مالم يســمعه أوبامـــا..!

يبدو أن مالم يسمعه الرئيس باراك أوباما كان أكثر بكثير مما سمعه.. وما أغفله كان أكبر مما ذكره.. وماتعمد تجاهله يشي بالكثير مما أخفاه.. ومارآه أضيق بكثير مما وارب عن رؤيته، وماشاهده أقل مما غض الطرف عنه .

حديث ينتقي مفرداته.. ومصطلحاته، يوصّف الأحداث والتطورات.. الازدواجية في المواقف والتحليلات سمات عامة تتلاقى في معظم ماذهب إليه أوباما في خطابه، بعد قصف تمهيدي سياسي وإعلامي بتسريبات وتسريبات مضادة ليتحول الانتظار إلى حوامل أولية لتسويق أفكار أرادت الإدارة الأميركية أن تدفع بها إلى الصدارة.‏

شريك في التغيير يعتلي منصة الحدث، ويوجه نصائحه المباشرة وغير المباشرة كأوامر عمل لاتخرج عن نطاق مايوجهه لحكومات ولاياته.. يقسم أطراف المعادلة العالمية، ويحدد توجهاتها ثم ينطلق ليتقاسم مغانم التغيير مستحوذاً على قطوعها.‏

المفارقة ليست في الصورة التي قدمت فيها الولايات المتحدة نفسها كمحرك وربما قائد للتغيير فحسب، بل في التلون إلى حدود التماهي.. حتى خيل للبعض أن من خرج إلى الساحات العربية قد تقدمهم أوباما أكثر من مرة.. وتعرف هناك على الشوارع ومفارق الطرق وميادينها.. حتى شعاراتها ساهم بخط يده في كتابة بعضها!!‏

سمع أوباما أصوات أولئك الذين ذكرهم في خطابه بوضوح حتى أنه حفظ كلماتهم.. لكنه لم يسمع صوت مئات الآلاف التي هدرت تطالب بحقها بالعودة إلى ديارها وأرضها وبيوتها.. ولم يسمع طوال ستين عاماً ونيف صوت الملايين من الشعب الفلسطيني ولا صراخ الأطفال والنساء في المخيمات.. أو في سجون الاحتلال..!!‏

لم يسمع أوباما.. ولم يرَ ماجرى ويجري في غزة من قتل وحصار وتجويع.. لم يشاهد طائرات الاحتلال الإسرائيلي وهي تغتال الفلسطينيين.. ولم يسمع أيضاً أصوات العراقيين الذين قتلتهم طائراته.. ولاصراخ الأفغان مما فعلته قواته..‏

لم يسمع ولم يرَ الشاب الفلسطيني حسن حجازي وهو يجتاز حواجز الاحتلال والغامه، ويقطع مئات الكيلومترات ليلوّح بمفتاح بيته في يافا.. ولم يسمع أو يرى جنود الاحتلال وهم يقتلون الأطفال والشباب!‏

حساسية السمع المفرطة لدى الرئيس أوباما.. لاتسمح له بسماع القصف والانفجارات لكنها تتيح له أن يسمع أصوات من ذكرهم!!.‏

وحساسية الرؤية لديه لم توفر له القدرة على رؤية كل مااقترفته إسرائيل.. وكل ما مارسته قواته في العراق وأفغانستان.. لكنها في الوقت ذاته أفسحت له أن يرى تفاصيل مشهد مفبرك على اليوتيوب والفيسبوك، بينما غابت عنه رؤية تلك الجماعات الإرهابية المسلحة بأذرعها الإقليمية والدولية وهي تقتل وتروع وتدمر وتخرب!‏

تلك هي الأذن الأميركية الحساسة والعين الأكثر حساسية في رؤية ماتراه مناسباً وغض الطرف عما لاترغب به.. ومايصلح هناك فإنه بالضرورة لايجوز هنا، بل من غير المسموح به.‏

سيمضي وقت آخر.. قبل أن تتحرك الأذن الأميركية خارج دائرة تلك الحساسية.. وقبل أن تغادر العين الأميركية تلك البقع التي انتقتها وتنتقيها.. وهي تربط مستقبلها بما يجري.. وأن قدراتها ستكون كلها لدعم مايجري..‏

هكذا أصبحت واشنطن شريكاً في التغيير, موطّناً له.. منطلقاً لفعالياته بمنطق الرؤية المواربة.. والسمع المجتزأ والحديث المبتور.. وبالفعل الذي يفرد أوراقه وينتشي ليكون شرطي العالم.. يهدد هنا.. ويملي هناك.. يعاقب هذا..ويكافئ ذاك..!!‏

السابق
الاخبار: فيلتمان نعى حقّ العودة وحدّد وظيفة الحكومة
التالي
الأسد يرفض عرضاً حمَله عرب أميركا