مرآب طرابلس يقسم أبناء المدينة: حافظوا على طرابلس الثقافة

في طرابلس انقسام حول بناء المرآب المرتقب، بين المؤيدين والرافضين الذين يرون في إنشاء المرآب في ساحة التل حيث كان يوجد السراي العثماني القديم قبل هدمه عام 1968 هدماً لمعالم المدينة.

مرأب.. كلمة عربية فصحى، تعني موقف للسيارات، ربما نسيها الكثير وربما غاب معناها عن آخرين، ولكنها اليوم في طرابلس، أضحت أشهر من نارٍ على علم، وأصبحت الشغل الشاغل للمدينة بكل أطيافها وفئاتها.

وكما أن المرآب موقف، فقد قسمت المواقف التي اتخذها أبناء هذه المدينة إلى قسمين، قسم مؤيد وموافق لإنشاء هذا المرآب، وقسم آخر معارض وغير موافق على إنشائه. المرآب الذي نتحدث عنه، هو ذلك المشروع الذي يتم تداوله في مدينة طرابلس، والتي قد عقدت النية على إنشائه تحت ساحة التل والمسماة بساحة جمال عبدالناصر، حيث كان يوجد السراي العثماني القديم قبل هدمه عام 1968 والذي تقدمت الحكومة التركية بمشروع إعادة بنائه كاملاً مع دراسة تنموية للمنطقة المحيطة به سياحياً وتراثياً.

وقد سبق لمجلس بلدية طرابلس أن اعترض على مشروع المرآب ورفضه رفضاً تاماً في موقف حاز على رضى المجتمع المدني الذي شكر المجلس البلدي وبالغ في مدحه، ولكنه ما لبث أن انقلب المديح إلى هجاء شديد اللهجة بعد وقوع الانقلاب على القرار السابق ومن ثم إعادة التصويت عليه ومن ثم تمريره بأغلبية المصوتين بعد حوالي أسبوع من القرار الأول.

وكما كل الأمور في لبنان، بدأ التجاذب السياسي حول موضوع المرآب.. فريق مع إنشائه وآخر ضده، والذين يقفون معه يحلفون الأيمان والأخماس والأسداس بأنهم معه لا لخلفية سياسية والرافضون له يحلفون أيضاً بأنهم شأنهم شأن الموافقين عليه، لا لغاية سياسية!

ولكن الرفض لهذا المشروع من هيئات المجتمع المدني جاءت لعدة أسباب ومن أكثر من وجهة نظر، فعادة القوم في البناء، أن يبنوا العمارة ثم ينشؤون لها المرآب، فكيف سنقيم المرآب قبل وجود البنيان؟ ثم هل أنهت البلدية موضوع الحفر والطرقات التي أنهت على المواطنين وسياراتهم؟ هل تستطيع البلدية اليوم أن تملئ بركة من البرك الجافة بقليل من المياه لإعادة ترطيب الأجواء؟ هل يمكن لبلديتنا الموقرة أن تخبرنا ما هي نتيجة مشروع سقف النهر ومجزرة ما يعرف بالإرث الثقافي؟ هل يستطيع المسؤولون في البلدية إخبارنا عن مصير الجسر الدائري الذي يلتف حول المدينة حيث العمل فيه يزحف على بيض؟

هل انتهت كل مشاكل الفيحاء ولُبّيت جل حاجاتها الضرورية لنبدأ بالتفكير في كيفية إنشاء مرآب في وسط المدية لاسقبال سيارات الوافدين إلى… آه صحيح.. الوافدين إلى ماذا؟ إن زائر السوبرماركت يضع سيارته في المرآب ليتبضع، وزائر المستشفى يضع سيارته في المرآب ليزور مريضاً في داخلها، والمودع أو المستقبل في المطار يضع سيارته في المرآب لحين انتهاء استقباله أو توديعه.. فأين سيكون من سيضع سيارته في ذلك المرآب؟

أما شاهدنا جميعنا ما يجري في مرآب شارل حلو؟ وكيف أصبح ملجأً للمشردين ومكاناً للتبول ووكراً للرذيلة والفساد؟ وإن لم يكن كل ما ذكرناه فبعض منها.. لماذا لا نستخدم المرآب الموجود تحت مدرسة الجديدة والذي يتسع ل200 سيارة ولم يتم استخدامه حتى الآن.. لماذا لا يتم استخدام المرآب الموجود تحت معرض طرابلس الدولي والذي لم يستخدم أيضاً حتى الآن.

في أبسط تقدير، فإن مطار بيروت الدولي هو المطار الوحيد في لبنان، وله مرآب وحيد وكل الضغوطات السفرية الذاهبة والآيبة تعتمد عليه، ورغم ذلك نرى مرآبه في أغلب الأحيان شبه فارغ، فكيف سيكون الحال في مرآب لا يوجد أي منشأة أو فائدة من وجوده، سوى السمسرات ورائحة الفساد التي زكّمت أنوف الطرابلسيين.

أهل مكة أدرى بشعابها، وأهل الفيحاء أدرى بمرآبها.. أصغوا قليلاً إلى الشارع الطرابلسي، فهو أدرى بالتفريق بين ما يحتاجه وما يفرض عليه .

السابق
السيّد الأمين: الزواج في الإسلام هو «زواج مدني»
التالي
الوزيرة شبطيني: حزب الله اقوى من الدولة ومن الجيش اللبناني