وسام حرّاً: الإعلام إلى القفص

أن يخرج وسام علاء الدين يعني أن أشعر بالخوف وأنا أكتب هذا المقال.
أن يخرج وسام علاء الدين من السجن، لأيّ سبب كان، يعني أنّه يمكن أن يحاول إحراق وسائل إعلامية أخرى. هو أو أحد معاونيه أو زملائه.
أن يخرج وسام من السجن يعني أن يخرج مثله نظراؤه الطرابلسيون، من المجرمين والقتلة الذين يفتكون بعاصمة الشمال.
أن يخرج وسام من السجن يعني أن الخيمة احترقت، وليس مدخل قناة "الجديد" فقط. خيمة معنوية تحمي الإعلام والإعلاميين. خيمة أحرقت أطرافها يوم قتلت عبوات "سماحيّة" الهوى الزميلين سمير قصير وجبران تويني. يومها ظننّا أن القاتل لا يرتكب مجازر جماعيّة في الإعلام.
كنت أقول لنفسي: هناك كثيرون على اللائحة قبل اسمك. مئات ربّما. ما زلت صحافيا صغيرا يلهو بانتقاد من هنا أو من هناك. لكن يوم حاول وسام إحراق "الجديد" كان يمكن أن يحرق متمرّنا أو موظّف أرشيف أو بوّابا أو أيّ عابر قرب المكان. 
مرّة سألني صديقي عن طموحي المهني، فقلت له: أن أشبه سمير، من دون أن أموت مثله. يومها كان القاتل يقتل واحدا واحدا.
اليوم، قد يحرق أحدهم تلفزيونا بكامله. قد يقصف حيّا بكامله. ربّما "إحراق الجديد" تتمّة جنائية للمجازر في سوريا. هناك ما عاد القاتل يفجّر عبوة، صار يدمّر حيّا كاملا أو مدينة. إعترافات ميشال سماحة تثبت أنّ تفجيرات شعبية كبيرة هي "العقل الجديد" الذي يدير لعبة القتل. "إحراق الجديد" تتمّة إعلامية لهذا الجانب.
 

 اليوم وسام بات حرّا. من ستسبق الثانية: ندى أندراوس أم نوال برّي؟ وسام أكثر تشويقا من آل المقداد. ماذا سيقول؟ هل سيقول إنّها "فشّة خلق" ولا تستأهل؟ أعرف كثيرين باتوا ليالٍ أكثر في السجن بسبب حوادث سير أو حوادث تعتبر "قضاءً وقدراً".
وسام علاء الدين لا يشبه شادي المولوي. لا يشبه أيّ مجرم أو مشتبه به أو بريء أوقف ثم أُطلق لأسباب سياسية أو عشائرية أو طائفيّة أو مذهبيّة. فوسام حاول إحراق محطة تلفزيونية بأكملها.
أن يخرج وسام علاء الدين من السجن مقابل "كفالة مليوني ليرة" يعني أنّ هناك من يريد القول للإعلام اللبناني إنّه بات مكشوفا. وفي هذه اللحظات "المفصليّة" (أكره هذه الكلمة لكن هذه المرّة ليست كليشيها) فإنّ رفع الحماية عن الإعلام تعني اغتيالات إعلاميّة في الآتي من الأيام.
سماحة لم يكن يلعب. سماحة ليس وحيداً. سماحة وعي وليس سلوكاً طارئاً. سماحة ليس استثناءً (تحية إلى جوزف سماحة). سماحة نهج. سماحة هو اللبناني كما يحبّه السوري. سماحة عقلية تدير محوراً بكامله.
واليوم سماحة في السجن، لكن في لحظة وساميّة. وسام بات حرّا لأنّه لم يؤذِ أحداً. ربما غدا يخرج سماحة لأسباب مشابهة. فهو لم يفجّر، تماماً كما أنّ وسام لم يحرق.
أن يخرج وسام من السجن يعني أن ندخل كلّنا، صحافيين ولبنانيين، إلى السجن. يعني أن حياة عشرات، أو ربما مئات الصحافيين وجيرانهم، تساوي ليرات قليلة فقط.

مليون عار. مليون عار. مليون عار.

السابق
تدابير سير في النبطية في ذكرى الصدر
التالي
لماذا حملة طرد السفير السوري الآن؟