الأمن الغذائي الى الواجهة

إستباحة "وقحة" للأمن الغذائي تضرب صحة المواطن عرض الحائط مجدداً… فمن الخضار الى اللحوم والدجاج درْ. يبدو أن سُبحة الاستخفاف بما يدخل بطون المواطنين ما زال بطل المستودعات ومعها المطاعم والفنادق التي قد تكون ضحيتها… وربما شريكها المتواطئ.

على امتداد أسبوعٍ، ضُبطت أطنان من اللحوم الفاسدة منها المتلاعب بتواريخها بعدما انتهت صلاحيتها، ومنها المرمية في مستودعات خاصة بدت عليها علامات التاريخ. أسبوعٌ أفضى الى حصيلة 190 مطعماً وملحمة وسوبرمارك، و75% من الفنادق التي تقدّم لزبائنها مواد غذائية لا تستوفي معايير السلامة الغذائية، فيما نسبة 80% من المستوردات الغذائية، هي "ستوكات" إما منتهية الصلاحية أو على وشك ذلك. هي حصيلة أولية تمكّن المعنيون من الكشف عن حلقة من حلقات متتالية لمسلسل الفساد الذي انتقل من الطبقة السياسية الى الطبق اليومي.

وفي هذا المضمار، أكد رئيس جمعية المستهلك زهير برو في حديث الى "صدى البلد" أن عدداً هائلاً من المتاجر يلجأ الى تلف المواد الفاسدة لديه، ما يدل على التاجر يتخوف وللمرة الأولى من الدولة أي أن أرقام المطاعم والفنادق المتورطة في قضية الفساد تتسارع بشكل يفوق التصوّر". وشدد على "أننا نعمل على ملف فساد المواد الغذائية منذ العام 2001 مع الامم المتحدة (اليونيدو) على قانون سلامة الغذاء إلا أنه وحتى الساعة، ترفض الحكومة البحث في هذا القانون".
وأوضح أن "جمعية المستهلك ما زالت تتابع ملف سلامة الغذاء وتطرح الأطر اللازمة له، أما القوى الامنية فتتحرك جاهدةً في سبيل ضبط المخالفات وتساندها في ذلك مديرية حماية المستهلك، وبالتالي نعمل على تسليط الضوء على المشكلة الحقيقية والضغط عليها بهدف توعية المواطن حول نوعية الغذاء المتداول في أطباقهم اليومية".

أما عن العقوبات، فلفت الى "أن القانون يفرض عقوبات معينة على المزورين والمتورطين فيما أن تنفيذها يأتي مختلفاً لما هو مفروض". وقال: "القانون يفرض عقوبة السجن لمسبب التسمم لدى أيّ مواطن بفترة تتراوح بين ثلاث وعشر سنوات، إنما في لبنان لم يطبق القانون يوماً، ما شجّع التجار على متابعة لعبة الفساد عبر الرشاوى وغيرها من أساليب الفساد، نتيجة الممارسات الخاطئة من قبل الدولة وتواطئها مع التجار"، مؤكداً "وجود تغطيات سياسية وراء انتشار ظاهرة الفساد في أمننا الغذائي".

وقال: "تنطوي كل البضائع الموجودة في لبنان في معظهما على فساد، نتيجة التواطؤ بين الطبقات السياسية والتجار، أما اليوم، فيبدو أن انهيار بعض من كبار التجار شكل خوفاً لدى الباقين، ما دفع بعضهم الى التخلص من المواد الفاسدة لديهم أمس في جسر نهر الباشا خوفاً من إلقاء القبض عليهم". وأمل في "تنظيف السوق موقتاً في انتظار استكمال تطبيق قانون لسلامة الغذاء لحماية المستهلكين وليس لحماية التجار وتعطى الصلاحيات مع التغييرات الضرورية لأن استمرارها بهذا الشكل مستحيل".

وأعلن عن خطوات مستقبلية تتجسد في اعتصام أمام مجلس الوزراء للضغط على الحكومة لاتخاذ إجراءات تنهي هذه الحالة المأسوية.
وعن وصف أحد المسؤولين بأن الأرقام المتداولة في الاعلام هي مبالغة، شدد برو على أن "من يتكلم بهذه اللهجة يكون داعماً أساسياً للفساد مطالباً بإيلاء أهمية قصوى لما يحكى عن مواد فاسدة من قبل المواطنين". وأشار الى وجود ثلاث ماركات مهمة (معلبات وحليب خاص للأطفال) في الاسواق تحتوي على الدود والسوس.

وبعد جولة على المطاعم والفنادق في بيروت، أوضح برو أن "معظمها خالية من الزبائن خوفاً من المعمعة الحالية"، مؤكداً أنهم "طرحوا مساعدات على أصحاب المؤسسات لتمكينهم من العمل على الطريق الصحيح إلا أنهم غير مهتمين لذلك، في ظل حصولهم على أرباح خيالية". وأشار الى أن المفاجأة الكبرى تكمن في أن الطبقة الغنية غير محمية من فساد الأطعمة التي تطال الجميع وما من أحد "فوق راسو خيمة".

وأكد رئيس "الهيئة الوطنية الصحية" النائب السابق اسماعيل سكرية "أن حجم المخاطر والاذى اللاحقين بصحة اللبنانيين، هو أكثر بكثير مما يُحكى عنه، بحيث أصبح من الصعب تناول مادة غذائية خالية بالمطلق من السموم والكيميائيات والمواد المسرطنة، بفعل تراكم مسبّبات التلوّث الغذائي منذ عقود، في غياب أي رقابة أو محاسبة".
من جهته، أعلن رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد شقير "أن الغرفة اتخذت قراراً بشطب عضوية المؤسسات المسجلة لديها والتي ثبت تورّطها بفضيحة اللحوم والاغذية الفاسدة". وفي السياق ذاته، أدان نقيب أصحاب الـ"سوبرماركت" نبيل فهد جميع المتورطين في قضية الأغذية الفاسدة، وشجبه لهم.

ورغم أن موجة الفساد غالباً ما تضرب مناطق مختلفة في لبنان، إلا أن تساؤلاتٍ عدة تُطرح اليوم، عن كيفية دخول تلك البضائع الفاسدة عبر الحدود، ولمَ لم يتم التستر عنها كما عبر الأعوام السابقة؟ وهل سيتم إقفال الملف على غرار ملفات الفساد السابقة التي أقفلت على غفلة؟ والى متى يبقى الأمن الغذائي مستباحاً وعلى شفير الهاوية؟

… وفي الجنوب أيضاً
محمد دهشة
انتقلت حمى اللحوم والمواد الفاسدة من العاصمة اللبنانية بيروت الى الجنوب، حيث ذكرت مصادر أمنية أن دورية من مصلحة الاقتصاد بمؤازرة قوى الامن الداخلي دهمت مستودع (اندريه.ح) في بلدة برج الملوك وصادرت منه ثلاثين صندوقا من المواد الغذائية الفاسدة من اللحم والدجاج المثلج والتي تعود الى الشهر الثاني من العام 2011 وهي منتهية الصلاحية وختمت الدورية المستودع بالشمع الاحمر بناء على إشارة القضاء المختص حيث أحيل صاحبه الى مخفر درك برج الملوك للتحقيق. كما ضبطت لجنة الصحة التابعة لبلدية صور كميات كبيرة من المواد الغذائية الفاسدة في عدد من المحلات في المدينة وصادرتها، ومن بين المواد المضبوطة معلبات، لحوم واجبان وغيرها من المواد الاستهلاكية اليومية.

أطنان فاسدة
عبد السلام تركماني
تمكنت الاجهزة الامنية بالتعاون مع وزارة الصحة ومصلحة حماية المستهلك من ضبط كميه من اللحوم الفاسدة قدرت بنحو 7 أطنان داخل إحدى غرف ثلاجة المواسم المتخصصة بتخزين وتبريد اللحوم والاسماك على أنواعها والتي تقع في منطقة البداوي شمال مدينة طرابلس .وبعد الكشف على صلاحية البضاعة والتثبت من إنتهاء صلاحيتها قامت الشرطة القضائية بختم الغرفة بالشمع الاحمر.
في انتظار جلاء التحقيقات، تم ضرب طوق أمني حول مبنى البراد وفرزت دورية من قوى الامن تقوم بالتواجد شبه الدائم في حرم البراد. وتردد أن هناك شخصين موقوفين على ذمة التحقيق في القضية، ولم تعرف هويتهما بعد.

وتبين وفق المعلومات الأولية غير الرسمية أن اللحوم تم استيرادها من خارج لبنان وهي كانت مخبأة في الثلاجة منذ أشهر عدة وقد تم توزيع قسم منها في عيد الاضحى المبارك الفائت على عدد من المواطنين.
من خبرة بعض من خدم في الوظيفة، يتم تناقل معلومات عن أن بعض الافران كانت تعمد الى نقع الخبز الذي لا يباع في الماء ويعاد خلطه مع العجنة الجديدة للتخلص منه. وحذرت المصادر من واقع صناعة القشطة التي تتم صناعتها في بعض الاماكن دون أي شروط صحية سليمة، علماً أن الدائرة في طرابلس لا تملك أي مختبر لتحليل المواد بل يجرى إرسالها الى بيروت وتأتي النتيجة حسب ضغط العمل في مختبر بيروت وقد تمتد الى أسبوع أو عشرة أيام .  

السابق
هل تعلم اسرائيل ما قد ينتظرها خلف “فاطمة”؟
التالي
من هو دون جوان العصر؟