خوري: التطورات الاقليمية توتر لبنان

اعتبر النائب السابق غطاس خوري ان الخروقات الأمنية المتعاظمة في الداخل وعلى الحدود "تؤشر الى أن لبنان تحول أرضاً سائبة"، وانتقد بشدة غياب المعالجات الحكومية، خصوصاً وأن مكونات السلطة متلهون بمناقشة قضايا لا تشكل أولويات في هذه المرحلة. وإذ لفت الى "استقتال بعض مكونات الحكومة لانتاج قانون انتخابي على مقاس طموحاتهم وعلى تحصيل أكبر قدر من مغانم التعيينات"، أرجع سبب هذا التوتر الى معرفة هؤلاء بأن ثمة "مؤشرات تنبئ بانهيار رعاتهم الإقليميين"، محذراً من أن "عدم الالتزام بتمويل المحكمة الدولية دونه وضع لبنان في مواجهة المجتمع الدولي واعتباره دولة مارقة".

الآتي نص الحوار:
 العنوان الأمني يشغل الناس؛ فعمليات الخطف والاعتداء والتضييق على الحريات في تزايد مستمر، كيف تقرأ الصمت الرسمي عن كل هذه المظاهر؟.
ـ منذ مدة والفلتان الأمني يشكل قاسماً مشتركاً في شكوى الناس، المتضايقون أساساً من أكثر من عنوان حياتي ومعيشي واقتصادي، لكن للمفارقة فإن الحكومة منشغلة بدفن رأسها في الرمال، بدليل أنها تجتمع لمناقشة قانون انتخابات العام 2013. فيما الخوف الحقيقي والسؤال الكبير هل تبقى دولة ووطن إزاء كل التحديات والخروقات التي تشكل تحدياً للسيادة وللشعب، وتؤشر الى أن لبنان بات أرضاً سائبة، وهو ما يستدعي العمل سريعاً لإعادة الاعتبار أمام المجتمعين العربي والدولي.
 بمناسبة الحديث عن المجتمع الدولي؛ يشهد منتصف هذا الشهر استحقاقاً استثنائياً مع عقد المحكمة الدولية أولى جلساتها العلنية، فيما الداخل منشغل بمسألة التمويل، ما رأيك؟
ـ المحكمة الدولية ماضية في عملها، رضي أطراف داخليون أو اقليميون أم لم يرضوا، وسواء أكانوا راضين عن عملها أم عكس ذلك.
المسألة الرئيسية هي أن هذه المحكمة تمثل حاجة ومطلباً وطنياً وأخلاقياً وانسانياً وقانونياً. هي الطريق الوحيد للعدالة، وهي أيضاً الطريق الوحيد للدفاع عن أي متهم، فهي ليست محكمة ميدانية أو عرفية بل هي محكمة دولية تتمتع بأعلى معايير الشفافية والصدقية والمهنية.
أنصح كل الساعين الى تعطيل عمل المحكمة بوعي أن عمله هذا انما يمثل حماية صريحة للقتلة، سواء علم ذلك أم لم يعلم، وهذا أمر غير مقبول لبنانياً وعربياً ودولياً، فضلاً عن أنه يشكل استفزازاً لأهالي الشهداء ولكل المواطنين.
على المستوى السياسي، والى ارباك مكونات الأكثرية الجديدة الواضح، يحضر الهجوم الدائم للنائب ميشال عون على بعض حلفائه، وعلى مكونات 14 آذار وخصوصاً "تيار المستقبل"، برأيكم ما هي خلفيات هذا السلوك؟.
ـ حملات النائب عون غير مستغربة أبداً. هجومه الدائم على "تيار المستقبل" وزعامته وعلى 14 آذار بمثابة عادة عنده. لكن ما يدعو الى الاستغراب والسخرية في آن هو هجومه على الرئيس نجيب ميقاتي حليفه نظرياً فهو يتصرف على أنه هو الرئيس الفعلي للحكومة ولذلك فهو يسابق الوقت لتحصيل مكاسب في أكثر من اتجاه؛ سواء على صعيد قانون انتخابي يضمن له العودة الى المجلس النيابي بكتلة كبيرة وخصوصاً في أقضية كسروان والمتن، أو من خلال نيل مكاسب في التعيينات الادارية لاستخدامها في تمتين قاعدته الانتخابية.
لكن الذي يبدو حتى الآن أن كلاً من الرئيس ميقاتي والنائب وليد جنبلاط يرفضان منطق الكيدية والاستئثار وبالتالي فهما ضمن دائرة هجوم عون. المشكلة الآن ليست عند ميقاتي أو "تيار المستقبل" أو 14 آذار، إن ما يستفز الفريق الآخر هو شعوره بأن الوقت بات يضيق عليه، ولذلك نشهد عملية استقتال لتحصيل أكبر قدر من المكاسب قبل أن تنهار المنظومة الاقليمية التي ترعى عون وحلفاءه.
 البارز اليوم (أمس) هو موافقة دمشق على خطة الجامعة العربية لوقف العنف ضد المدنيين، ما هي مؤشرات هذا التطور؟.
ـ ما صدر هو مؤشر الى أن الجامعة العربية ما عادت تتحمل استمرار العنف من دون التدخل، لكن ليس على قاعدة استباحة الدماء. ان ما قدمه مجلس الجامعة هو بمثابة فرصة للنظام السوري للذهاب بتسوية مع من يعتقد أنهم نزلوا عليه من خارج الحدود. الجميع يعرف أن الوضع خطير وإذا لم يتم تداركه فسيتجه نحو مزيد من الدماء. الواضح أن الجامعة العربية تريد اعطاء فرصة أخيرة من خلال مساعي حقن الدماء وايجاد تسوية مقبولة.
 أخيراً، ما هو مصير الحكومة اذا لم يتم تمويل المحكمة؟
ـ لا بد من التذكير بأن هذه الحكومة سبق أن كررت التزامها موضوع التمويل، ومواقف رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة واضحة وقد تكررت في أكثر من مناسبة ومكان. في السابق أيام حكومة الرئيس سعد الحريري كان اعتراض الفريق الآخر مبنياً على أنه يموّل محكمة ستحاكم قتلة والده، لكن اليوم هناك حزب سياسي مشارك في الحكومة يرفض التمويل خلافاً لالتزامات لبنان وهذا الموقف مخالف لأبسط قواعد العدالة والسيادة واحترام المجتمع الدولي. ما ندعو اليه هو حسم موضوع التمويل لأن في ذلك مصلحة للبنان على المستوى الداخلي وعلى مستوى علاقته بالعالم. لا بد من محاسبة القتلة كائناً من كانوا وهذا أقل وفاء للرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه الشهداء، وحقهم علينا جميعاً، أما المخاطرة بعدم التمويل فيحمل مخاطر اعتبار لبنان في حالة مواجهة مع قرار دولي اتخذه مجلس الأمن بالاجماع ومن دون أي (فيتو) من أي طرف، وذلك يعني اعلان مواجهة مع المجتمع الدولي وان لبنان تحول الى دولة مارقة. وعلى الرئيسين سليمان وميقاتي بذل كل ما هو ممكن لمنع وقوع لبنان في هذه الهاوية.  

السابق
مشاريع قديمة
التالي
السانت جود يحذر منتحلي صفة من جمع تبرعات لصالحه