عبدالهادي محفوظ: الانقسام سيحول دون إجراء الانتخابات

ألقى رئيس المجلس الوطني للاعلام المرئي والمسموع عبد الهادي محفوظ محاضرة عن الحملات الإنتخابية والتغطية الإعلامية والدعاية السياسية، في الجلسة الختامية لمؤتمر "نيابيات 2013" في الجامعة الأنطونية بعبدا.

وقال: "تشدد المادة الأولى من الدستور على أن الشعب اللبناني هو مصدر السلطات وصاحب السيادة يمارسها عبر مؤسساته الدستورية. وبهذا المعنى فإن مجلس النواب هو الهيئة التمثيلية للشعب حيث يتم انتخاب النواب ديموقراطيا عبر قانون الإنتخاب. لكن الديموقراطية اللبنانية محكومة بالمكوِّنات الطائفية. ولعل هذا الأمر هو ما يفسِّر الخلاف حول القانون الإنتخابي بحيث أن تراجع فكرة الدولة الجامعة تجعل الحسابات الطوائفية تتحكم بكل شيء وتحول دون قيام مواطنية حقيقية بحيث أن هناك غلبة لفكرة المواطن في طائفة على فكرة المواطن في وطن".

أضاف: "قبل إجراء الإنتخابات النيابية في العام 2005 جرى اجتماع للوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة مع المجلس الوطني للاعلام وبحضور وزير الإعلام السابق شارل رزق والمدير العام لوزارة الإعلام الدكتور حسان فلحة ومشاركة مديرة مكتب الأمانة العامة للأمم المتحدة للشؤون الإنتخابية كارينا بيرللي والسيد ألكسندر كاستانياس المسؤول الإعلامي في بعثة الإتحاد الأوروبي والمسؤول الإعلامي في الأمم المتحدة السيد نجيب فريجي. وجرى الإتفاق على التزام المؤسسات المرئية والمسموعة بالقانون المرئي والمسموع خلال العملية الإنتخابية كما اتفق المجتمعون على ميثاق شرف إعلامي إنتخابي يقوم على تطبيق مبادىء الالتزام بتقديم الاخبار والبرامج المتصلة بالانتخابات النيابية بعدل وإنصاف وعدم تحيز وبتأمين أكبر قدر ممكن من التوازن تحقيقا لتكافؤ الفرص بين الأطراف المتنافسة، المساهمة في التثقيف الديمقراطي والانتخابي عن طريق بث مواد إعلامية عن الانتخابات وأهميتها في الأنظمة الديمقراطية وأصول اجرائها ودور الناخب وحقوقه وموجباته، إخضاع الأخبار الانتخابية في النشرات والموجزات والملاحق والتحقيقات لقواعد التغطية الإخبارية الشاملة والدقيقة والمتوازنة والامتناع عن استغلال التحليلات الإخبارية والاعلامية لتحويلها مواد دعائية وشمول تغطية العملية الانتخابية الدوائر كافة والفصل في تغطية النشاطات الحكومية والإدارية بين الصفة الرسمية والصفة الخاصة للمرشحين وعدم تغطية النشاطات غير السياسية وغير الانتخابية للجهات المرشحة والحرص على التوازن وتكافؤ الفرص في البرامج والمقابلات والتحقيقات والنقل الخارجي وفي حال استفادة اي مرشح من فسحة اعلامية في امكان باقي المرشحين المنافسين الاعتراض امام المجلس الوطني للاعلام خلال 24 ساعة والذي يدرس الاعتراض ويحيله على المؤسسة المعنية والتوقف عن بث اي مقابلات انتخابية وخصوصا في الاربع والعشرين ساعة الاخيرة ومعايير الفصل بين ما هو اعلام انتخابي وما هو اعلان انتخابي يعود للمجلس الوطني للاعلام المرئي والمسموع ويضع المجلس الوطني للاعلام تقريرا يوميا عن الاداء المرئي الانتخابي".

وتابع: "بعد إجراء الإنتخابات أصدر المجلس الوطني للاعلام تقريرا تناول الشكوى من الواقع الإعلامي المشحون خلال فترة الإنتخابات إذ حفلت المواد الإخبارية والبرامجية السياسية التي بثها الإعلام المرئي والمسموع بالعديد من المخالفات الواقعة تحت طائلة القوانين النافذة : قانون المرئي والمسموع وقانون المطبوعات وقانون العقوبات وقانون الإنتخاب. وشملت تلك المخالفات على سبيل المثال ممارسة الترويج السياسي لجهات وشخصيات محددة وقيام بعض المحطات بممارسة التشهير بالعديد من الشخصيات والمقامات والأحزاب وبث مواد تتضمن عبارات نابية وعنصرية وتنطوي على التحريض الطائفي ووضع هواء المؤسسات الإعلامية السياسية في معظم مساحاته بتصرف اتجاهات سياسية دون سواها والتمييز في النقل المباشر للمهرجانات الإنتخابية حيث تخصصت كل مؤسسة بنقل أنشطة لوائح معينة وامتنعت عن نقل أنشطة اللوائح المنافسة والترويج لمرشحين ولوائح على حساب منافسيها وانتهاك موجبات الإلتزام بتكافؤ الفرص وباحترام التعدد السياسي وخرق "ميثاق الشرف" الإنتخابي عبر بث لقاءات مع مرشحين في اليوم السابق للاقتراع وبث حوارات مع مرشحين في البرامج غير السياسية واستخدام مقدمات الأخبار كمنصات سياسية ترويجا لبعض المرشحين واللوائح أو هجوما على بعض المرشحين واللوائح واستخدام استطلاعات الرأي والمعلومات الإحصائية من دون أي إشارة إلى حجم العينات وتوزعها الجغرافي والجهة التي أجريت الدراسة لحسابها".

وقال: "أما الإنتخابات السابقة للعام 2009 فقد حصلت وفقا لقانون 1960. وأدخلت بعض التعديلات على هذا القانون في 8/10/2008 تمَّ بموجبها إنشاء هيئة الإشراف على الحملة الإنتخابية بالمرسوم رقم /1044/ المؤرخ في 23/12/2008. ومهمة هذه الهيئة رقابة الإعلام الإنتخابي والإنفاق الإنتخابي. ويتمثل المجلس الوطني للاعلام بعضوين في هذه الهيئة المكوَّنة من عشرة أعضاء والتي استعانت بتجربتها السابقة إلى /45/ مراقب و /12/ موظفا للمساعدة في الأعمال الإدارية والقلمية وأعمال الإستكتاب. وفي ما يتعلق بالإعلام الإنتخابي يتم توجيه إعلان إلى جميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة الرسمية والخاصة بما في ذلك وسائل الإعلام غير اللبنانية التي ترغب في المشاركة في الدعاية والإعلان الإنتخابيين بشأن تقديم طلبات للمشاركة المذكورة قبل تاريخ معين من إجراء الإنتخابات حيث يمنع القانون وسائل الإعلام التي لم تتقدم بتصريحها ضمن المهلة المحددة القيام بأي نشاط إعلاني أو دعائي. وتاريخ الحملة الإنتخابية بالنسبة لوسائل الإعلام يبدأ بقبول طلبات الترشيح. أما تاريخ بدء الحملة الإنتخابية لكل مرشح فيتم احتسابه اعتبارا من تاريخ تقديم الترشيح لهذا المرشح حيث تسري عليه عملية احتساب النفقات الإنتخابية. وتلقت الهيئة من المجلس الدستوري بواسطة وزارة الداخلية الملفات العائدة لـ /19/ طعنا مقدمين من مرشحين للانتخابات النيابية".

أضاف محفوظ: "أما عدد الشكاوى والمراجعات التي جاءت من مرشحين فوصلت إلى /160/ شكوى منها: عشرون شكوى من الجنرال ميشال عون، 12 شكوى من كتلة الوفاء للمقاومة، شكويان من الرئيس سعد الحريري، 12 شكوى من الرئيس فؤاد السنيورة، 11 شكوى من القوات اللبنانية، شكوى واحدة من الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الإنتخابات، شكوى واحدة من النائب سليمان فرنجية، شكوى واحدة من النائب هاني قبيسي، 22 شكوى من النائب الياس سكاف. وتصنيف هذه الشكاوى والمراجعات هو على الشكل الآتي: شكاوى تقرر بنتيجتها توجيه تنبيه إلى وسائل الإعلام المخالفة في قطاع المرئي والمسموع والمقروء والمواقع الإلكترونية، شكاوى من إثارة للنعرات الطائفية أو المذهبية أو العرقية أو التحريض على العنف والشغب، شكاوى من بعض الإعلانات لتضمنها تشهيرا أو ذما أو قدحا أو تجريحا بأي من اللوائح أو المرشحين أو ما يشكل وسيلة من وسائل الضغط أو التخويف أو التخوين أو التكفير سندا لأحكام المادة /68/ من قانون الإنتخاب، شكاوى تتناول تأمين التوازن والتساوي في الظهور الإعلامي، التوازن في تأجير اللوحات الإعلانية".

وتابع: "في مضمون الشكاوى والمراجعات المتعلقة بالإنفاق الإنتخابي، شكاوى من مرشحين ضد آخرين واتهامهم بقبول مساهمات من دولة أجنبية، حول هذه الإتهامات هناك صعوبة التحقق من تلك الإتهامات، شكاوى مقدمة من بعض المرشحين ضد بعض البلديات التي تقوم بتقديم خدمات مالية وعينية للناخبين الذين ينتمون إلى جهات سياسية مناوئة: صعوبة التأكد بسبب عدم وجود الأدلة والمستندات والوثائق، شكاوى متعلقة بقضايا ابتزاز مرشحين وطلب مبالغ مالية مقابل انسحابهم لمصلحة مرشحين آخرين: أحيلت مثل هذه الشكاوى على النيابة العامة التمييزية للإطلاع وإجراء المقتضى القانوني".

وقال: "في الموجبات التي فرضها القانون الإنتخابي رقم /25/ الصادر بتاريخ 8 تشرين الأول من العام 2008: فرض القانون أن يلتزم المرشح بفتح حساب مصرفي خاص بالحملة الإنتخابية وتقديم البيان الحسابي والتقيد بأصول الإنفاق وأشكاله. كما ألزم وسائل الإعلام على اختلافها بتقديم التصاريح والتقارير والإمتناع عن بث الخطابات التشهيرية والمثيرة للفتنة والإنقسام. وتتولى الهيئة التحقيق الفوري في أية شكوى تقدَّم من قبل اللائحة المتضررة أو المرشح المتضرر وتتخذ قرارها بشأن الإحالة إلى محكمة المطبوعات خلال 24 ساعة من تاريخ تقديمها. كما يمكنها تنبيه الوسيلة الإعلامية المخالفة أو إلزامها بث اعتذار أو إلزامها بتمكين المرشح المتضرر من ممارسة حق الرد. وإجمالا صلاحية الهيئة محدودة فيما صلاحية المدعي العام ومحكمة المطبوعات شاملة. وأحالت الهيئة ست قضايا إلى محكمة المطبوعات التي أدانت أربعة منها وردَّت مراجعتين بحجة أن عبارة الإعلام المكتوب غير واردة في نص المادة /68/".

أضاف: "استنادا للقانون الإنتخابي لا يجوز لوسيلة الإعلام إعلان التأييد والترويج لمرشح أو لائحة دون أخرى. وعلى وسائل الإعلام والمرشحين واللوائح الإمتناع عن التشهير (فضح العيوب) والقدح (الإزدراء والسباب والتحقير) والذم (الإساءة إلى الكرامة) والتجريح (الطعن في مقام الإنسان أو سمعته أو شرفه) وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية (بث الشقاق والنزاع بين الطوائف) كما لا يجوز التحريض على ارتكاب أعمال العنف والتحريض على الشغب والإرهاب والجريمة والأعمال التخريبية. كما المطلوب الإمتناع عن الضغط والإكراه والتخوين والتكفير والتلويح بالمغريات والوعد بالمكاسب. كما المطلوب الإمتناع عن تحريف المعلومات وتغيير مقاصدها وتزييف المعلومات واجتزائها أو إساءة عرضها. ومن المآخذ على القانون الإنتخابي أنه يفتقر إلى ذكر الحزب السياسي أو التكتل أو التيار. مع أن هذه المجموعات تشكّـل قوى ضاغطة ومهمة في المجتمع. وهذا ما لحظه التقرير النهائي للاتحاد الأوروبي حيث استنتج أن الحزب هو العامل الفاعل الأهم خلال الحملة الإنتخابية. وإن تمويل الحملات الإنتخابية وإنفاق المرشحين أثناء الحملة الإنتخابية يبدآن من تاريخ تقديم الترشيح وينتهيان لدى إقفال صناديق الإقتراع.
حدّد القانون سقفا يجوز لكل مرشح إنفاقه يقسم إلى قسم ثابت مقطوع قدره مئة وخمسون مليون ليرة لبنانية وقسم متحرك مرتبط بعدد الناخبين حدّده مرسوم اتخذه مجلس الوزراء بأربعة آلاف ليرة لبنانية لكل ناخب".

وتابع: "من ضمن النفقات الإنتخابية تحتسب الإعلانات والدعايات الإنتخابية واستئجار المكاتب الإنتخابية والنفقات الناتجة عن نقل وانتقال الناخبين. والملاحظ أن الهيئات الدولية والمحلية التي راقبت الإنتخابات وأجهزة الإعلام اللبنانية والأجنبية لحظت أن هناك مبالغ مالية ضخمة أنفقت وتخطت في مطلق الأحوال السقف الذي حدده القانون للانفاق. ودخل في ذلك نقل الناخبين المتواجدين خارج الأراضي اللبنانية إلى لبنان ثم إعادتهم إلى أماكن تواجدهم. ولم يصرح أي مرشح عن نفقة نقل ناخب مغترب واحد. ولا يشمل التدقيق الحسابات المصرفية الشخصية للمرشحين ولا حسابات أفراد عائلاتهم. وفي المخالفات المرتبطة باستخدام خطاب الكراهية رصد المراقبون في هيئة الإشراف على الإنتخابات /2626/ مخالفة ارتكبتها وسائل الإعلام خلال التغطية الإنتخابية. وسجلت الصحف اليومية المطبوعة أكبر نسبة من المخالفات وبلغت /997/ بينما سجلت وسائل الإعلام المرئية /836/ مخالفة. وبلغ عدد المخالفات التي سجلها الإعلام المسموع /793/ مخالفة.
باختصار ما الذي يمكن استنتاجه من كل ذلك".

وقال: "واضح أن لجنة الإشراف على الإنتخابات تملك إلزاما معنويا أكثر مما هو فعليا. والسبب أنه لا صلاحيات تنفيذية وقانونية مباشرة لها كما أنه تعوزها الإستقلالية الإدارية بحيث أنها مرتبطة عمليا بوزير الداخلية. وهكذا المفروض تأمين استقلاليتها عن السلطة السياسية وذلك بربطها بمرجعيتين: قانونية هي المجلس الدستوري وإعلامية هي المجلس الوطني للاعلام. وبذلك يمكن معالجة الشكاوى والمخالفات مباشرة منهما. باختصار هل تجري الإنتخابات في موعدها أو لا تجري ، هذا هو السؤال. تجري الإنتخابات مبدئيا خلال الستين يوما السابقة لانتهاء المجلس الحالي أي بدءا من 21 نيسان 2013 لأن ولاية المجلس تنتهي في 20 حزيران 2013 والهيئات الإنتخابية يجب أن تدعى بمرسوم قبل 90 يوما على الأقل من إجراء الإنتخابات أي حتى 22 آذار الجاري كحد أقصى. وفي هذا السياق أعد وزير الداخلية مروان شربل مرسوم دعوة الهيئات الناخبة إلى انتخابات حدد موعدها في 9 حزيران 2013 وسيوقع رئيس الجمهورية على هذا المرسوم إذا لم يتم التوافق على قانون بديل".

وختم محفوظ: "وفي تقديري الشخصي إن لم تتم تنازلات متبادلة في موضوع القانون الإنتخابي بين فريقي 8 آذار و 14 آذار على قاعدة "لا غالب ولا مغلوب"، فإن الإنقسام السياسي والطوائفي والإنتخابي سيحول دون إجراء انتخابات جديدة وسيمدد للمجلس النيابي إلى فترة سنة جديدة. كما أن التمديد سيقع في موضوع رئاسة الجمهورية ومواقع أساسية في الدولة من بينها التمديد لقائد الجيش ومدير قوى الأمن الداخلي والمدعي العام التمييزي ومدير مخابرات الجيش تحت عنوان أن الفراغ لا يجوز أن يلحق بالمرافق العامة".   

السابق
ميقاتي: تمنيت عليهم العودة عن الاضراب الى حين طرح الموضوع
التالي
غريب بعد لقاء ميقاتي: الاضراب مستمرّ ولا تقدّم في موضوع السلسلة