اللواء: الحكومة بين التشاؤم والتفاؤل … وأزمة الثقة تستولد العقد!

مع أن كل الاطراف رسمياً وسياسياً في تجمع 8 آذار او 14 آذار فضلاً عن الكتلة السياسية المحايدة الاخذة في التبلور مع محور النائب وليد جنبلاط والرئيس امين الجميل، تتفق على ابعاد لبنان عن خط النار الاقليمي، سواء في بعده الداخلي المتمثل بالثورات الداخلية، لا سيما منها ما يجري داخل سوريا، او في بعده الحدودي حيث وضعت على أجندة طويلة قضية حق العودة، عبر تحرك شعبي سلمي عند محاذاة للحدود الطبيعية للدول المحتلة اراضيها في الجولان والضفة الغربية وغزة ومزارع شبعا اللبنانية.
وعبّر هذا الاتفاق غير المنسق عن نفسه بنجاح جهود الجيش اللبناني بالتنسيق مع قيادة <اليونيفل> العاملة في الجنوب، من اقناع الفصائل الفلسطينية وهيئات التواصل عبر <الفايسبوك> اللبنانية من ان الظرف يقتضي استثناء لبنان من الاحتجاجات الحدودية، نظراً لحساسية وخطورة الازمة السياسية التي يمر بها، وانهماك القوى الفاعلة داخل 8 آذار في بذل جهود <الفرصة الاخيرة> لتوليد قصري لحكومة قادرة على ملء الفراغ الحاصل منذ ما ينيف عن خمسة اشهر.

ولم يحجب هذا التفاهم اللبناني الضمني اندلاع جولة جديدة من السجالات على محاور عدة أبرزها:

1- محور عين التينة – السادات تاور، او بين فريق الرئيس نبيه بري الذي عاد الى بيروت امس واوقف السجال مع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، ليشن معاونه السياسي النائب علي حسن خليل هجوماً معتاداً في مضمونه وجديداً في توقيته على الرئيس فؤاد السنيورة والحكومتين اللتين شكلهما، والتي كان فريق الرئيس بري مشاركاً فيهما، وذلك على خلفية انتقاد الرئيس السنيورة للجلسة التشريعية النيابية يوم الاربعاء.

2- محور فردان – الرابية، حيث ما تزال ازمة الثقة تروح وتجيء بين طيات الاسماء المباحة او المحجوبة، فالفريق العوني يتحدث عن نقل اسماء مرشحيه الى الرئيس ميقاتي، في حين ان المكتب الاعلامي للرئيس المكلف يعلن في بيان له، امس أن <الرئيس المكلف لم يتسلم اية اسماء من بعض الكتل بمن تقترح للتوزير من باب الاستئناس بالرأي>، مشدداً على ان اي كلام خلاف ذلك هو محاولة للتعمية على الحقيقة> وفهم أن بيان المكتب الإعلامي جاء رداً على ما أعلنه النائب العوني آلان عون صباحاً من أن النائب ميشال عون سلم الأسماء المطلوبة للمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل، الذي كان زار الرئيس المكلف مساء أمس الأوّل، لكن مصادر الرابية عادت مساء وسربت معلومات بأن الرئيس ميقاتي <يعلم> بالأسماء، وهو ما استغربته مصادر الرئيس المكلف، متسائلة كيف يقال الشيء ونقيضه، فإذا كان يعلم بالأسماء، فهل هذا معناه اطلاق يد الرئيس المكلف في تشكيل حكومة الأمر الواقع، ام انه يقصد غير ذلك فيكون كلامه في غير موقعه؟.

وأكّدت المصادر أن الرئيس ميقاتي ما زال في انتظار الأسماء سواء من قبل فريق عون أو من قبل <حزب الله>.

3 – اما محور فردان – عين التينة، فالظاهر أن المياه عادت إلى مجاريها، حيث زار النائب خليل مساء أمس الرئيس المكلف، موفداً من الرئيس برّي، نافياً بذلك ما تردّد عن مقاطعته لمشاورات تأليف الحكومة، مؤكداً أن علاقته جيدة مع الرئيس ميقاتي، وانه يبقى صديقاً ولو اتخذ موقفاً مغايراً لموقفه من الجلسة التشريعية التي دعا اليها يوم الأربعاء.

وذكرت معلومات انه جرى بين الرئيس ميقاتي والخليل تداول في بعض الأفكار، مشيرة إلى أن مسار الأمور بدأ يأخذ منحى ايجابياً، الا أن مصدراً قريباً من الرئيس المكلف أبلغ <اللواء> ليلاً انه <صحيح أن الجو الحكومي إيجابي أكثر من السابق، الا أن الأمور بخواتيمها>، مشيراً إلى أن القول بأن الأمور باتت في ملعب الرئيس المكلف فيه تجن>.

عقد عالقة ولفت هذا المصدر إلى انه بدأ يلمس أن الوسطاء الذين يعملون على خط الرابية – فردان، متشجعون أكثر من السابق لتشكيل الحكومة، عازياً ذلك إلى المأزق الذي يواجهه الجميع تجاه الجلسة النيابية، حيث بات من الصعب تأمين النصاب القانوني لها من فريق الأغلبية الجديدة بعد الموقف الذي أعلنه نواب طرابلس الثلاثة ميقاتي ومحمّد الصفدي وأحمد كرامي، وموقف جنبلاط الذي كان يحبذ الجلسة ببند وحيد هو التمديد لحاكمية مصرف لبنان.

الا أن المصدر لاحظ، أن العقدة الأساسية لا تزال متمركزة في موضوع الماروني السادس، حيث يُصرّ عون على معرفة الاسم الذي يسميه رئيس الجمهورية، إلى جانب إصراره أيضاً على حقيبة الاتصالات لشربل نحاس، وكذلك الشؤون الاجتماعية، وإن كان عاد ووافق على أن تبقى هذه الأخيرة من حصة جنبلاط للوزير الحالي وائل أبو فاعور، في مقابل إسناد حقيبة التربية لشخصية يسميها عون من كسروان، وثمة مشاورات تجري لحل مسألة الدرزي الثالث والمرجح أن يكون النائب طلال أرسلان الذي يطالب بحقيبة أساسية له، ولا يقبل بوزارة دولة، ولا سيما إذا سمي من حصة تكتل عون.

أما ممثل المعارضة السنّية في الحكومة، فلم يزل موضع تشاور بين الرئيس ميقاتي الذي يفضل أن يكون من الشمال ولا يمانع إذا سمّاه الرئيس عمر كرامي، من غير أن يكون نجله فيصل، وبين فريق الأغلبية الذي يصرّ على أن يكون من البقاع الغربي ويسميه النائب السابق عبد الرحيم مراد.

ولا تستبعد مصادر مطلعة أن تبرز في اليومين المقبلين تطورات ترشح من المواقف التي سيعلنها الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، في الكلمة التي سيلقيها صباح اليوم في الكلمة الافتتاحية للمؤتمر الفكري حول الإمام خامنئي الذي ينظمه الحزب اليوم وغداً في فندق غاليريا (الماريوت سابقاً)، وهي الاطلالة الاعلامية الثالثة خلال اسبوعين، وكذلك كلمة النائب عون خلال زيارة التحدي لمدينة جبيل مساء غد الثلاثاء، حيث سيطرح مسائل وصفت بالمهمة على مستوى مفهوم الجمهورية وسط الأزمات المتلاحقة.

الجلسة النيابية في غضون ذلك، نقلت مصادر نيابية عن الرئيس بري قوله إنه ما زال مصرّاً على عقد الجلسة النيابية بعد غد الأربعاء، حتى ولو لم يتأمن لها النصاب القانوني وهو 65 نائباً، مشيرة إلى اعتزامه الدعوة إلى جلسة ثانية وثالثة إلى أن يتأمن لها النصاب.

وكشفت المصادر عن اتصالات يجريها الرئيس بري مع حليفه النائب جنبلاط الذي ما زال مصرّاً بدوره على رفض حضور الجلسة بجدول أعمالها الفضفاض، وهو أبلغ رئيس المجلس أنه لا يمانع بحضور هذه الجلسة إذا اقتصر جدول اعمالها من بند وحيد وهو التمديد لحاكمية مصرف لبنان، واعدا بالسعي لدى الرئيس امين الجميل لاتخاذ الموقف نفسه.

واشارت المصادر الى حل وسط يجري التداول به، وهو اختصار جدول اعمال الجلسة ببندين اثنين، وهما التمديد لرياض سلامة والعفو عن بعض المسجونين، وهو البند الذي ترفضه قوى 14 آذار بقوة.

وفي المقابل، كشفت مصادر رئاسة الجمهورية، ان الرئيس ميشال سليمان يسعى للوصول الى توافق لعقد جلسة لحكومة تصريف الاعمال ببند وحيد هو التمديد لسلامة، تحت بند الضرورة القصوى اذا لم تشكل الحكومة، في غضون الاسبوعين المقبلين.

ولفتت هذه المصادر الى ان الرئيس سليمان ابلغ المتصلين به لاقناعه للسير في المرسوم الجوال، انه اذا كان هذا المرسوم يحتاج لكي يكون نافذا الى توقيع 20 او 21 وزيرا، اي ثلثي عدد اعضاء حكومة تصريف الاعمال، فلماذا لا نعقد جلسة لمجلس الوزراء يتم خلالها التمديد لحاكم مصرف لبنان، لما لهذا المركز من تأثيرات على صورة لبنان الخارجية وواقعه المالي والاقتصادي، وللثقة الخارجية بالوضع المالي للبلد؟

وشددت هذه المصادر على ان الاولوية بالنسبة للرئيس سليمان هو تشكيل الحكومة، ويفضل ان تتركز المساعي لتشكيلها لانها الحل لكل المشاكل التي تعترض البلد من اقتصادية ومعيشية وسياسية وغيرها.

السابق
قرار اتهام للبنان وسورية معاً؟
التالي
دروس لبنانية من الثورات العربية!