هل تسارع سوريا إلى رعاية الولادة الحكومية ؟

على رغم عدم صدور اي موقف رسمي من التطورات المستجدة مع مملكة البحرين على اثر خطاب الامين العام لـ"حزب الله" السيد نصرالله، فان مصادر سياسية معنية غير الرئيس سعد الحريري الذي سارع الى محاولة استيعاب الموضوع تفاديا لانعكاساته مع دولة خليجية صديقة في موازاة اظهار الخطأ من جانب الحزب، لم تخف انها كانت تتمنى لو لم يخض الامين العام للحزب غمار هذا الموقف خصوصا في التوقيت الحالي. لكن احدا لم يتناول هذا الموضوع علنا لاعتبارات متعددة من بينها عدم الرغبة في اظهار مدى التجاذبات في المواقف بين افرقاء الفريق الواحد وتقديم هدية مجانية للخصوم في هذا الاطار انما من دون انكار ان ضررا وقع نتيجة هذا الموقف. اذ في حمأة محاولات الرئيس المكلف نجيب ميقاتي من اجل تأليف حكومة مقبولة عربيا وخارجيا وارتياحه الى موقف عربي يتيم اصدره وزراء خارجية مجلس التعاون حول شخصه وتشجيعه على تأليف حكومة متوازنة، فان هذا التشجيع ولو في حده الادنى بات معرضا للخطر في ضوء المواقف الاخيرة للامين العام للحزب خصوصا في ظل اعتراض خليجي واسع على ما يعتبرتدخلا ايرانيا في شؤون الدول العربية ومن بينها لبنان عبر "حزب الله".
ولن يكون سهلا معالجة ما يصيب العلاقات الثنائية وما يصيبها في ظل الاجواء المتوترة عربيا ولبنانيا خصوصا ان موقف السيد نصرالله تشظى في اتجاه العائلات اللبنانية في البحرين مما يثقل اكثر فاكثر على الرئيس المكلف داخليا وعربيا ايضا خصوصا ان المسألة هي اكثر تعقيدا مما حصل مع مصر في ظل الظروف الاقليمية الخطيرة وفي ظل حكومة لن يشكل "حزب الله" جزءا بسيطا منها كما في الحكومة السابقة بل يشكل عمادها وعنوانها الاساسي. وتعتقد هذه المصادر ان هذا الموقف زاد تعقيدات على تلك التي يواجهها تأليف الحكومة علما انها ليست التعقيد الوحيد القائم في وجهها وعلما ان الخارج لا يزال ينتظر طبيعة الحكومة ومن ستضم للحكم عليها كما على بيانها الوزاري. ويبدو ان الافرقاء المعنيين بالمشاركة في الحكومة قد تناسوا ما يترتب على الحكومة العتيدة خصوصا ان الكلام على المصارف وحدها بعد الحظر الذي تناول البنك اللبناني الكندي كان مؤثرا الى درجة مؤذية على الوضع الاقتصادي واثار استياء كبيرا حيال ما يمكن ان يجره مزيد من هذه المواقف علما ان لبنان ليس معزولا عما يجري في المنطقة وهناك مخاوف ان يحدث زلزال اليابان كارثة مالية على غرار الازمة المالية التي هزت العالم قبل بعض الوقت. اذ باستثناء النائب وليد جنبلاط الذي لم يحدد ما يريده من الحكومة شكلا وتوزيعا ولم يخض غمار تحديد المواصفات فقد لفت انتباه مصادر سياسية مواكبة للاتصالات حول تأليف الحكومة العتيدة ان لكل من الافرقاء في هذه الحكومة تطلعات خاصة في توصيف الحكومة العتيدة.
رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان اكد اكثر من مرة خلال مهلة الشهرين اللذين اعقبا اسقاط الحكومة وعلى لسان زواره انه لن يوقع حكومة من لون واحد.
رئيس مجلس النواب نبيه بري وفي اخر مواقفه الاربعاء في 23 من الجاري اعاد التشديد على ضرورة تأليف "حكومة انقاذ وطني".
رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي تحدث مرارا عن حكومة متوازنة تكون مقبولة من جميع اللبنانيين.
رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون شدد في مؤتمره الصحافي في 22 من الجاري على ان الحكومة العتيدة هي حكومة اللون الواحد شئنا ام ابينا ومسؤوليتها هي من لون واحد.
الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في اخر اطلالة له الى جانب مسؤولين من الحزب في عطلة الاسبوع المنصرم طالبوا بحكومة "مقاومة".
ومع ان كلا من التوصيفات التي يطلقها المعنيون بالحكومة العتيدة تحظى بوافر من الملاحظات من مثل التساؤل عن مدى امكان رئيس الجمهورية عدم توقيع حكومة من لون واحد في حين ان الحكومة ستكون فعليا من لون سياسي واحد او كيف يمكن ان تكون حكومة انقاذ وطني في ظل اتهامات للفريق المعارض بالتخوين او بالعمل لمصلحة اسرائيل، فان غالبيتها صدر مع الفورة الاخيرة المتجددة حول تأليف الحكومة التي حفزتها التطورات المفاجئة في بعض المناطق السورية. اذ ان هذه التطورات لم تكن مرتقبة وهي مرفوضة في اذهان كثر وغير مؤهلة للنجاح في رأيهم الا انها قد تكون سببا وفق هؤلاء للمسارعة في اظهار القدرة السورية على الاستمرار في الامساك بالامور ورعاية تأليف الحكومة في لبنان. لكن صورة المواقف اللبنانية وحدها كافية وفق هذه المصادر لاظهار ليس فقط مدى التباينات في تحديد وجهة الحكومة العتيدة بين افرقاء الصف الواحد بل ايضا التخبط في ظل عدم وجود ضابط ايقاع هو دمشق التي نأت بنفسها وحتى اشعار اخر عن التدخل لمصلحة الاسراع في تأليف حكومة من حلفائها لاعتبارات متعددة لا مجال للدخول فيها، وفي ظل عدم وجود تغطية سورية لهذه الحكومة يعتقد كثر ايضا انها لن تحصل مع التطورات المستجدة في سوريا حيث يتعين ان تكون الموازين الاقليمية اكثر دقة من اي مرحلة سابقة في ضوء طبيعة التحديات التي تواجهها.
ويخشى في ضوء ذلك ان تكون الامور تخطت موضوع الحكومة الى امور اخرى قد تضع لبنان على خط الزلزال الجاري في المنطقة ولو بنوع اخر من الاهتزازات.

السابق
“سلّم الخوف” لدى نتنياهو زاد درجة!
التالي
إلى مجرمي ويكيليكس: مغفورة لكم مجازركم!