المحكمة الدولية تستعدّ ليوم الاتهام

تسعى المحكمة الدولية الخاصة بلبنان إلى استعادة الاهتمام الذي كانت قد حظيت به خلال المرحلة السابقة، إذ إنّ على المسؤولين فيها إعداد الساحة للقرار الاتهامي المنتظر، ولن تكون، على ما يبدو، الأحداث في سوريا بعيدة كثيراً عن لاهاي
 
«إن الجرائم التي تقع في سوريا ليست من اختصاصنا» أجاب أحد الموظفين في مقرّ المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري (المعروفة باسم المحكمة الخاصة بلبنان) لدى سؤاله عن تزامن تعديل المدعي العام دنيال بلمار القرار الاتهامي (أحيل القرار المعدل على قاضي الإجراءات التمهيدية دنيال فرانسين يوم الجمعة 6 أيار الجاري) مع تطوّر الأحداث في سوريا. ورغم تأكيده أنّ «المحكمة الخاصة تعمل وفق معايير قانونية ولا علاقة لها بالسياسة» أشار الموظف، الذي اشترط عدم ذكر اسمه، إلى أنّ «للمدعي العام حق انتهاج الأساليب المهنية التي يراها مناسبة لجمع المعلومات»، ولم يوضح إذا كانت تلك الأساليب تعني جمع إفادات شهود أو معلومات، أفادت وسائل إعلام دولية أخيراً أنّ مكتب بلمار حصل عليها من أجهزة استخبارات فرنسية. وأفاد الموظف أن أحد المحققين في مكتب بلمار قال له إنه تواصل مع المحققين بو أستروم (سويدي) وغونتر نيفر (ألماني) اللذين عملا في لجنة التحقيق الدولية المستقلة عام 2005. وكان رئيس اللجنة ديتليف ميليس قد اعتمد على تحقيقات أستروم ونيفر في صياغة التقرير الأول للجنة التحقيق الدولية المستقلة (2005)، الذي أشار الى ضلوع كبار المسؤولين في الجمهورية العربية السورية في جريمة اغتيال الحريري وادّعى، نقلاً عن شاهد سوري الجنسية، أن الشاحنة التي كانت محمّلة بنحو طن من المتفجرات، جهّزت في معسكر للجيش السوري في منطقة الزبداني. ولم يستبعد الموظف قيام عدد من السوريين، بينهم مسؤولون وضباط في الجيش وفي أجهزة الاستخبارات، كانوا قد تردّدوا في تقديم إفاداتهم على نحو رسمي الى لجنة التحقيق الدولية خلال مراحل عملها الأولى وإلى مكتب بلمار بعد انطلاق عمل المحكمة في آذار 2009، الى التزام الإدلاء بشهاداتهم أمام المحكمة في لاهاي. يُذكر أن «وحدة حماية الشهود» شهدت منذ الأسابيع الأولى التي تلت بداية الأحداث في سوريا حركة لافتة، وتواصلاً مكثفاً بمكتب بلمار وبالسلطات الأمنية الهولندية، وذلك بحسب الموظف نفسه الذي يعمل في أحد مكاتب مقر المحكمة في لاهاي.

مهرجان إعدادي

وكانت قد كُلّفت وحدة التواصل في المحكمة الدولية، التي تديرها الصربية أولغا كافران، تحسين صورتها، وخصوصاً قبل موعد الصدور المحتمل للقرار الاتهامي بعد تصديق القاضي فرانسين إيّاه. وفي هذا الإطار تنظم الوحدة بالتعاون مع «الهيئة العلمية لنشر ثقافة القانونية في العالم العربي» مؤتمراً في فندق البستان (بيت مري) من 26 الى 28 أيار الجاري، يلقي خلاله الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الكلمة الرئيسية. وسيتحدث في المؤتمر كذلك ما يزيد على خمسين شخصاً، من بينهم موظفون في محاكم دولية أخرى، ومحامون وقضاة سابقون والسفير الهولندي في لبنان هيرو دو بور، والنائب غسان مخيبر ووكيل الرئيس سعد الحريري القانوني. واللافت أن من بين جلسات المؤتمر العشر جلسة بعنوان «التطوّرات الراهنة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من حيث صلتها بالقضاء الجنائي الدولي»، بينما لا يشارك في المؤتمر أحد عن المحكمة الجنائية الدولية، التي يحقق المدعي العام فيها، لويس مورينو أوكامبو، في أحداث ليبيا.

البستان أجمل من العدلية

يبدو أن الرئيس السابق لمجلس القضاء الأعلى وعضو المجلس الدستوري والرئيس السابق لمحكمة الاستئناف في بيروت ونقباء والأعضاء السابقين في نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس، ومقرّر لجنة حقوق الإنسان النيابية والمدعي العام لدى محكمة التمييز السابق وأساتذة القانون اللبنانيين ورئيس «الهيئة العلمية لنشر الثقافة القانونية في العالم العربي»، الذين يشاركون في المهرجان الترويجي للمحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، مهتمون بالقضاء الدولي أكثر من القضاء المحلي. فمنذ اللجوء الى التدخل الدولي للتحقيق في جريمة 14 شباط 2005 حتى اليوم لم يحظَ القضاء اللبناني بالاهتمام الجدي الذي تحظى به محكمة ذات اختصاص لا يساوي نصف بالمئة من اختصاصات المحاكم اللبنانية، التي تعاني مشاكل عديدة ونقصاً حاداً في الموارد المادية والبشرية.

السابق
حُمّى “ملكة جمال الجامعة”:لا سياسة حتى إشعار آخر
التالي
معرض صور في عيد التحرير لوزارة الإعلام