ضد علي الأمين: حسناً كلمة بكلمة

خصوم "حزب الله" بعضهم في المنفى وبعضهم في القبر. وليس في وسع أي كان أن يطالب هؤلاء، يوم كانوا خصومه، ان يلجأوا إلى القضاء. أولاً لأن القضاء لم يكن ليسعفهم في محنتهم، فعجلة القضاء بطيئة وحصان الحزب يرمح جامحاً دائماً.

لو كنا في بلد غير لبنان، لكان من حق الصحافي علي الأمين ان يتشرف بذكر اسمه في معرض الخصومة والحملات الإعلامية من شريحة شغلت البلد في استعصاء فهمها طوال سنوات، فكيف إذا كان الأمر مع “حزب الله” الذي يخوض حملة التحريض مستتراً.

هذا أمر يشرف أي صحافي بل ويدعوه إلى الاستمرار في عمله على النحو الذي بدأ به. لكن الخصومة مع “الحزب الخميني” في بلد كلبنان، تبعث على الخوف. ذلك ان هذا التنظيم ما خاصم أحداً ومرت هذه الخصومة بسلام.

خصوم “حزب الله” بعضهم في المنفى وبعضهم في القبر. وليس في وسع أي كان أن يطالب هؤلاء، يوم كانوا خصومه، ان يلجأوا إلى القضاء. أولاً لأن القضاء لم يكن ليسعفهم في محنتهم، فعجلة القضاء بطيئة وحصان الحزب يرمح جامحاً دائماً. وثانياً لأن الحزب له باع طويل في التحريض المستتر، وخير شاهد “لواء أحرار السنة”. مع ذلك في وسع الأمين أن يستمر بما بدأه وبما عوّد عليه اللبنانيين من شجاعة في الرأي.

ان تكون كاتباً، يعني أول ما يعني أن تناقش وتبحث في الأفكار السائدة وما تخلفه سوسيولوجياً، وهذا ليس بالأمر الذي يستوجب ان يعتذر المرء عنه، أو أن يفكر في التراجع عما انتهى إليه. على أي حال، فإن الأمين يكتب في الضوء، ولا يخطط في الأقبية والملاجىء والغرف السوداء.

ما يراه يكتبه ودائماً ما يُحاسب ويُساجل ديموقراطياً على ما كتبه، ودائماً أيضاً كان نموذجاً في العقل المنفتح والديموقراطي بحق من دون أي إدعاء. مرة من القارئ، ومرات من صُحفيين وكُتاب رأي. ومع ذلك علينا ان نشكر الله (لأن بشكره تدوم النعم) على الظروف التي جعلت محرضي السمعات الرقمية يلاحقون الأمين إعلامياً وعبر وسائل التواصل الإجتماعي، وليس عبر تكليف عناصر “الجهاد المُقدس” بذلك.

الحاصل السياسي والأمني للمتهجمين نصب نفسه على البلد منذ ذوت الدولة، وهي لم تقم أصلا إلا في مناطق محدودة، وأناط بنفسه الأمن والسياسة ولاحق كثيرين ونصح غيرهم ولكنه ولسبب ما لم يستطع ان يمنع انهيار البلد بل على العكس فقد ورطه في جولات من الحروب المتنقلة، داخلياً وخارجياً.

أكيد أن أحداً لا يرد القدر، ولا يرد القضاء. لكن المرء يتساءل. والوقائع تحسم بأن “حزب الله” الكاره لكل ما عداه أو مختلف عنه في الرأي والرؤية هو الحاكم الفيصل في أمننا وأمن البلد، ومن صناع ذلك القدر، والبعض يقول انه من صناع القضاء. المهم، أن علي الأمين ليس من صناع قضاء ولا صناع قدر. هو كاتب، صحافي، مفكر، وقبل كل شيء لبناني خالص.

ثم ما الجريمة في أن يكون كشف واقعاً قائماً لا لبس فيه طالما ان ذلك يخدم المجتمع الذي شاء الله أن يعيش فيه؟ وهل عليه أن يعتذر لأنه يفكر؟ وهل عليه أن يستنكف عن الكتابة وينتظر تقارير من طبيعة إستخباراتية ليذلها بتوقيعه، ليصبح صحافياً حراً في بلد قل فيه الأحرار في دينهم ودنياهم؟

إذاً ما العيب في الكتابة؟ ثم ما دمنا كلنا (لبنانيون) نعرف ان ما كتبه حقيقة ثابتة كالموت. الأرجح ان “بيانات” التهجم عليه ليس من صنع من نشرها مباشرة، ولا بد ان ثمة من كتب نيابة عن هؤلاء. ويا ليت “حزب الله” يمتهن السياسة حرفة ودربة ويستطرد محللا ومفندا، بدلا من تعزيز وحداته الأمنية والعسكرية ومجموعات التحريض، حينها سيحتضنه اللبنانيون جميعا، أقله ساعتها نضمن ان يبقى الرد على الكلمة بالكلمة.

السابق
من أهم العمليات التي أفشلها العميل في حزب الله.. اغتيال؟
التالي
المواطن الصيداوي بين نارين: وزارة الطاقة وأصحاب المولدات