التصريحات الايرانية «الإستكباريّة» رسالة إلى أميركا والإيرانيين

الحرس الثوري الايراني

نقلت وكالة الأنباء الطلابية الإيرانية عن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني قاسم سليماني قوله “إن إيران لديها وجود في لبنان والعراق، وإن كلا الدولتين تحققان المصالح الإيرانية. وأضاف أن إيران لديها القدرة على التحكم في الأردن بنفس الطريقة التي تتحكم بها بلبنان والعراق. وأكد سليماني على أن الثورات في العالم العربي تأخذ ببطء طابعًا إسلاميًا، على غرار الثورة الإسلامية في إيران، وأنه يجب على طهران تقديم العون والإرشاد لهذه الثورات”.

وكنا سمعنا تصريحات قبل أسبوع أدلى بها “الشيخ علي يونسي” مستشار الرئيس الإيراني “الشيخ حسن روحاني” خلال منتدى “الهوية الإيرانية” المنعقد بطهران في 8/3/2015، حيث قال: “إن إيران اليوم أصبحت إمبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حاليا، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما الماضي”.

ويبدو ان المسؤولين الايرانيين في وزارة الخارجية شعروا بالاحراج من هذين التصريحين فاستجاب الحرس الثوري وأعلن في بيان ان كلام سليماني “حرّف وغير صحيح” مع أنه لم يعرض أحدا التسجيل الصوتي الحقيقي للجنرال كي يتم دحض ما نسب إليه، وكذلك أعلن أن “الشيخ يونسي” أحيل الى التحقيق لدى محكمة رجال الدين – وهو طبعا اجراء شكلي – بسبب ما أدلى به حول العراق، لكن المراقبين المختصين والمتابعين للشأن الايراني أرجعوا أسباب هذه التصريحات الإستفزازية و”الاستكباريّة” التي لا تستقيم مع مبدأ حسن الجوار، ولا التعاون الإقليمي بين الدول التي تدعي إيران أنها تسعى لتحقيقه، فحددوا ثلاثة أسباب وهي:

اولا: طرح ايران ما لديها من أوراق إقليمية تثبت هيمنتها وتؤكّد نفوذها على العديد من الدول العربيه لا سيما في لبنان والعراق وسوريا، ووتثبت قدرتها على حلّ الأزمات التي تجتاحها اذا ما أشركت بعمليات التسوية، وذلك بالتلازم مع وصول المفاوضات حول الملف النووي بين ايران والدول الكبرى الى مراحله النهائية فإذا توصلت المجموعة الدولية (الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا) وإيران إلى اتفاق سياسي بحلول 31 آذار الحالي ، سينتقل الطرفان إلى مرحلة إعداد اتفاق نهائي وكامل من المقرر أن يتم التوصل بنهاية حزيران. لذلك، تعلو النبره الايرانية وتعلن سيطرتها على ملفات عديدة في المنطقة من أجل تحسين شروط المرحلة الأخيرة من التفاوض قبل توقيع الاتفاق الاستراتيجي الكبير والمنتظر، الذي تطمح ايران من خلاله تثبيت مكانتها الإقليمية والدولية بعد انفكاك العقوبات الاقتصاديّة عنها.

ثانيا: توجيه رسالة قوة الى المواطنين في الداخل الايراني، مفادها انّ بلدهم أصبح دولة إقليمية كبرى في المنطقة لا يمكن تخطيها، وكل ذلك بفضل جهود الحرس الثوري وقادته من أمثال الجنرالات جعفري وصفوي وسليماني قائد فيلق القدس، وقد صاحبت الأخير في السنة الماضيه حملات اعلان تبجيلية تولاها الاعلام الايراني من أجل تحويل شخصه الى “أيقونة الثورة” على حد تعبير ذلك الاعلام. وفي ذلك كما يقول مراقبون استهداف من ساسة طهران لأمرين مهمين، الاول هو بث روح الحماسة لدى العقائديين الموالين لحكم ولاية الفقيه ولمشروع ايران الاقليمي، والهدف الثاني هو تغطية الأزمات الداخلية، فالشريحة الأوسع من الشعب الايراني تعاني من تدهور الوضع الاقتصادي مع انخفض اسعار النفط وهي تنتقد سياسة المحاور والمشاريع الخارجية التي تستنزف الخزينه دون النظر الى حقوق الشعب ومصالحه.

ثالثا: توجيه رسالة قوة الى الخارج والى الدول العربية المهيمن عليها أو التي تتمتع فيها طهران بنفوذ ممتاز وهي العراق ولبنان وسوريا واليمن وغزة، لافهام من يهمه الأمر من قادة تلك الدول ورؤسائها ان لا مجال لحلّ الأزمات في بلادكم دون مشورتنا وإذننا.

واذا كانت أوساط نيابية لبنانية في “14 آذار” استنكرت التصريحات الخطيرة التي أدلى بها قائد “فيلق القدس” حول نفوذ بلاده في لبنان، فانه في العراق أيضا سجّل رفض وزير الخارجية العراقي ابراهيم الجعفري تشكيل حلف مع إيران وسوريا لمواجهة الإرهاب، مشددًا على أنّ العراق يعمل مع حشد دولي واسع لمواجهة “داعش” ولايتطلع إلى اي حلف اخر حيث ان سياساته مستقله وقراره حرا وحريص على سيادة واستقلال البلاد.

أما رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الذي سوف يلبي دعوة لزيارة الولايات المتحدة الأميركية منتصف الشهر المقبل، لم تستفزه هذه التصريحات الايرانية التي تتكرّر باستمرار لغايات معروفة في الفترة الأخيرة، وهو اختار ان يردّ بشكل هادىء من داخل البيت الإيراني، فأجرى أول أمس مباحثات هاتفية مع الرئيس حسن روحاني الاثنين تناولت العلاقات بين البلدين والحرب ضد تنظيم “داعش” ومستجدات الأوضاع في المنطقة وشدد على أن «العراق يرحب ويثمن وقوف الدول الجارة والصديقة بضمنها إيران والتحالف الدولي معه في حربه العادلة ضمن احترام سيادة العراق ووحدة أراضيه، وذلك بعيدًا عن الاستقطابات الدولية او الاقليمية»، كما نقل عنه بيان صحافي لمكتبه الاعلامي.

السابق
الحوثيون يقتربون من أطراف المدينة
التالي
تحليق لطيران العدو فوق حاصبيا والعرقوب