اوباما يقود المفاوضات من المقعد الخلفي

عرفت واشنطن مهرجانات كثيرة حول الصراع الاسرائيلي الفلسطيني. فقد دخل ياسر عرفات وخرج من أبواب البيت الابيض، وكذلك ارييل شارون ايضا، فضلا عن أبو مازن وايهود اولمرت. وقد صرخ بيل كلينتون في المنزل الرئاسي في كامب ديفيد بعرفات وبايهود باراك الى أن بحّ صوته، وفي النهاية استسلم حتى هو في مواجهة قوانين سوق الشرق الاوسط. وفي هذه المرة يستقبل المتفاوضين رئيس ضابط لنفسه وبعيد، يطلع على ما يجري من بعيد فقط، ويطلب ان يضايقوه حينما تحين لحظة رفع القلم والتوقيع فقط.
إن باراك اوباما حذر من الماء البارد لأنه احترق بالماء الساخن. وقد أحرق ثروته السياسية في ولايته الاولى حينما ألقى بوزنه كاملا لاحراز حل للصراع الاسرائيلي الفلسطيني، وأرسل جورج ميتشل الى الشرق الاوسط. بيد أنه بعد سنة ونصف السنة مشحونة بالكثير من المحاولة والكثير من النية الطيبة، أبلغ المبعوث عن وجود عناد قوي عند الطرفين وأعاد المفاتيح وخرج للتقاعد.
استقبل اوباما ذلك بصورة شخصية، فقد كان يريد أن يسوغ جائزة نوبل للسلام التي حصل عليها سلفة مع بدء ولايته، لكن الشرق الاوسط لم يحسب له حسابا. ولم يُخف ردا على ذلك خيبة أمله من نتنياهو واحباطه من أبو مازن وأدار اليهما ظهره، الى ان جاء وزير الخارجية الجديد جون كيري وحرك الاتصالات من جديد.
بيد ان المشكلة تكمن هنا: فاذا حافظ اوباما في هذه المحادثات ايضا على موقع الشاهد الغائب فسيكون احتمال نجاح كيري ضعيفا، لأن الشرق الاوسط يحب الدراما ويفهم لغة القوة والعظمة جيدا، ولهذا يجب ان يشعر الطرفان بأن جناحي الرئيس مبسوطان فوقهما وإلا فسيعودان سريعا جدا الى فعل ما فعلاه طول السنين، أي جر الأقدام.
سيضطر اوباما آخر الامر كي يكون هناك سلام الى ان يقفز الى الماء والى ان يتولى دور الممثل الرئيس في هذه المسرحية، لأن كيري مع كل نواياه الطيبة لن يستطيع فعل ذلك. ولهذا سينضم اوباما الى الطرفين بصفة راعي المحادثات، أو يدع كيري ينتظر وحده مقدم الربيع، واذا انتهى كل شيء بلا شيء فسيصبح الرئيس غير مكترث بالشرق الاوسط. يرى اوباما ان هذه هي الفرصة الاخيرة في مدة ولايته، فاما سلام الآن ومراسم على الاعشاب، وإما يحطمون رؤوسهم من غيره.

السابق
معضلة الولايات المتحدة في مصر
التالي
مواقع التواصل الاجتماعي ادانت زوج آمنة اسماعيل قبل القضاء