حُمّى “ملكة جمال الجامعة”:لا سياسة حتى إشعار آخر

"المنافسة محمومة"، "الأعصاب مشدودة"، بهذه الكلمات يمكن اختصار الحالة التي تعيشها فئة كبيرة من الطلاب الجامعيين. ففي هذه الفترة من كل عام، تجري معظم الكليات الخاصة والرسمية مسابقة انتخاب ملكة جمال الكلية، لذا بدأت الاستعدادات لهذا الحدث منذ أشهر، وعلى حد تعبير أحد الطلاب "هذا النشاط لا يقل أهمّية عن انتخابات الهيئات الطلابية، لا سيّما انه يخوّل الملكة الرابحة الاشتراك في مسابقة ملكة جمال الجامعات".

"التاج… قطعة مِنّي"

"يوم واحد يفصلني عن تتويج ملكة جديدة، لا أنكر أنه من الصعب التخَلّي عن التاج الذي أصبح جزءا مني". بشيء من الصراحة والعفوية تحدثت ملكة جمال الحكمة لوتشيانا همبرسوم عن تجربتها قبل مشارفة ولايتها على الانتهاء، مؤكّدة ان فكرة المشاركة في المسابقة كانت بعيدة جدا عنها، لا سيما انها كانت في عامها الجامعي الأول. لذا تعتبر أنّ كل ما حدث معها صدفة: "لولا تشجيع الأصدقاء لي لم يخطر في بالي قط المشاركة، كنت أتعلم وأعمل في آن معا. لكن بعدما فكرت مَليّا، لم أجد مانعا في خوض هذه المغامرة".

لا تنكر لوتشيانا ان هذه المغامرة محفوفة بالمخاطر والتحديات، موضحة: "مثل أي مسابقة تفرض المنافسة شيئا من الغيرة بين المتباريات، ولكن لحسن الحظ تمكنّا، تدريجيا، من تخَطيها، وطغت روح الألفة بيننا". وتضيف: "يبقى الرهان الاكبر في دخول المشاركة في رهان مع ذاتها وتحدّ لما يمكن أن تقدمه".

خلال فترة ولايتها، عمدت لوتشيانا قدر المستطاع للمساعدة في تحسين الجامعة وتطويرها على المستوى اللوجستي، "تشاركنا والإدارة في تحسين كافيتريا الجامعة، وكنت أطمح للدخول في مجال توعية المراهقين، لو تسنّى لنا المزيد من الوقت".

أبعد من الجمال الخارجي

في ضوء تجربته في التحضير لملكة جمال جامعة الحكمة، وملكة جمال الجامعات منذ العام 2004، يولي الدكتور رامي الشدياق أهمية كبيرة لهذا الحدث، فيقول: "تشكل الجامعات المصدر الاساسي لمسابقة جمال لبنان، فمعظم المرشحات اللواتي يشتركن هُنّ في الاساس طالبات، من هنا أهمية تنظيم حدث ملكة جمال الكلية".

يضيف: "لا ينفصل هذا الحدث عن الاهداف التربوية التي تنشدها الجامعة، فهو يحمل في طياته منافسة ثقافية، لا تقف فقط عند مستوى الجمال الخارجي، لذا تتطلب من أي مشتركة مخزونا ثقافيا لا بأس به".

ويلفت الشدياق إلى أهمية اللقاءات الترفيهية والاجتماعية الخاصة التي يجب ان تجمع المتباريات، فيقول: "لا يمكن التخفيف من حدة المنافسة وروح التحدي بين المشاركات من دون نشاطات تجمَعهن، حفاظا على الروح الرياضية بينهن، لا سيما حين تكون المسابقة على مستوى جامعات لبنان كلها".

ماذا لو تسللت السياسة؟

وردا على سؤال إلى أي مدى تبقى نتائج هذه المسابقة بمنأى عن التجاذبات والتدخلات السياسية، يجيب الشدياق: "لا مجال للتشكيك في النتائج، نحرص على إبقاء المسابقة على مستوى محترم من المنافسة. لذا يصعب لأيّ كان التلاعب في ظل التدابير التي نحرص على اتخاذها، منها، على سبيل المثال تبقى أسماء لجنة التحكيم طي الكتمان إلى حين البدء في الاحتفال، مَنعا لأيّ تسريب أو ممارسة ضغوط على أحد".

أما عن المكاسب التي يمكن أن تحققها الفائزة في هذه المسابقة، فيعتبر الشدياق "ان المستوى المعنوي منها أهمّ من المادي"، ويوضح: "إلى جانب الجوائز القيمة التي تحصل عليها الفائزة باللقب، آفاق جديدة تفتح أمامها، وتحظى بفرص على المستويين المهني والعلمي، كما ان اللقب يعطي الملكة دفعا وزخما لحياتها. كذلك بإمكانها الترشّح للاشتراك بمسابقات أخرى دولية وعالمية".

اللمسات الأخيرة في "الاعلام"

تحضيرات كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية، لا تقلّ أهمية عن جامعة الحكمة، ويوضح رئيس الهيئة الطلابية جوزف شاهين: "شارفنا على وضع اللمسات الأخيرة لتنظيم مسابقة ملكة جمال الكلية، وذلك يوم الثلثاء 24 أيار"، مؤكدا "ان حماسة الطلاب متزايدة إزاء هذا النشاط. في العام الماضي تقدمت 10 مشتركات، في حين تقدمت هذا العام نحو 16 متبارية، وهذا دليل واضح على مدى نجاح هذه المسابقة وثقة الطلاب بها".

يعتبر شعيا أن لهذه المسابقة نكهة خاصة في الكلية، نظرا إلى طبيعة الاختصاصات التي تدرسها، "بصورة عامة طلاب الإعلام والعلاقات العامة بطبعهم مندفعين نحو الكاميرا والاضواء، لذا تراهم لا يترددون في خوض المنافسة متى توافرت لديهم المعايير والمقاييس المطلوبة". ولفت شعيا إلى أهمية هذا النشاط ومفاعيله: "فهو يسلّط الضوء على الوجه الآخر للكلية، كما انه يخرجها من التشنجات السياسية، مؤكدا ان المسابقة تجري بمنأى عن اي تدخلات أو تأثيرات سياسية".

بعدما سبق ان فازت ديزيره جعجع في مسابقة كلية الحقوق والعلوم السياسية في الجامعة اللبنانية، تشجعت شقيقتها شانتال للمشاركة في مسابقة كلية الاعلام، "لم أراهن على الفوز أبدا، بل تقدمت بكل حماسة واندفاع وبعض الفضول لما يمكن ان تخبّئه الأيام لحاملة اللقب، لذا يصعب نسيان لحظات تتويجي في العام المنصرم".

حُبّ المغامرة لديها لم ينته عند هذا الحد، فتقول: "لم أتردد في المشاركة بمسابقة ملكة جمال الجامعات، والمفاجأة الكبرى انني حصدت لقب الوصيفة الاولى". وتضيف: "قد يتّهم البعض كل من يفوز باللقب بالغرور، ولكنني حرصت على عدم التغيّر أو التكبّر، بطبيعة الحال، المرء هو من يعطي معنى للقب ويُزيّنه بأخلاقه وطيبة أفكاره، ولو بعد انتقال التاج إلى ملكة جديدة".

ختاما، تمنّت شانتال لو تسند للملكة بعض المهمات مهما كانت بسيطة، إنما فعّالة على مستوى الجامعة والوطن، وذلك انطلاقا من حرصها على مقاسمة "زملائها وكليتها فرحها بالفوز".

لا شك في ان هذا النوع من الأنشطة ضروري، فهو يعزّز الروح الرياضية بين الطلاب، ويبعدهم عن الانقسامات السياسية، ويزيد من مساحات التلاقي بينهم، فلا بدّ لهذه العدوى ان تنتشر في مختلف الجامعة.

السابق
أزمة نفايات النبطية… مَكانك راوِح
التالي
المحكمة الدولية تستعدّ ليوم الاتهام