ووصف لامبث قرار أولمرت وبيريتز «التصعيد البري» بأنه «لم يعكس نية جدية لإزالة «الكاتيوشا»، بل كان مجرد رغبة في تقديم استعراض للقوة» يقوض الحزب.
وهكذا خلال الساعات الـ72 من القتال، ضاعف الجيش الإسرائيلي عدد جنوده داخل لبنان إلى ثلاثة امثال.

وانتقد الباحث في «راند» ما أسماه «ضعف التنسيق خلال المرحلة الاخيرة من الحملة»، موردا على سبيل المثال كيف «رفضت القيادة الشمالية طلبات أطقم المدرعات الحصول على مساندة جوية على علو منخفض»، مشيرا ايضا الى «العيوب المتشعبة في تقنيات القتال»، حيث غالبا ما كانت «وحدات المشاة غير قادرة على التنسيق مع أطقم المدرعات والدبابات التي أثبتت انعدام فاعليتها في العمليات الليلية»، ليخلص الى انه «منذ بدء الحرب وحتى نهايتها، افتقرت العمليات البرية في لبنان لأسلوب عملاني محدد».

السابق
اعتصام عند الطرف الشرقي لمزارع شبعا المحتلة
التالي
البيرق: لقاء ميقاتي والخليلين :استمرار في التشاور وحلحلة ولكن لا تاليف بعد