المعتدون على البحر بالاسماء والتفاصيل

تسهيلاً للتحليل وقراءة الإحصاءات، عمدت «الأخبار» الى تقسيم ساحل جبل لبنان الى قسمين: الاول جنوب بيروت (اقضية بعبدا وعالية والشوف)، والثاني شمال بيروت (اقضية المتن وكسروان جبيل). تتناول هذه الحلقة من ملف «المعتدون على البحر» القسم الاول، وقد جرى استخلاص الارقام والاسماء والتفاصيل من الجداول المرفقة مع تقرير وزارة الاشغال العامّة والنقل المتعلّق بالتعدّيات على الاملاك العامّة البحرية الذي سيدرسه مجلس الوزراء قريبا

يشير وزير الاشغال العامّة والنقل غازي العريضي في كتابه الى مجلس الوزراء (رقم 8990/6 تاريخ 26 تشرين الثاني 2012) الى «أن بعض المعتدين على الشاطئ، ممن لا يملكون عقارات خاصّة متاخمة لمواقع تعدّياتهم، يعمدون الى ابتزاز اصحاب العقارات المتاخمة بمبالغ مالية ضخمة للتنازل لهم عن المواقع المعتدى عليها»! بعبارة اكثر وضوحا، يعمد نافذون الى احتلال اقسام من الاملاك العامّة البحرية ويقومون بوضع منشآت مرتجلة عليها او سياجاً يمنع الدخول اليها (كما هو واضح في الصورة اعلاه لقسم من الشاطئ في الدامور)، ثم يفاوضون اصحاب العقارات المتاخمة لهذه الاقسام لكي يتنازلوا عنها لهم مقابل مبالغ طائلة او مقابل شراكات اكراهية في مشاريع تقوم على استثمار البحر خلافاً للقوانين وبما يتعارض مع حقوق اللبنانيين واللبنانيات عموما. الكل يتصرّف على أساس أن الدولة غير موجودة، حتى وزارة الأشغال العامّة والنقل تبدو متكيّفة مع هذا الواقع كما لو انها ليست هي الجهة المؤتمنة على حفظ الأملاك البحرية الوطنية. لا تنحصر هذه الممارسات «الفظيعة» بساحل الشوف وعالية، حيث الواجهة البحرية لإقطاعية وليد جنبلاط وساحل بعبدا حيث تسيطر حركة امل وحزب الله، بل تشمل كل الساحل اللبناني من اقصى الجنوب الى اقصى الشمال، ولا سيما بين الرميلة والهري حيث بات اصحاب المال والنفوذ يحتلون اكثر من نصف الشاطئ بحسب التقديرات، واكثر من 90% من المساحات القابلة للاستثمار السياحي والصناعي والتجاري والشخصي.

يرصد التقرير الرسمي الصادر عن الوزارة المسؤولة (المرفوع الى مجلس الوزراء) نحو 390 تعدّيا غير مرخّص على الشاطئ والبحر في محافظة جبل لبنان، إضافة الى 33 تعدّيا مرخّصا بموجب مراسيم (معظمها غير قانوني)، ما يجعل سواحل جبل لبنان الاكثر عرضّة للتعدّيات بسبب قربها من العاصمة وجاذبيتها وقدرتها الهائلة على توليد الثروات الريعية غير المشروعة، وتقدّر الوزارة مساحة كل التعدّيات في هذه المحافظة باكثر من مليونين و247 الفا و884 مترا مربعا، منها مليون و651 الفا و707 امتار مربعة من ردم البحر، تقوم عليها انشاءات بمساحة 162 الفا و383 مترا مربعا… ما يعني ان حصّة سواحل جبل لبنان تبلغ نصف التعدّيات على كل الساحل اللبناني!

 2

وبالاستناد الى التقرير نفسه، يبلغ عدد التعدّيات «المرخّصة» على ساحل جبل لبنان جنوب بيروت (اقضية بعبدا وعالية والشوف) 10 تعدّيات، وتقدّر المساحات المرخّصة بنحو 441 الفا و613 مترا مربعا، الا ان اثنين من المرخّص لهم تجاوزا المساحات الواردة في مراسيم الترخيص بنحو 33 الفا و260 مترا مربعا، كلّها تقريبا ناجمة عن الردم الاضافي في البحر لتوسيع حدود المنشأت السياحية القائمة، وهما مسبح «فاميلي بيتش»، إذ حصل كل من واصف نصار وعمر الانصاري وعادل بدر الدين وشركاه على مرسوم يجيز لهم ردم 836 مترا مربعا في البحر الا انهم ردموا 16308 امتار مربعة، واستأثروا باكثر من 3614 مترا مربعا من المسطح المائي، واقاموا انشاءات على الاملاك العامّة بمساحة 2200 متر مربع. وكذلك حصلت الشركة العامّة للمشاريع السياحية (السمرلند) على مرسوم يجيز لها ردم 30 الفا و950 مترا مربعا في البحر واستثمار 11 الفا و860 مترا مربعا من المسطح المائي، واقامة انشاءات بمساحة 2350 مترا مربعا، الا ان اصحاب الشركة من آل صعب (حينها) عمدوا الى ردم 42 الفا و774 مترا مربعا واستأثروا بمساحة 14 الف و210 امتار مربعة من المسطح المائي، واقاموا انشاءات بمساحة 4300 متر مربع… الا ان قصّة فندق السمرلند لا تقف عند هذا الحد، فقد انتقلت اكثرية حصص الملكية الى مجموعة مستثمرين محليين واجانب (ابرزهم الامير السعودي متعب بن عبد الله بن عبد العزيز 26.29%) واحتفظ آل صعب بحصة 38%، ولا سيما النائب السابق خالد صعب، وشقيقه وليد (مع احتفاظ الاخير بمنصب رئيس مجلس الادارة)، وبوشرت منذ سنوات عملية توسيع هائلة للفندق بهدف تحويله الى منتجع ضخم يضم فندق 5 نجوم ومطاعم ومسابح وشاليهات ونوادي رياضية وميناءً لليخوت ومباني للشقق السكنية الفاخرة… يقوم جزء من هذا على ردم البحر واحتلال الملك العام، إضافةً الى املاك اصحابه الخاصة، ليس هذا فحسب، بل إن اصحاب هذا المشروع استفادوا أيضاً من نفوذهم المالي والسياسي، وحصلوا على استثناءات من قوانين البناء والتنظيم المدني والتصميم التوجيهي، كما حصلوا على دعم من المال العام (بحسب العقد الموقّع مع ايدال) عبر خفض 50% من رسوم رخص البناء وإعفاء كامل من رسوم الافراز والضم والفرز والتأمين العقاري ورسوم تسجيل عقود الايجارات ورسوم اجازات العمل والاقامة واعفاء كامل من الضريبة على الدخل وتوزيع انصبة الارباح لمدّة 10 أعوام! وهو ما فوّت عشرات ملايين الدولارات على الخزينة العامّة، منها اكثر من 27 مليون دولار من ضريبة الارباح لمدّة 10 سنوات، بحسب ما جاء في تقرير لمؤسسة ايدال الى مجلس الوزراء، ومليون دولار من رسوم البناء.

يمثّل مثال «السمرلند» نموذجا فاقعا لما يمكن ان يفعله النفوذ المالي والسياسي على حساب الدولة وحقوق عموم المواطنين، وما ينطبق على «السمرلند» ينطبق ايضا على شركة «سبلين» التي يمتلك النائب وليد جنبلاط حصصا فيها الى جانب العديد من النافذين، فهذه الشركة حصلت على مرسوم يجيز لها ردم 100 الف متر مربع في البحر، واستثمار 50 الف متر مربع من المسطح المائي… في الواقع جاء هذا الترخيص بعدما كان النائب وليد جنبلاط قد عمد في الحرب الى ردم البحر واقامة مرفأ لرسو بواخر الوقود وتشييد خزّانات للوقود على الاملاك العامّة البحرية، وحينها كانت شركة «كوجيكو» ـــ (يديرها بهيج ابو حمزة) تستثمر هذه المنشآت لحساب جنبلاط واخرين، وقد انتقلت هذه المنشآت الى «سبلين» بعد ترخيص التعدّيات، فعمدت الشركة الى توسيع المرفأ ليتماشى مع اغراضها التجارية.

 مثال اخر اكثر فظاعة يتمثّل في إقامة منتجع «الجيّة مارينا»، فقد حصل محمد صالح (المقرّب جدّا من الرئيس نبيه بري وصديق جنبلاط والذي اصبح رئيس غرفة التجارة والصناعة في صيدا والجنوب) على مرسوم سمح له بالاستئثار بمساحة 29 الفا و479 مترا مربعا من البحر والشاطئ، فعمد الى اقامة «مارينا» بعيدة عن الشاطئ، وربطها به عبر رصيف إسمنتي، وبذلك قام بتشويه الشاطئ الطبيعي في بلدة الجية، حيث كان يوجد «مرفأ فيريون» الممتد الى الحقبة البيزنطية.

وحصلت الشركة الإمارتية اللبنانية للاستثمار على مرسوم يتيح لها ردم 79 الفا و413 مترا مربعا في البحر، وكذلك حصل عبد اللطيف ابراهيم المدور وعباس حسين هاشم على ترخيص بردم 37 الفا و50 متراً مربعاً في البحر. وبالاستناد الى تقرير الوزارة الرسمي يوجد 143 تعدّيا على البحر بين بعبدا والشوف لم يحصل اي منها على اي ترخيص، ويستحوذ هؤلاء المعتدون على 328 الفا و215 مترا مربعا من الاملاك العامّة البحرية، اكثريتها من ردم البحر، ومن بين هؤلاء 94 شخصا وجهة لا يملكون أي عقار متاخم لتعدّياتهم، ويحتلون 76 الفا و832 مترا مربعا من الاملاك العامّة. ويبرز من هؤلاء المعتدين فندق «كورال بيتش» الذي كان يملكه عزت قدورة، وقد سبق لمصرف لبنان ان حجز على هذه الفندق في اطار ملف بنك المدينة، ونظرا لارتباطه بطه قليلات وشقيقه باسل واخرين من الذين اتهموا بعمليات غير مشروعة، وقد احتل هذا الفندق مساحة 9909 امتار مربعة من الاملاك العامّة، كما يبرز فندق «كوستا برافا»، الذي اعترف جنبلاط سابقاً بتقاضيه رشى من اجل السماح لاصحابه بتشييده، ويُعدّ هذا الفندق عاملاً يهدد الملاحة الجوية في مطار بيروت الدولي، وهو يقوم على مساحة 39 الفا و910 أمتار مربعة من الاملاك العامّة. وتضم لائحة المعتدين أسماءً بارزة (راجعوا الجدول ادناه) منها فيلامار ومسبح الجسر وبلفيو وجوناس وبونداي والاوراس وساندز روك ومينا بيتش (فايز قزّي) وفالي بيتش والنائب السابق الياس عطا الله (170 متراً مربعاً) وادارة شؤون القصر في الكويت والعميد نزيه العبد الله والاميرة الكويتية بدرية الصباح والمجموعة المتحدة للصناعة والتجارة التي ردمت 37 الفا و500 متر مربع في البحر.

هناك الكثير من التعدّيات غير الملحوظة في تقرير وزارة الاشغال العامّة والنقل، منها ما يعود الى منازل خاصّة بآل الحريري (قصر نازك الحريري في السعديات) ومنها ما يعود الى طلال ارسلان وغيره من السياسيين… ولعل اكبر تعدٍّ على البحر في هذه المنطقة يعود الى مشروع توسعة مطار بيروت الدولي عبر ردم البحر وإنشاء المدرج الجديد.

الاسم: محمد حسن صالح

الموقع: الشوف/ الجيّة

3

يُعدّ منتجع «جيّة مارينا» نموذجاً فاقعاً لاستعمال النفوذ من أجل تحقيق منافع شخصية، فقد استغل محمد صالح علاقاته الوطيدة بالرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط وحصل على مرسوم يجيز له إقامة مارينا داخل المياه ومرتبطة بالشاطئ عبر رصيف اسمنتي، ويستغل هذا المنتجع المقفل لفئة من الأغنياء أكثر من 29 ألفاً و479 متراً مربعاً من أملاك اللبنانيين العامّة، من ضمنها 17 ألفاً و577 متراً مربعاً من ردم البحر. ويقوم هذا المنتجع على شاطئ الجيّة المصنّف كموقع تاريخي نظراً إلى احتمال وجود بقايا مرفأ يعود الى الحقبة البيزنطية، وقد أدّت فورة الاستثمار السياحي على هذا الشاطئ الى تدميره كلياً.

4

 الاسم: سمرلند

الموقع: بعبدا/ الشياح

 تتواصل الأعمال على توسيع منتجع «سمرلند» المعروف، والفضيحة المدوية أن هذه الأعمال مدعومة من المال العام عبر مؤسسة «إيدال» الحكومية، إذ صدر قرار مجلس الوزراء رقم 1 في آذار 2010 القاضي بمنح المشروع إعفاءات كاملة من ضرائب ورسوم تقدّر بأكثر من 27 مليون دولار. وتتوزّع حصص ملكية هذا المشروع حالياً بين الأمير متعب بن عبد العزيز (26.29%) وشركة المشاريع هولدينغ (28.49%) والمالكين السابقون من آل صعب، ومن بينهم نائب بيروت السابق خالد صعب، فضلاً عن مساهمين آخرين. وكان هذا الفندق قد تجاوز المساحات المرخّصة له بإشغال الأملاك العامة بآلاف الأمتار.

 

السابق
الجيش يوقف أخطر المطلوبين في البقاع
التالي
الموقوف الشعار شارك في عمليات خطف وقتل عدد من العسكريين