الجهاد الجديد.. هل من علاج؟

مشهد العائلة اللبنانية/الأمريكية التي منعتها شركة طيران في بوسطن الأسبوع الماضي من السفر لأنها مسلمة، كان كئيباً ومؤثراً في آن. ولم يكن حادثاً فردياً بل موجة من السخط والإرتياب (إسلاموفوبيا) بدأت تخامر المجتمع الأمريكي ضد المسلمين العرب بعد تكرار الهجمات الإرهابية في أوروبا وأمريكا والتي أصبحت مادة يستخدمها المرشحان الجمهوريان، ترمب وكروز لاستهداف الجاليات المسلمة بتركيز غير مسبوق. حملة تدعو وجاهاً لتقصّي مصادر التطرف الديني والحد من الإرهاب.

إقرأ أيضًا: داعش بالموصل وبجونية كمان..

لكن التفجيرات الأخيرة في أوروبا وبخاصة بلجيكا أفرزت للمراقبين موجة جديدة من الإرهاب غيرت مفاهيمه التقليدية. هؤلاء الإرهابيون لم يكونوا متشددين دينيين تحولوا إلى متطرفين بل متطرفين تحولوا لمتشددين، والفرق كبير:الأخَوان اللذان نفذا تفجيرات بروكسل لم يكونا متدينَين بواقع أنهما سلكا طريق الشر بين سرقات واعتداءات ومخدرات منذ نشأتهما، وعندما دخلا السجن لم يبق أمامها سوى طريق واحد: الجهاد. ولا تختلف قصتهما كثيراً عن سيرة أمثالهما في باريس وسواها. في دراسة أجراها الإجتماعي البلجيكي ريك كولسيت عن هذه الظاهرة تبين أن بلجيكا تتقدم أوروبا في تنامي الإرهاب لسببين: أنها أولاً منقسمة إتنياً بين شعبين ولغتين، وثانياً أن أبناء الجالية الإسلامية المتزايدة فيها لم يصيبوا قدراً من الثقافة يؤهلهم للإنخراط والتفاعل مع مجتمعهم الجديد. هذا الجيل الجديد الذي لا يتعدى عمره العشرين، يعاني من التوحد والعزلة في مجتمع غير متكافيء ولا يلقى سوى الحرمان والتمييز العنصري، وخياره الوحيد التمرد والثورة التي تقوده إلى الإجرام، ثم نحو المغامرة الكبرى التي لا بد منها.. الجهاد!   

هنا يبرز مظهر متجدد من الإرهاب. شباب لا يُقبل عليه بدافع التديّن فحسب، بل للتعبير عن تلك الثورة المكبوتة تجاه مدنّية يمسك زمامها العالم الغربي ويحصرها بمقاييس محددة لا يستطيع الشباب المسلم اختراقها بالفكر والكفاءة بل بالثورة والعنف. ويقدم الإسلام الراديكالي أيديولوجية مؤاتية لتخصيب هذا التوجه عبر الإنترنت ووسائل التواصل الإجتماعي. والمطلوب حالياً من أئمة المسلمين إيجاد حلول للنصوص المؤدية لتأجيج هذه السلوكيات المغايرة في عصر العولمة الهادر كي يتمكن المسلمون من التعايش والتفاعل داخل مجتمعاتهم الجديدة وأن يخضعوا لقوانين الدول المضيفة ويتماذجوا مع أنماط الحياة فيها.

إقرأ أيضًا: داش ودواعش

وما يقوم الأوروبيون به الآن من تنفيذ للقوانين وتفتيش للمساجد والسطو على خصوصيات الجاليات الإسلامية لوضع اليد على متطرفيها لن يكون مجدياً. بل يجب البحث عنهم في البارات وزواريب المخدرات وغياهب السجون: هناك، حيث يتم إعدادهم للتطرف قبل أن يحتضنهم الإسلاميون.

(الدبور)

السابق
الحريري التقت روابط العائلات الصيداوية : الانتخابات البلدية هي من علامات الديمقراطية في البلد
التالي
رحم الله «حارس البلدية»