هذا ما يجري في القلمون: حرب أعصاب ومعلومات مغلوطة

كثر في الأسابيع القليلة الماضية الحديث عن معركة القلمون المقبلة، وبين تأكيد بدء المعركة ونفيها، يبقى الأكيد أنّ حزب الله يستعد لهذه المعركة عبرتحضيرات عسكرية ولوجستية ورسم خطوط تماس جديدة في انتظار ساعة الصفر.

 

نشرت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية الرسمية “إرنا” أمس تقريراً أعلنت فيه أنّ مقاتلي “حزب الله” سیطروا: “علی عدد کبیر من المواقع التابعة للجماعات الإرهابیة التكفیریة في جرود منطقة القلمون السوریة، وذلك بلا قتال وبالتنسیق مع الجیشَین السوري واللبناني”، بعد انسحاب المسلّحين “من عدد من مواقعهم في جرود القلمون تحت جنح الظلام، في اتجاه تلة مسعود وجرود عرسال”.

وأوردت “إرنا” معلومات أكدّت أنّها “حصرية لها” تفيد أنّ “المرحلة الثانیة من معرکة القلمون ستبدأ بهجوم واسع من أربع جبهات لتضییق الخناق علی الإرهابیین التكفیریین، في تلة موسی ومحیطها”. ونقلت الوكالة عن “القائد المیداني المعني بهذه المعرکة” قوله إنّ “المعرکة المقبلة ستكون على کل الجبهات المیدانیة، وبمشارکة کافة الأسلحة بما فیها سلاح الجو”. وتحدث عن “مفاجآت” ستذهل الجمیع خصوصاً في الأداء والتنفیذ وقضم المواقع وتحریر المنطقة بالتنسیق الكامل مع الجیش السوري وأطراف أخری”، لافتاً إلى أنّ “تحریر القلمون وجرود السلسلة الشرقیة من جبال لبنان سیكون متزامناً مع ذکری تحریر الجنوب اللبناني في 25 أیار من العام 2000”.

وفي السياق نفسه أكدّ مصدر عسكري رفيع لـ”الجمهورية”، أنّ “الجيش لا دخلَ له بمعركة القلمون المنتظرة، لأنّها تحصل داخل الأراضي السوريّة، وليس في الأراضي اللبنانية”، نافياً نفياً قاطعاً “أيّ تنسيق بين الجيش اللبناني من جهة، و”حزب الله” والجيش السوري من جهة أخرى”، مشيراً إلى أن “الجيش يقوم بواجباته كاملة على الحدود لحمايتها من أيّ ارتدادات محتملة لمعركة القلمون، وهو تَحضّر جيداً لأيّ هجوم مُباغت أو محاولة فتح ثغرة على الحدود”.

هذا وقد ترددت معلومات صباح أمس مفادها أنّ معركة القلمون إنطلقت، وأنّ المسلحين أخلوا مواقعهم، لكن سرعان ما تبيّن أنّ هذه المعلومات غير صحيحة. وعلمت “الجمهورية” أنّه تمّ تناقل بيان مزوّر باسم “الاعلام الحربي” في “حزب الله” على المواقع الالكترونية.

كما ذكرت “الجمهورية” أنّ “حزب الله” يجري بحثاً دقيقاً لملاحقة مصدري هذا البيان المزوّر باسم “الاعلام الحربي”، كما أكّدت مصادر حزب الله لـ”الجمهورية” و”النهار” أنه “كلام غير صحيح على الاطلاق”، وكشفت أنّ “العملية العسكرية في القلمون لم تبدأ بعد وما يجري على الأرض هو إعادة تموضع وتعزيز مواقع وتحضيرات عسكرية ولوجستية ورسم خطوط تماس جديدة في انتظار الساعة صفر”.

القلمون

وبحسب معلومات “الأخبار”، “نفّذت المقاومة مناورة ضخمة، ضيّقت فيها الخناق على المسلحين. لم تبدأ “معركة الربيع” بعد، رغم حسم القرار في شأنها. والجميع في إنتظار الأيام المقبلة.. وذكرت مصادر قريبة من تيار المستقبل أن النافذين في بلدة عرسال تبلغوا قراراً سياسياً واضحاً بأن الملف الأمني والعسكري في تلك المنطقة بيد الجيش اللبناني وحده، وأنه لا مجال لأي نوع من المداخلات سوى تلك التي تساعد على تحييد المدنيين أو النازحين السوريين. وقالت المصادر إن وزير الداخلية نهاد المشنوق أمن اتصالات بعدد من النافذين اللبنانيين والسوريين في تلك المنطقة، عارضاً اقتراحه نقل مخيمات النازحين الواقعة على تخوم الجرد الى مناطق أخرى داخل البقاع، وأنه شدد على عدم توفير أي غطاء لأي مجموعة لبنانية أو سورية يعتبرها الجيش اللبناني مصدر خطر.

الجيش اللبناني نفى بشكل جازم أيّ تنسيق بينه وبين حزب الله والجيش السوري من جهة أخرى

في المقابل، فإن قوات المقاومة تنتظر «النداء» من غرفة عملياتها، وإعلان بداية الهجوم. وتشير المصادر إلى أن قيادة الأركان في المقاومة أحاطت بنقاط قوّة عدوها، وضعفه أيضاً، وعملت على تطوير منظومتها النارية لتتلاءم مع طبيعة المعركة. فمنذ الصيف الماضي، جمعت الطائرات المسيّرة بنكاً كبيراً من الأهداف التابعة للمسلحين. وبحسب المعطيات، فإن ما قامت به المقاومة هو رسالة الى ثلاث جهات في آن، وقد فهمها الجميع جيّداً. للإسرائيلي، بأن المقاومة قادرة على فتح جبهات عديدة في آنٍ معاً. ولطمأنة جمهور المقاومة؛ وللمسلحين بأن «ما تشاهدونه من حشود ليس إلا جزءاً مما ينتظركم».

كذلك كشفت “الأخبار” أنّ مصادر “النصرة” تستبعد بدء معركة القلمون في المدى المنظور، وتابعة المصادر بحسب “الأخبار” أن «الحزب لن يدخل في معركة استنزاف طويلة يخسر فيها مئات القتلى في منطقة لا خطر داهماً فيها»، لافتة إلى أن «أولويته في حلب وإدلب واللاذقية لتعويض خسارة النظام». وتعتبر مصادر «النصرة» أن «مبالغة الحزب في الإستعراض والإستثمار الإعلامي لحربه النفسية تكشف أن نيته تقتصر على إرسال رسائل، لا على خوض معركة». وعما يشاع عن مفاوضات بين حزب الله ومجموعات المسلحين لفتح طريق آمن تمهيداً لانسحابهم إلى الداخل السوري، تؤكد مصادر مطّلعة أنها نجحت مع بعض الفصائل، لكنها لم تُحسم مع «النصرة» بعد. غير أن مصادر «النصرة» تنفيها قائلة: «نعتبر الانسحاب خيانة لدماء الشهداء. لو أردنا الانسحاب لانسحبنا من القلمون باتجاه الشمال عندما كان الطريق سالكاً وليس الآن».وهدّدت بأنه مع «أي تقدم للحزب أو الجيش اللبناني سنبدأ بإعدام العسكريين تدريجاً»، كاشفة أن «جيش الفتح» صار في القلمون.

السابق
إسطنبول: جهود لتوحيد «البندقية الإسلامية» السورية
التالي
الحريري يلتقي بوتين ولافروف ويسعى لتحصين الداخل بتسهيل الرئاسة