مرّة والمقدح وعبد الله والبشتاوي يجيبون: لماذا تمّ إخصاء 5 حزيران؟

(خاصّ جنوبية)
11 قتيلا وأكثر من 100 جريح على الحدود اللبنانية الإسرائيلية في 15 أيار، ذكرى النكبة الفلسطينية، فكم سيكون العدد في 5 حزيران، ذكرى "النكسة" العربية؟
الأمر بدأ حين فجأة إستيقظ مارد فلسطيني غير معلن في لبنان. مارد كان اللبنانيون قد نسوه منذ سنوات طويلة، على الأرجح منذ حرب المخيمات منتصف ثمانينات القرن الماضي، حين أجهزت حركة "أمل" على ما تبقى من قوّة قتالية فلسطينية في المخيمات اللبنانية وصار الفلسطينيون خارج الساحة السياسية اللبنانية.
لكنّ الفلسطينيين عادوا إلى الساحة اللبنانية في الخامس عشر من أيار الماضي، حين كان العرب منهمكين في متابعة أخبار الثورات التي تعمّ بلادهم، من أقصى الغرب في ليبيا وتونس، إلى أقصى الشرق في البحرين، مرورا بالوسط السوري الملتهب.
الناشطون المستقلّون واليساريون، ومنهم من جرح وكاد يصير شهيد الحدود، هؤلاء متحمّسون، لكنّ أصحاب الشأن والتنظيم بدأوا يتمهّلون. فقد رشح أنّ "حزب الله" طلب من المنظامت الفلسطينية تجميد تحرّكاتهم إثر تفجير موكب القوّة الإيطالية، قبعدما رفض الجيش اللبناني السماح بالوصول إلى الحدود.
"حزب الله" لم ينف ولم يؤكّد هذه المعلومة، بعد محاولات مع عدد من نوابه ومسؤوليه، على قاعدة أنّ المسؤولين ما زالوا ملتزمين "بعدم إعطاء تصريحات أو مقابلات إعلامية قبل تشكيل الحكومة"، بحسب أحد النواب.
لكنّ رأفت مرّة، المسؤول السياسي لحركة"حماس" في منطقة بيروت ومسؤول العلاقات اللبنانية في الحركة، أعلن لـ”جنوبية” أنّ "المشاركة أو عدمها أمر متروك لآخر لحظة نقرّر فيها"، وتابع: "نحن نعتبر أن مسيرة العودة التي نظّمت في 15 أيار كانت إيجابية وحققت أهدافها بالكامل، إذ أعادت الإعتبار لقضية اللاجئين الفلسطنيين وأحيت قضية حق العودة وأكدت تمسك اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى وطنهم وأظهرت للعالم أنّ اللاجئين الفلسطينيين في لبنان مستعدون للقيام بكل ما يلزم ولتقديم التضحيات من أجل العودة إلى فلسطين".
وشرح مرّة: "نحن شاركنا في 15 أيار بشكل جيد على المستويات الشعبية والإعلامية والسياسية إنطلاقا من قناعتنا بأهمية حقنا في العودة الى ديارنا والقول ان هناك احتلالا يرفض تطبيق القرارات الدولية التي تنص على هذا الامر"، واستطرد: "كما أنّه في ظل الثورات العربية وما يمكن أن يقال عن دعم دولي لخيارات الحرية والديمقراطية في العالم العربي نريد القول ان حرية الشعب الفلسطيني تكون بداية في التخلص من هذا الإحتلال وفي العودة الى المنازل التي هجروا منها في العام 1948".
لكن هل سيعلّق التحرك أم أنّ "حماس" وحدها قد لا تشارك؟ يجيب مرّة: "في المبدأ نعتبر أن مسيرة 15 أيار حققت جزءا كبيرا من أهدافها وأوصلت رسائل قوية للغاية الى الاحتلال الاسرائيلي والى الادارة الاميركية والمجتمع الاوروبي، وهذا ولّد ضغطا على المجتمع اللبناني، لذلك ننتظر شكل تبلور الموقف الرسمي اللبناني من هذه الأنشطة، وإن كنّا نحتفظ بتوجهنا للإستمرار في تنظيم تحركات سلمية مختلفة إلى الحدود على غرار 15 أيار، بغض النظر عن التوقيت والمنطقة لأن قرار اللاجئين الفلسطينيين هو العودة ولأن معنويات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان مرتفعة للغاية".
ما الذي اختلف بين 15 أيار و5 حزيران؟، يجيب مرّة: "في المرة الماضية سجلنا خروج نحو 50 الف لاجىء الى الحدود، لذلك أيّ نشاط لاحق لن يكون أقلّ من هذه الوتيرة. بغضّ النظر عن تفاصيل الفاعليات الشعبية والإعلامية أوصلنا صوتنا الى العالم وأنتج أزمة كبيرة داخل الكيان الصهيوني".
المعلومات عن تجميد التحرّك صحيحة إذا، وما صار شبه مؤكد أنّ الجيش اللبناني وراء المنع، لكنّ قائد المقرّ العام لحركة "فتح" ومنظمة التحرير في لبنان، منير المقدح، يؤكّد أنّ التحرّك قائم ومستمرّ، وردّا على سؤال حول مدى استفادة النظام السوري من هذه التحركات في هذا الوقت بالذات أجاب المقدح لـ”جنوبية”: "نحن استفدنا من الذي جرى في العالم العربي، وإذا كان هناك من سيستفيد من تحرّكنا فليستفد، إلا أن المستفيد الأكبر هو الشعب الفلسطيني ولا مانع من أن يستفيد من التحركات كل محور المقاومة ومن يمانع الإحتلال الإسرائيلي، وليس شأننا من يستفيد بل شأننا العودة إلى فلسطين".
ويشرح المقدح: "هذا برنامج مستمر بكل الوسائل قبل النبكة وبعدها، الى ان نصل الى فلسطين. برنامجنا طويل وفي 5 حزيران سنحدّد ما إذا كنّا سننصب خيما في مارون الراس او الخيام، وسنحدّد أعدادها".
ويكشف المقدح أنّ "15 أيار كانت مسيرة من الآلاف، و5 حزيران سيكون هناك خيم، ولاحقا سننظم مسيرة مليونية، ثم سنحوّل التحرّك إلى بريّ وبحريّ، مع إضافة عناصر جديدة في كلّ مرة إلى أن نصل إلى فلسطين".
المقدح يعتبر أنّ "مهمة الدولة اللبناني تشكيل حماية للمسيرة السلمية لأنّها ليست سياسية، ولا مرتبطة بالشأن السوري ولا بغيره، وكانت مقررة من نيسان 2010، وباستطاعة أيا كان مراجعة الأرشيف".
وعما إذا كان التحرّك سيؤدي إلى صدامات دموية قال: "المسيرة سلمية والضبط موجود، وما حصل في المرة الماضية كان جريمة اسرائيلية برسم كل من يدعي حقوق الانسان في العالم".
وختم المقدح: "نحن سنستخدم كل الوسائل من أجل العودة إلى فلسطين لأن المجتمع الدولي ظالم لا يخشى ولا يحترم الا الأقوياء ويقف مع الباطل المحتل الاسرائيلي ضدّ الحقّ الفلسطيني".
السفير الفلسطيني في لبنان عبد الله عبد الله له رأي آخر، فهو يرفض الحديث عن "مسيرة فلسطينية"، مفضلا القول: "مسيرة عربية"، على اعتبار أن "النكسة عربية وليست فلسطينية فقط".
عبد الله قال في حديث لـ”جنوبية” إنّ "5 حزيران ليست مناسبة حصرية فلسطينية، بل نحن جزء من الأمة العربية التي واجهت النكسة، وحركة فتح والحركة الوطنية الفلسطينية كانت ردا إيجابيا وصارما على 5 حزيران، وإحياء هذه الذكرى ينبع من كوننا جزء من هذه الأمة".
ويرفض عبد الله الحديث عن "استثمار سياسي سوري للتحركات"، قائلا: "هذا ليس صحيحا، لأنها مناسبة لتسجيل موقف سياسي يرفض الإحتلال والضعف العربي والردّ عليه سياسيا يعبر عنه بمهرجان في بيروت أو بمسيرة وبوسائل متعددة أخرى"، مؤكدا أنّ المناسبة "ليست مناسبة لخوض معركة مع الإحتلال، لأن المعركة معه مستمرة ويخوضها القادرون عليها يوميا لمن يتابع الأخبار في رام الله والخليل وبيت لحم والقدس".
ويضيف ردّا على الموقف من المسيرات على الحدود: "المسيرات على الحدود لست من الأطراف الذين لهم دور في تنظيمها، أنا أمثل فلسطيني بطريقة ديبلوماسية وعلاقتي مع الدولة اللبنانية، إذا كان هناك موقف سياسي نعلنه لا أكثر".
وإذ نعيد طرح السؤال يجدّد التأكيد أنّ "هذه ليست تحركات فلسطينية، لأن 5 حزيران مناسبة عربية لا فلسطينية فقط"، شارحا ما جرى في 15 حزيران من اعتداءت وسقوط قتلى وجرحى بأنّ "هناك عواطف تثور حين يرى الفلطسيني وطنه. لكن نحن ضد إهدار قطرة دم واحدة في غير مكانها الصحيح ولم تكن 15 أيار مناسبة لخوض معركة"، ويختم غاضبا: "هذه مسيرة عربية وليست فلطسينية وأشك في سؤال حول توريط الفلسطينيين في هذا اليوم لأننا يجب ألا نضيّع البوصلة بأنّ إسرائيل هي المعتدية".
من جهته يشرح مسؤول إعلام "الجبهة الشعبية – القيادة العامة" في لبنان حمزة البشتاوي أنّ "الدعوة جماهيرية لأن هناك حراكا شعبيا فلسطينيا من مخيمات لبنان وسوريا والأردن والفلسطينيين في مصر وأصدقاؤهم من الشعب المصري"، ويتحدث عن "حراك رئيسي سيكون في الضفة الغربية إضافة إلى تحرك في قطاع غزة"، وينفي تحديد "حجم التحرك، الذي ما زال في إطار البحث بين اللجان الإجتماعية والسياسية واللوجيستية، التي تجتمع يوميا"، ويؤكد أنّه "لا عناوين لبرنامجنا حتى الآن من حيث نقاط الإنطلاق والتجمع أو شكل وطبيعة التحرّك، والأمور متروكة لأوقاتها". ما يؤكّد أنّ ثمة أمر عمليات ع ومن الإقتراحات التخييم على الحطّل الإندفاعة القوية".
وينفي البشتاوي أن يكون "التحرّك الذي قام به الشعب الفلسطيني في وطنه والشتات تحت عنوان مسيرة العودة مرتبطا بما يجري في سوريا، بل هو استفاد من الاجواء العربية الجديدة لدعوة الشعوب العربية الى التحرك باتجاه فلسطين، إذ لا صحة لأي تحرك اذا لم تكن البوصلة فلسطين".
وعن تصريح المسؤول السوري رامي مخلوف بأنّ "أمن إسرائيل يهدد إذا تهدد أمن سوريا"، قال البشتاوي: "أي تصريح رسم سوري نأخذه بعين الإعتبار وما نسمعه من القيادة السورية هو دعم الشعب الفلسطيني ودعم حقوقه وعلى رأسه حق العودة ونريد من الشعب السوري أن يكون دائما مع فلسطين وشعبها"، وتابع: "أما تصريح من هنا وتصريح من هناك فهو ليس محل تعليق بالنسبة لنا لأننا على علاقة وطيدة مع القيادة التي موقفها واضح اتجاه قضية الشعب الفلسطيني".
لا تظاهر إذا بانتظار وليس واضحا إذا ما كان التحرّك سيلغى أم أنّه سيكون من الدرجة الثانية، بعيدا من الحدود، لإبقاء جذوة الفكرة موجودة، بانتظار "تحركات مليونية برا وبحرا"، على ما قال اللواء المقدح. أم أنّ "الزمان والمكان متروكان لوقت يحدّد لاحقا"، على ما قال مرّة، الذي أكّد "أنّنا لا نريد الإصطدام مع الجيش اللبناني أو مع السلطة اللبنانية، لأنّ معركتنا مع إسرائيل فقط".

 

السابق
مسيرات “النكسة” تتحول إضرابا في المخيمات
التالي
السفير: سوريا تصعيد غداة الإصلاح وعشرات الضحايا في حماه