تجلبان الخراب على اسرائيل

نقاش الشأن الذري الايراني حيوي. فالحديث عن مصير كل واحد منا ومستقبله، ونريد ان تتصرف الحكومة بمسؤولية وحكمة. ولما كانت المسؤولية والحكمة لا تميزان قرارات الحكومة في مجالات غير قليلة، فان القلق كبير. لأنه قد ثبت أنه اتُخذت في شؤون وجودية ايضا قرارات مخطوءة تنبع، مثل بعض قرارات اتخذها اريئيل شارون بتأييد من حكومته، من بواعث اجنبية. في العقود الثلاثة الاخيرة عمل الجيش الاسرائيلي ايضا أكثر من مرة بحسب تصورات استراتيجية مخطوءة وأخفق اخفاقات مؤلمة في الدافعية وفي تنفيذ المهام ومن جملة ذلك حربا لبنان الاولى والثانية.
ان علم المتناقشين في الشأن الذري الايراني حتى من اولئك الذين يُسمع رأيهم، قليل. تعوزهم المعلومات الاستخبارية التي هي عتيدة لقليلين جدا فقط. وهم يفهمون القليل جدا في التفصيلات التقنية المعقدة، برغم ادعائهم. ويستمد جزء كبير من دعاواهم المعارض للهجوم من مصادر مصلحية وتلاعبية كما يمكن ان نلاحظ.

وهو ايضا نقاش سياسي. فالرأي المتخذ يطابق في الأكثر الرأي السياسي للمتناقشين. وعلى نحو عام يعارض اولئك المنتمون الى اليسار الهجوم على ايران، والصراع هنا ايضا بين أخيار وأشرار، بين المعسكر المسؤول والمعسكر المغامر.
ان تبني مصالح اجنبية يؤثر ايضا في النقاش. ففي مؤتمر سابان مثلا تحدث الامريكيون في صرامة بل فظاظة معارضين الهجوم على ايران. وتبنى الاسرائيليون في المؤتمر (الذين منحهم المنظمون الشعور بأنهم شركاء في صوغ سياسة تنقذ اسرائيل والمنطقة)، تبنوا المصلحة الامريكية الاقليمية والعالمية والروح العامة التي غطت المؤتمر. وهكذا يتصرف غير قليل من صاغة الرأي العام الاسرائيلي لا في هذا المؤتمر وحده.
ويقرر متباحثون مختلفون ليسوا قلة موقفهم بحسب علاقتهم الشخصية بمتخذي القرارات الرئيسين: بنيامين نتنياهو واهود باراك. وكلاهما غير محبوب من أكثر المحللين وكُتاب الصحف الرواد. ان من يعارض نتنياهو (ومن يكرهه بيقين ويوجد منهم كثيرون) يعرضه على أنه يخضع لوسواس وأنه شديد الحماسة لضغط الزناد. وكذلك الامر في شأن الداهية باراك. ويُتهم نتنياهو وباراك في الوقت الذي يقوم فيه مئير دغان في منزلة المُقرع النبي إرمياء بأنهما قد يجلبان مثل ملوك اسرائيل القدماء الخراب على اسرائيل.
يميل أكثر الاسرائيليين الى الاعتماد على الحكومة في نقاش الشأن الايراني. وهم منقسمون داخل أنفسهم أكثر من ان يكونوا منقسمين بين معسكرات سياسية برغم الدعاية ذات المسار الواحد. وكما يوجد خوف من هجوم يوجد خوف وبقوة لا تقل عن ذلك من عدم خروج في الوقت المناسب لضربة مضادة سبقية.
يكون الميل الطبيعي في هذا الوضع برغم جميع المخاوف، الاعتماد على اولئك الذين يعرفون ويملكون السلطة. ويقول أكثر الاسرائيليين لأنفسهم لا يمكن ألا يكون نتنياهو وباراك شخصين ذوي مسؤولية يخافان خوفا عظيما على مصير الشعب والدولة.
ان فريقا من الاسرائيليين وبخاصة أصحاب التأثير منهم لا يعرفون في اوضاع الطواريء التسامي وليسوا قادرين على اظهار التواضع والاعتراف بأنهم لا يعلمون؛ وليسوا قادرين على الانفصال عن آراء سابقة وعن غضب وكراهية ولا يعرفون كيف يمدون أيديهم.
ان الجمهور كله وأمننا القومي قبل كل شيء يخسران.  

السابق
عزلة نصر الله
التالي
حوري: الضابط السوري يمنع إنفجار الحكومة