“حزب الله” يستشعر “مخاطر” تدفعه إلى إطلاق دعوة التعجيل بولادة الحكومة

في اليومين الاخيرين ارتفع صوت اكثر من رمز من رموز "حزب الله" يدعو الى التعجيل في اصدار مراسيم تأليف الحكومة واستيلادها بعدما طال امر التشكيل.
ولقد اعتبر بعض المراقبين، ان مثل هذه "الدعوة" الملحة للتاليف سلوك جديد للحزب، وخصوصا انه منذ البداية آلى على نفسه النأى عن مسار التأليف لكي لا يبدو كأنه يمارس "ضغوطاً" معينة على رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي، لا بل ان رموز الحزب في الاسابيع القليلة الماضية مارسوا سياسة "الدفاع" عن التأخير في استيلاد الحكومة، وأدرجوا الموضوع في خانة المعتاد، انطلاقاً من رؤية فحواها ان عملية التأخير في الولادة صارت امراً مألوفاً في الحياة السياسية اللبنانية، بل هي جزء من "فولكلور" عملية التأليف ولا سيما بعد الشروع في تطبيق اتفاق الطائف. وعليه، فلا ريب ان ثمة من يسأل ما المستجد والطارئ الذي يستدعي من الحزب رفع صوته، مطلقاً التحذيرات الضمنية من "مخاطر" التأخير في استيلاد الحكومة".
ولا شك في ان السؤال يكبر عندما يقرن الحزب دعوته الى التعجيل في تأليف الحكومة العتيدة بتحديد مواصفات لهذه الحكومة اذ يطالب بأن تكون الحكومة المتوقع ظهورها حكومة "مواجهة".
بطبيعة الحال للامر "فلسفته" الخاصة لدى الحزب، وقراءته لمسار الامور تجعله يخرج عن سياسة الصمت التي اعتصم بها الى حد بعيد منذ اسقطت حكومة الرئيس سعد الحريري، ورست عملية التكليف على الرئيس ميقاتي، انطلاقا من اهمية انجاز "الاسقاط" وحدث التكليف في ذاتهما.
وثمة في الدوائر المحيطة بالحزب من يُرجع امر اطلاق الصيحة الى مسألة اساسية ذات حدين: الاول ان لديه شكوكاً في المعلومات التي تسارعت وتيرتها خلال الايام الاخيرة واوحت الى من يعنيهم الموضوع، ان ولادة الحكومة باتت قاب قوسين او ادنى، الى درجة ان بعض الاوساط السياسية، ومنها ما هو على صلة برئيس الوزراء المكلف، تحدثت في داخلها عن ساعات محدودات تستبق عملية الولادة.
الثاني: لان الحزب بات يستشعر ان التأخير في التأليف ينطوي على مخاطر واحتمالات شتى، اذ ان التطورات المتسارعة في المنطقة، قد تحمل في طياتها مستجدات قد تدفع بأطراف اقليميين معنيين الى القيام بمراجعة الاوراق التي بين يديها واعادة النظر في المواقف، وهو واقع ان حصل سيلقي بظلاله الثقيلة الوطأة على الساحة اللبنانية ومآل الامور فيها.
وكل ذلك، في نظر دوائر في الحزب يستدعي من جميع الذين هم على صلة بعملية تأليف الحكومة التعاطي بمرونة، وبالتالي التخلي عن التشدد ومن ثم تقديم "التنازلات". ومن الطبيعي ان ثمة من يسأل عن الجهة التي يتوجه اليها الحزب في كلامه الجديد هذا.
لا يخشى الحزب القول ان المعني الاساسي بهذه الدعوة هم جميع المعنيين باستثناء الرئيس المكلف نفسه وبالطبع ثمة بالنسبة الى الحزب جهة معينة مطلوب منها اكثر من سواها ابداء المرونة كي لا تحمَّل لاحقاً مسؤولية تعثر ولادة الحكومة. بالطبع لا يريد اي رمز من رموز الحزب، ان يتحدث عن مهل محددة معطاة للتأليف، ولكن الثابت ان الحزب هو من المرتاحين الى "الجهود المكثفة" والزخم فوق العادة الذي بذل من جانب العديد من الاطراف خلال الايام الاربعة الاخيرة بغية التعجيل في عملية التأليف، وهي ان دلت على شيء فإنها تدل على ان خط سير عملية التأليف لا يجوز ان يظل بالوتيرة السابقة نفسها، اذ ان ثمة اسبابا وذرائع كان يتسلح بها البعض في المرحلة السابقة قد تهافتت وتلاشت وبالتالي صارت عملية التأخير محوطة بحد من "الريبة". وفي كل الاحوال يبدو جلياً ان الدعوة العالية التي يطلقها الحزب هذه المرة الى الاسراع في عملية التأليف لا تضمر اطلاقا النيل من جهة معينة او تحميل جهة بعينها التبعات والمسؤوليات بقدر ما هي مساهمة مطلوبة لتكوين جو من "الجدية" يساهم في انهاء فترة المخاض الحكومي وتسهيل الولادة قبل ان يظهر ما لم يكن في الحسبان، وبالتالي تبقى الامور تراوح مكانها.
وعليه، فان الحزب ما برح يرسل الى من يعنيهم الامر انه على أهبة الاستعداد للمساهمة في التعجيل في ولادة الحكومة من خلال امرين اثنين:
– استعداده لان يقدم اقصى درجات المرونة حيال حصته فيها ان لجهة الأسماء او لجهة الحقائب.
– استعداده التام ليؤدي ما يمكن ان يطلب منه ان يؤديه في مضمار التوسط وتقريب وجهات النظر وتدوير الزوايا، علما ان الامر بالنسبة اليه ليس منة بل هو من باب لزوم ما يلزم

السابق
إعلاميون ضد العنف” استنكرت تعرض المصور وائل اللادقي للضرب
التالي
إسرائيل..والتغيير السياسي في العالم العربي