نحن العرب… خلاصة المشروع الإسرائيلي

الجامعة العربية
المشروع الإسرائيلي مصطلح واكبنا منذ الصغر. نسمعه ونحن مع العائلة نستمع إلى الأخبار، نسمعه في سيارات الأجرة ونقرأ عنه في التحليلات السياسية الكثيرة. لكن ما هو فعلاً هذا المشروع؟

دوّختنا وسائل الإعلام العربية، حقاً فعلت. فيكاد لا يمر يوم علينا من دون أن نستمع إلى عبارة “المشروع الإسرائيلي” الذي منذ بداية وعينا عليه إرتبطت به فكرة تهديده لوجود منطقتنا. وهو لا يقل أبدا بعدد مرات ذكره عن عبارتي “المشروع الصهيو-أمريكي” و “الشرق الأوسط الجديد” أو عبارات أخرى أحد سوى الله لا يعرف من أي مكان أتت.

ولكن بالفعل ما هو المشروع الإسرائيلي؟

الباحث في قواميس العرب والعجم والمخلوقات الفضائية لن يجد تفسيرا واضحا لذلك المصطلح، وحتى إن قررت أن تذهب وتطلب تعريفات من جهابذة التحليل السياسي والتحليل العسكري والتحليل الجيو-سياسي وغيرها من التحليلات، لوجدت تعريفات تحتاج بحذ ذاتها إلى تعريف. في حين أن التعريف لذاك المصطلح سهل جدا والحصول عليه لا يحتاج لشيء سوى النظر إلى الخارطة العربية من بعيد وطرح الأمور بواقيعتها. وقتها سيخرج هذا التعريف بسهولة.

فالمشروع الإسرائيلي هو عبارة عن إتفاقيات العار والذل التي توقعها الدول العربية من الكيان الصهيوني. وهو يتمثل في الأنظمة العربية القمعية التي جعلت من دم الإنسان العربي أرخص شيء على وجه الأرض عبر استهدافه من قبل جيوش بلاده التي لم تفكر يوما في قصف الكيان الصهيوني بل فقط كانت وظيفتها حماية مناصب حكامها. هذا المشروع يصبح واقعا أكثر عندما يقول أحدهم” تعالوا نتقاتل في سوريا”، وعندما ترفع شعارات “لبيك يا عمر” و”لبيك يا زينب” وتنسى شعارات “لبيك يا الله” و”يا محمد”… هو عندما يتقاتل العرب في ما بينهم، بحيث أصبحت الحرب حرب العرب على العرب بالعرب، فصارت راجمات الجيش السوري الحرّ تدك الجيش السوري وبراميل الجيش السوري تدك المواطنيين العزل وصار الطيران العربي لا يفكر للتحرك لضرب إسرائيل.

المشروع الإسرائيلي يتضح جليا في اليمن، حيث يرفع الحوثييون شعار “الموت لإسرائيل وأمريكا الشيطان الأكبر”، ولكن حين يصلون إلى العاصمة صنعاء تجدهم يهاجمون المرافق العامة ويعتدون على الناس ولا يرمون وردة على مقر السفارة الأمريكية. وأيضا هو يبان واضحا عندما ننظر إلى الخارطة العربية ونجد أن القواعد العسكرية الأجنبية تسيطر المنطقة وأن الأنطمة العربية مرهونة كليا للخارج ونسمع البعض يدعو إلى حروب دولية على أوطانه.

هذا المشروع يصبح أقوى عندما يصفق البعض للاحتلال الأمريكي للعراق ولإعدام الرئيس العراقي صدام حسين ولا يقبلون بإسقاط تمثاله إلا والعلم الأمريكي على وجهه. هو هذا المشروع نفسه يصير قائما عندما تقبل الشعوب أيادي الحكام خوفاً، وحين يزج أصحاب الرأي في السجون ويخرج قاتل كحسني مبارك من السجن بحكم براءة، ولحظة ما تؤيد حرية بعض الشعوب بدون أخرى. وأيضا هو يصبح حقيقة عندما تصرف بعض الدول العربية مفرقعات بملايين الدولارات بهدف الاحتفال برأس السنة في وقت أن الالاف يموتون جوعا في الصومال، وعندما يسافر الشباب العربي للعمل خارج أوطانه ويضطر البوعزيزي لإحراق نفسه فقط لأن حكام بلادهم عاثوا في أرضهم فسادا.
لا شكّ أنّ داعش وأخواته من صنيعة إسرائيل، ولكن مهلا، فإنّ هذه الحركات التكفيرية لم تظهر سوى من بضعة سنوات فقط في حين أن الصمت العربي تجاه فلسطين عمره من عمر احتلالها. وبالتالي فإنّه من الواضح أنّ البوط الإسرائيلي هو الذي يحكم المنطقة بأسرها من المحيط إلى الخليج. فنحن إسرائيليون بأشكال مختلفة وأسياد هذا المشكلة بدون منازع. وكما كانت الدروب العربية دوما تؤدي إلى واشنطن، فهي الدروب نفسها تؤدي إلى حيفا وما بعد حيفا وما بعد بعد حيفا.

السابق
القيلولة مفيدة صحياً
التالي
بالفيديو: هذا ما قالته ديما صادق فانسحب حبيب فيّاض من «نهاركم سعيد»