نقمة التجار ونعمة المستهلك

ازمة تصدير

تشكل حسبة صيدا الشريان الاقتصادي الحيوي لمدينة صيدا ولكن حالها هذه الايام يختلف كثيرا عن السابق لجهة الركود “القاتل”، اذ تتكدس فيها البضائع بانتظار بيعها بعدما أرخت الازمة السورية على لبنان بظلالها السلبية، حدت حركة التصدير ولكنها بالمقابل انعكست ايجابا في انخفاض اسعار الخضار والفواكه رغم زيادة إقبال المستهلكين عليها في ظل ارتفاع الاسعار سابقا خلال شهر رمضان المبارك.

تقع حسبة صيدا عند الطرف الجنوبي لمدينة صيدا بعدما كانت قبل ثلاثة عقود من الزمن قبالة القلعة البحرية عند مدخل سوق صيدا التجاري، بعد الاجتياح الاسرائيلي بسنوات خمس ومع اعادة تنظيم المدينة عمرانيا، نقلت الحسبة الى تلك المنطقة عام 1987 تسهيلا لحركة البيع والشراء وانتقال الشاحنات، وهي تضم نحو 60 محلا تجاريا، موزعة على “بلوكين”، في اربعة صفوف، يفصلها ممرات كبيرة، لكن معظم محالها مؤجرة الى غير اصحابها وتقوم بلدية صيدا باعمال النظافة يوميا، فيما يعمل فيها أكثر من 180 عاملا شهريا ومياومون غالبيتهم من المصريين الذين وفدوا منذ سنوات للعمل في لبنان ثم قلة من السوريين وبعض اللبنانيين والفلسطينيين على حد سواء وينتظم فيها العمل معظم الاوقات، يحيط بها سور حديدي ولها موقف خاص يتيح لقاصديها ايقاف شاحناتهم أو سياراتهم للبيع والشراء دون عناء.

داخل الحسبة اليوم، تتكدس صناديق الخضار، ينتظر اصحاب المحال التجارية بالجملة زبائن للشراء، فالاسعار التي كانت تكوي ايدي المواطنين وتفرغ جيوبهم قبل النصف الثاني من الشهر، انخفضت بشكل لافت بسبب “غياب إمكانية التصدير خاصة الى سورية وبعض دول الخليج العربي ما ساهم في عدم ارتفاع الأسعار،كذلك ارتفاع درجات الحرارة في الصيف مع التقنين القاسي بالتيار الكهربائي وهما سببان أساسيان في إبقاء الأسعار على حالها، فلا يمكن إبقاء البضائع من يوم الى آخر لأنها تصبح غير صالحة، فيضطر اصحابها الى تخفيض الأسعار لبيعها في نفس اليوم والا تتلف ويكون مصيرها التخلص منها.

جمود وشكاوى

ويؤكد التاجر عبد الغني حبلي ان “الحسبة تشكل الشريان الرئيسي لحركة الاقتصاد والبيع والشراء بالجملة والمفرق في صيدا والجنوب، اليها يحضر المزارعون منتوجاتهم من الحمضيات والخضار والفاكهة، فيعرضونها للبيع وهي الى جانب المرفأ تساهم بتنشيط الحركة التجارية اذ ان المنتوجات الزراعية والتصدير لا يتوقفان بالمطلق مهما كانت الظروف صعبة لانهما عصب الحياة”، قائلا “ان اسعار الفواكه والحمضيات تراجعت كثيرا بسبب غياب التصدير والخاسر الاكبر هو “الضمان” الذي وجد نفسه بين فكي كماشة في تلف المحصول او بيعه باسعار بخسة لا تسد له مصاريف العمال ورش المبيدات،موضحا ان الاحداث الامنية في سورية اثرت كثيرا على هذا الواقع”.

في الحسبة تسمع بوضوح اصوات الباعة تتداخل مع شكاوى التجار من ركود حركة البيع والشراء خلافا لما كانت عليه الحال في الماضي وخاصة مع حلول موسم العيد، ويعزون السبب الى الخلافات السياسية اللبنانية ثم التوترات الامنية المتنقلة وآخرها احداث عبرا، وانعدام القدرة الشرائية لدى الناس على اعتبار أن السوق خاضع للعرض والطلب قبل كل شيء ايضا.

ويؤكد محمود القطب، احد تجار الحسبة، أن الأزمة الإقتصادية خانقة ولكن الاسعار لم ترتفع بسبب الأوضاع الامنية في سورية التي أثرت علينا إقتصاديا بتوقف التصدير حينا وتراجعه احيانا”، قائلا “غياب إمكانية التصدير هو الذي ساهم في عدم ارتفاع الأسعار”، فبتنا نعاني من حركة جمود لافتة، وما يزيد الامر تعقيدا ان كثيرا من المعاملات تعتمد “الديون”، مضيفا “ان السوق يعيش ركودا لانه يتأثر بالازمة الاقتصادية والمعيشية وهو خاضع للعرض والطلب، قدرة الناس الشرائية في تراجع مستمر امام الغلاء ولا عجب من هذا الجمود”.

وعلى خلاف شكوى التجار، فان المواطنين يعتبرون انها المرة الاولى التي تنعكس احداث امنية ايجابا علي حياتهم واوضاعهم الاقتصادية، اذ انخفضت الاسعار ورخصت ولم ترتفع الاسعار، والاهم من ذلك “اننا بتنا نأكل الفواكه والخضار من النوع الممتاز – “باب اول”، بعدما كان يصدر الى الخارج ويبقى لنا العادي وحتى “المضروب” وفق ما اكد المواطن علي نحولي، الذي كان يشتري بضائعه بالجملة، قائلا “لقد اصبحت اقصد الحسبة، فيها الاسعار الارخص والاصناف الافضل وبالتوفير هنا، استطيع ان اسدد قيمة شيء آخر من احتياجات ومتطلبات الحياة الكثيرة”.

السابق
السعودية عرضت على روسيا صفقة
التالي
استهداف موكب الأسد خلال توجهه لأداء صلاة عيد الفطر