سوريا الأخطر حول العالم.. فما مرتبة لبنان؟

“عالم اليوم لم يعد آمناً” عبارة باتت الآن واقعيّة أكثر من أيّ يوم مضى، خصوصاً بعد صدور النسخة التاسعة من نتائج مؤشر السلام العالمي (GPI) التي تشرف عليها مؤسسة (IEP) او المؤسسة من اجل الاقتصاد والسلام. هذا المؤشّر الذي يرتّب 162 بلداً في تصنيف ينطلق من الدول الأكثر مسالمة وصولاً الى الأكثر خطورة من بينها، برزت في أرقامه معدّلات تشير الى تدهور في السلام العالمي.

المؤشّر الذي صدر للمرّة الاولى عام 2007 نشأ عن فكرة لمتعهّد الهندسة المعلوماتيّة الاوسترالي ستيف كيليليا، وقد دعمها لاحقاً سياسيّون وقادة مدنيّون وروحيّون بارزون مثل الامين العام السابق للأمم المتحدو كوفي أنان والزعيم الروحي للتيبت الدلاي لاما والرئيس الاميركي الاسبق جيمي كارتر وغيرهم. وهو يأخذ في الاعتبار 23 مؤشّراً لترتيب الدول من بينها حيازة الاسلحة النووية وضحايا الحروب الداخلية والمظاهرات العنفيّة والاستقرار السياسي واستيراد وتصدير الاسلحة وغيرها …

احتلّت أيسلندا المرتبة الأولى من حيث كونها أكثر الدول سلميّة (1/162) بعدما تنازلت لها الدانمارك عن الصدارة في هذا المجال لتكتفي الأخيرة هذا العام بالمرتبة الثانية. في الوقت نفسه، تصدّرت سوريا وفق نفس التصنيف، لائحة الدول الاكثر خطورة في العالم (162/162). وجاءت خلفها مباشرة جارتها العراق، حيث استطاعت هاتان الدولتان ان تصبحا أسوأ من افغانستان التي جاءت في المركز الاخير ضمن اللائحة عام 2013 لتعود وتتركه لسوريا هذه السنة. أمّا باكستان فتخلّفت عن جارتها بستّ مراكز (154).

وعُرفت بعض دول اوروبا طويلاً بميلها للسلام فجاءت الأرقام لتؤكّد تلك الفكرة، حيث حلّت النمسا مثلاً في المركز الثالث، سويسرا في المركز الخامس، فنلندا في المركز السادس ، بلجيكا التاسع، بينما احتلّت تشيكيا المركز العاشر. اسوج والنروج جاءتا تباعاً في المركزين الثالث عشر والسابع عشر على رغم سمعتهما المسالمة وذلك بسبب الارتفاع الطفيف في نسبة الجرائم قياساً بجارتيهما الدنمارك، والارتفاع الهائل في نسبة تصدير الاسلحة، حيث تحتلّ اسوج المرتبة الثانية عشرة عالميّاً في هذا الموضوع بحسب صحيفة “الاندبندنت”.

اليابان نالت المرتبة الثامنة في المؤشّر لتؤكّد توجّهها السلمي الذي انتهجته بعد الحرب العالميّة الثانية. ومن بين الدول غير الاوروبيّة التي جاءت ضمن الدول العشر الاكثر سلميّة كانت نيوزيلندا (4) كندا (7) و أوستراليا (9).

وإذا ما تمّ استعراض الدول الدائمة العضويّة في مجلس الأمن والتي يفترض بها أن تساهم بشكل جدّي في حماية السلام العالمي، لاحظ المرء أنّ الولايات المتحدة احتلّت المرتبة 94 من أصل 162 فيما كادت غريمتها الأزليّة روسيا تدخل لائحة الدول العشر الأكثر خطورة على السلام (من المرتبة 153 الى 162 ) لكنّ كوريا الشماليّة احتلّت المركز العاشر في هذه اللائحة، ما جعل الدولة الروسية تأتي خلفها في المركز 154. الصين من جهتها جاءت في المرتبة 124. فرنسا التي شهدت عمليّات إرهابيّة عدّة خلال السنة الفائتة نالت المركز 45 امّا بريطانيا فالمركز 39. بينما جاءت ألمانيا، الدولة المحورية في الاتحاد الاوروبي، في المركز السادس عشر.

الدول العربية

عربيّاً عرفت دول الخليج تفاوتاً لافتاً في المراتب، فاحتلّت قطر المرتبة الأولى (33) تلتها الكويت (39) ثمّ الإمارات (49). أمّا الأزمة في دولة اليمن فأطاحت بها الى المرتبة 147 فيما حلّت السعوديّة في المرتبة 95. وعلى الضفّة الأخرى من الخليج العربي، حصلت الجمهوريّة الاسلاميّة في إيران التي وقّعت مؤخّراً على الاتفاق النووي مع مجموعة الدول الست على المرتبة رقم 138.

وبالعودة الى الدول العربيّة المطلّة على المتوسّط، لم يكن لبنان أفضل حالاً بكثير من ليبيا التي تمزّقها الحرب الأهليّة حاليّاً فاحتلّ المرتبة 145 فيما احتلّت الثانية المرتبة 149. تونس التي منها انطلقت شرارة الثورات العربيّة، حصلت على المركز 76 عالميّاً متفوّقة بذلك على جارتيها الغربيّتين اللتين لم تطلهما هذه الثورات: الجزائر (104) والمغرب (86). مصر والاردن جاء تصنيفهما تباعاً 137 و 71 أمّا الدولة العبريّة الواقعة على حدودهما فقد جاءت في المرتبة 148.

لا تشير التطوّرات السياسيّة والعسكريّة المتلاحقة الى حصول اختلافات جذريّة على هذا التصنيف في السنة المقبلة. إذ يتوقع أن يبقى الشرق الاوسط وافريقيا شاهدين على تسيّد العديد من دولهما مراتب سيّئة في هذه اللائحة، طالما أنّ الحكومات لن تبادر الى عقد حوارات سياسيّة صريحة كي تبني خارطة طريق واضحة للنهوض بشعوبها من حال الاقتتال الدائم، الى حال تطوير مستدام للنواحي السياسية والاقتصادية والعمرانية دخل هذه الدول.

السابق
انقلاب «داعش» على الأتراك
التالي
الشرطة في اسطنبول تداهم مواقع لمتمردين اكراد ومقاتلين