النبطية بين شح المازوت والتقنين

لم يوفر الشحّ في مادة المازوت الأحمر المخصّص للتدفئة، منطقة النبطية، أسوة بسائر المناطق، والمواطنون الذين استبشروا خيراً أثناء متابعتهم التجاذبات في جلسات مجلس الوزراء أواخر العام الماضي، للوصول إلى قرار دعم صفيحة المازوت الأحمر، "ناموا على حرير الوعود"، آملين أن ينهي هذا القرار قضية تأمين المازوت، وأن يوفر لهم حق التدفئة بأقل كلفة ممكنة، إلاّ أنهم أفاقوا بداية العام الجديد بعد وضع القانون قيد التنفيذ، على أزمة تتفاقم يومياً وتتشعب في غير اتجاه.

حصة النبطية من مادة المازوت الأحمر هي ضئيلة أساساً، ولا تكفي السوق، كما أن الكمية المخصصة لها هي ذاتها على مدار السنة، من دون مراعاة اشتداد الطلب عليها في فصل الشتاء.

ورغم هذا، يشير صاحب محطة في النبطية لـنا، أن مصفاة الزهراني التي تزوّد محطات النبطية بكافة أنواع المحروقات، اعتمدت منذ بداية السنة جدول تقنين استنسابياً، يقضي بتزويد عدد قليل من المحطّات في المنطقة البالغ عددها نحو 65 محطة، بمادة المازوت الأحمر مرة أسبوعياً، علماً أن الحصص تذهب إلى التاجر الأقوى في السوق، أو لمن لديه علاقات طيّبة وأسهم معنوية عالية عند المشرفين على التوزيع، ولهذا، قرر عدد كبير من أصحاب المحطّات في المنطقة، صرف النظر عن الإتجار بهذه المادة.

ضآلة كمية المازوت الأحمر المخصصة للنبطية، وعدم توافرها في غالبية المحطات، أدّيا إلى ظهور أزمة تدفئة غير مسبوقة في المنطقة، الأمر الذي دفع بالمواطنين إلى البحث عن وسائل تدفئة بديلة، كاستبدال مدافئ المازوت بمدافئ الحطب، أو شراء المازوت الأخضر غير المدعوم، الذي يزيد سعر صفيحته 3000 ليرة عن المازوت الأحمر المدعوم.

تجدر الإشارة إلى أن دون ذلك محاذير وأضراراً، حيث نشطت في الآونة الأخيرة، حركة التحطيب الجائر، التي كانت أحراج المنطقة ضحيتها.

وفي سياق متّصل، يؤكد ناشطون بيئيون، أن استعمال المازوت الأخضر للتدفئة يشكّل خطراً مباشراً على صحة المواطنين والبيئة.

إزاء هذا الوضع، يرى سكان النبطية، أن دعم صفيحة المازوت الأحمر انعكس كارثياً، ولم تستفد منه إلاّ شريحة محدودة من المواطنين، فيما هلّل له بعض التجار، ممن يملكون فنوناً في استغلال هكذا قرارات لمضاعفة أرباحهم.

وأكّد أحد المواطنين لـنا، أنه جال على أكثر من محطة للحصول على غالون مازوت صغير لتأمين يوم تدفئة واحد، وبعدما نفذ خزّان سيارته من البنزين، وجد ضالته في إحدى المحطات، لكنه عاد إلى منزله ليكتشف أن المازوت الذي اشتراه كان خليطاً بين الأحمر والأخضر، كما أنه دفع ثمن الصفيحة المغشوشة، 29500 ليرة بدلاً من التسعيرة الرسمية 26400.

من جهته، اعتبر أمين سر تجمع أصحاب محطات الوقود في الجنوب "وسيم بدر الدين" أن تفاقم أزمة المازوت في النبطية وفي البلاد عموماً، يعود إلى أسباب عدّة، أولها عدم توافر شروط عادلة في التوزيع على المناطق، فيما تضع شركة كهرباء لبنان يدها حسب الحاجة، على قسم لا بأس به من مخزون المازوت في مصفاتي الزهراني وطرابلس، لتشغيل معامل التوليد، وتقتطعه من حصة السوق، كذلك فإن قرار رفع القيمة المضافة على المازوت الأحمر، الذي فتح الباب أمام الإحتكار والغش، كان يجب أن يشمل المازوت الأخضر أيضاً، لأن أصحاب المحطات عادة كانوا يعوّضون نقصان الأحمر بوفرة الأخضر، إلاّ أن هذا الأمر أصبح مستحيلاً اليوم، لأن فارق التسعيرة بينهما وصل إلى 3000 ليرة .

كذلك يؤكد "بدر الدين" وجود أزمة مازوت حقيقية في النبطية، ونضوب المادة في عدد كبير من المحطات، بسبب اعتماد مصفاة الزهراني برنامج تقنين قاسياً، فضلاً عن شيوع عمليات غش عبر خلط المازوت الأخضر بالأحمر، وبيعه على أساس أنه أخضر، للهروب من التزام التسعيرة الرسمية، وبيع كميات "الأخضر" التي كسدت بعد تنفيذ القرار.

ولفت "بدر الدين" إلى أن رفع القيمة المضافة عن المازوت الأحمر هي تجربة فاشلة، تتكرر سنوياً، ولا ينتج عنها سوى المزيد من الأزمات، والفارق الوحيد في القرار هذه السنة، أنه غير محدد بفترة زمنية، ويرى أنه كان يجب على وزارة الطاقة تعويم السوق بمادة المازوت الأحمر قبل إقرار الدعم، وكذلك استتباع هذه الخطوة بدعم صفيحة المازوت الأخضر، وقال:" إن خطوة وزير الطاقة هي ناقصة، وكان يجب أن تتكامل بتساوي سعري المازوت الأحمر والأخضر. ودعا "بدر الدين"إلى مراجعة نقدية للقرار الصادر عن الحكومة، لإنهاء هذه البلبلة في الأسواق، ووضع حد لمعاناة المواطنين". 
 

السابق
مناورات إسرائيلية لامست قذائفها الحدود
التالي
المرأة والربيع العربي