“سلّم الخوف” لدى نتنياهو زاد درجة!

وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق وأحد كبار القادة السابقين لحزب ليكود موشيه آرينز نفّس بالون الخوف لدى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه إيهود باراك، مؤكداً أن نوبة القلق التي تجتاحهما في الآونة الأخيرة بسبب تفاقم ما يسمى "حملة نزع الشرعية عن إسرائيل" في العالم، والتي تجعلهما يضخمان المخاطر المحدقة بالدولة العبرية، ليس لها ما يبررها، فضلاً عن انعدام أي إشارة جوهرية إلى تدهور وضعها السياسي الدولي ("هآرتس"، 16/3/2011).
وبرأيه فإن الحكومات الحالية في كل من فرنسا وإيطاليا وهولندا تتعامل مع إسرائيل بشكل أكثر إيجابية من سابقاتها، وفي الاتحاد الأوروبي تواصل دول وسط أوروبا وشرقها الإعلان عن صداقتها لإسرائيل وتشدّد على العلاقات الخاصة التي تربطها بها، كما أن كندا التي على مدار أعوام طويلة تعاملت ببرود مع إسرائيل تتصرف الآن في ظل رئيس الوزراء ستيفان هاربر بودّ ظاهر حيالها، والأهم من ذلك كله أن الكونغرس الأميركي الجديد ودي على نحو خاص إزاء إسرائيل ويمكن الثقة به في أن يقوم بتوثيق العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل وأن يصدّ عن الأخيرة الضغوط من جانب الإدارة الأميركية. وجزم بأن تجليات نوبة القلق هذه تبدو أكثر هراء من أن تكون حقيقية، ولذا فلا بُدّ من إحالة المصابين بها إلى طبيب نفساني.
وتمثلت خلاصة آرينز الأهم في طرح التساؤل التالي: هل يُحتمل أن يكون رئيس الحكومة ووزير الدفاع يحاولان بشكل منسق "خداع" الجمهور الإسرائيلي العريض؟
ربما تقدّم الأيام المقبلة جواباً عن هذا السؤال، وإلى حين ذلك نستعيد ما أكده أكثر من محلل سياسي لإسرائيل حول سياسة نتنياهو، وخصوصاً بشأن كونها تنطلق من خوف عميق من التهديدات أو المخاطر التي يرى أنها محدقة بإسرائيل، ومنه يستقطر سلم أولوياته، وبناء عليه فإن من الطبيعي أن يكون سلّماً يبدأ بالخوف وينتهي به.
وقبل نحو عام ونصف العام رسم أحد هؤلاء المحللين سلّم الأولويات لدى رئيس الحكومة الإسرائيلية المشتق من الخوف على النحو التالي: "أولا، يجب منع إيران من تطوير قدرة نووية عسكرية؛ ثانيا، لا بُدّ من إيجاد حل ملائم لتهديد الصواريخ والقذائف الصاروخية؛ ثالثا، يجب علينا أن نحصّن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها". وقد أضيفت إلى هذا السلم أخيراً درجة خوف رابعة: إسقاطات ثورة التغيير التي تكتسح العالم العربي.
ما العمل؟
يريد نتنياهو تجنيدا دوليا في مواجهة إيران تتصدره إجراءات لضعضعة النظام فضلاً عن فرض عقوبات شديدة. وهو على أعتاب اقتراح حل وسط مرحلي مع الفلسطينيين يقوم على أساس تسوية جغرافية في الضفة الغربية وتحديد "حدود آمنة ومعترف بها" لإسرائيل، وفي مقدمه ترتيبات أمنية الهدف منها منع تهريب القذائف الصاروخية والصواريخ إلى الضفة الغربية. كما أنه يعمل على تطوير منظومات دفاع ضد الصواريخ، وعلى تحصيل ضمانات دولية تحصن "حق إسرائيل في الدفاع عن النفس في وجه الإرهاب"، أي تكفل "حقها" في التعرّض لسكان مدنيين.
وبحسب تقديراته فإن المطالب الأمنية ستكلف عشرات مليارات الدولارات، وكي لا تنهار إسرائيل فإنها بحاجة إلى الحفاظ على نمو اقتصادي يراوح بين 4- 5 في المئة في السنة. ولذا فإن نموذجه الأمني لا بُدّ من أن يستند إلى تعميق الارتباط الإسرائيلي بالولايات المتحدة.
بالطبع فإن ما هو غير موجود هنا لا يقل أهمية، وهو أن نتنياهو لا يرى، أو يتظاهر أنه لا يرى، أن ليس كل ما تريده إسرائيل يظل رهـناً بها وحدها، كما ثبت بضع مرات في السابق. كما يجوز أن نعثر في قراءة آرينز على اتهام صريح فحواه أن تمسك نتنياهو وباراك بالخوف يعود إلى أسباب تخصهما وحدهما، لكن تداعياته المحلية والإقليمية يمكن أن تكون أشد وأدهـى.

السابق
أرض الجنوب جغرافيا الرسالات
التالي
هل تسارع سوريا إلى رعاية الولادة الحكومية ؟