يوميات الضاحية: الرعب أصعب من الموت

اجراءات امنية في الضاحية

بالأمس تم الإشتباه بسيارة خرجت من منطقة الناعمة وركنت على أوتوستراد صيدا القديم في مقابل شارع “أسعد الاسعد” في منطقة الشياح. على الاثر، اقفل الشارع وتم تحويل حركة السير، الامر الذي أدى الى ازدحام فاقم الزحمة المعتادة منذ بدء تطبيق الاجراءات التي تلت انفجار الرويس. قام امنيون بتفحص السيارة ليتبيّن انها غير مفخخة. هذه الحادثة واحدة من تلك التي باتت تشهدها الضاحية يومياً. شائعات وأخبار عن الاشتباه بسيارات مفخخة بالجملة حولت حياة سكان الضاحية الى جحيم من رعب وخوف وهواجس مستمرة.

في شارع الجاموس الواقع في منطقة “السانت تيريز”، حيث متجر “قاروط” الشهير، والذي يعرف بزحمة المارة والسيارات الشديدة في الايام العادية: “ارمي الابرة بتسمع رنتها”، تقول احدى السيدات التي تقطن في المنطقة والتي بات تجوالها في الضاحية يقتصر على التبضع وعلى “المشوار الضروري” فحسب. تروي لـ”النهار”: “لم اعد اسمح لأولادي الثلاثة بالخروج من المنزل لكن ماذا سأفعل مع بدء المدارس، كيف سأطمئن الى ارسالهم في الباص وانا اعرف ان الارهابيين لا يردعهم شيء”. تتابع “نيال يلي عندو بيت بالجنوب والبقاع”، قائلة ان ” كثيرين من جيراننا غادروا الضاحية مستفدين من فترة العطلة المدرسية”.

تتساءل هذه السيدة : “الى متى يمكن أن تستمر هذه الإجراءات وهل فعلاً ستردع التفجيرات؟”، لتخلص الى أن “الرعب اصعب من الموت وان الاجراءات المطبقة في امكانها الآن عرقلة عمل المخططين ودفعهم الى التفكير بوسائل أكثر ذكاء لإختراق الضاحية لكنها لن تمنع التفجيرات”.

وتضغط هذه الإجراءات على أصحاب المحلات التجارية الذين يشكون من ندرة الزبائن. يقول صاحب محل البسة قرب مسجد القائم، انه “من الطبيعي ان يتوقف الزبائن من خارج الضاحية عن المجيء اليها، لكننا أيضا نعاني من شح الحركة التجارية الداخلية في الضاحية، فطوال النهار، لا يتعدى عدد من يدخل المحل الثلاثة اشخاص”. ويضيف: “لا أعرف الى متى يمكننا الاستمرار في هذا الشكل، حياتنا انقلبت رأسا على عقب، ولن يكون هناك في المستقبل اي ضمانة تقنع الناس بأن التفجيرات ستتوقف، حتى بعد شهر او اثنين، اصبح دمنا على كفنا، نتكل على الله ونسير في الشارع”.

ابو علي، صاحب فرن في منطقة صفير، وقد جرح اقاربه في انفجار الرويس، يقول: “نحن اهل عزيمة ولدينا ثقة مطلقة بـ”حزب الله” وشبابه الذين يعملون على تأمين المنطقة لكن هذا شيء ومعيشة الناس شيء آخر”. وفي رأيه ان “من خطط لادخال هذا النمط من الاعمال الارهابية الى الضاحية، يعرف جيداً مدى تأثيرها على بيئة الحزب الحاضنة، فهذه ضربة موجعة حقاً”.

من جهتها، تشير سعدى ايوب، وهي تعمل خياطة، وتتنقل بشكل شبه يومي بين مكان سكنها في الشياح وبين منطقة صفير الى ان “شوارع الضاحية تذكرها بأيام الحرب”. تضيف المرأة الخمسينية “سكون الشوارع في الليل مخيف جدا. الناس مربكون ولا يعلمون متى سيقع الانفجار التالي”. وتروي “منذ يومين كنت في طريق العودة من خلدة الى الضاحية عبر “فان”، بقينا ساعة على مدخل “السانت تيريز” حيث يعمد حاجز للجيش الى تفتيش السيارة والتأكد من هوية الركاب، والإجراءات نفسها يكررها حاجز لـ”حزب الله” على بعد امتار، حيث طلب من السائق أن ينزل وتم تفتيش دقيق للمقاعد، وحتى للاكياس، وهذا امر ربما يحدث عند الاشتباه بالراكب او بالسائق”. تضيف ” اثناء الانتظار رأيت احد عناصر الحزب يعتلي صهريج مازوت ويدخل رأسه من فتحته للتأكد من محتواه، كما رأيت آخر يدقق في اكياس مارة، المفتشون لطيفون مع الناس ويعتذرون عن ازعاج الناس الذين يخافون ويتذمرون ويشكرون من يقوم بالاجراءات في آن”. تخلص: “لا اعرف ما العمل؟، فالسيارة المفخخة التالية في طريقها الينا، كما اننا لا نتخوف من السيارات المفخخة فحسب بل ايضا من الانتحاريين الذين لن تردعهم الحواجز الحالية”.

ويقر مسؤول ميداني في “حركة أمل” لـ”النهار” بأن “الاجراءات المطبقة لا يمكنها ان تمنع التفجيرات، بل يمكن ان تؤخرها وان تربك المنفذين لفترة”. ويضيف انه سيتم البدء باعتماد “اساليب تقنية متطورة في تفتيش السيارة وتأمين المنطقة قريباً من شأنها أن تسرع حركة التفتيش وتسهل حركة المواطنين”.

السابق
رد اسرائيلي ناعم في الناعمة على تحريك جبهة الجنوب
التالي
حسني مبارك يغادر السجن إلى مقر إقامته الجبرية في القاهرة