لبنان في مرحلة الأسئلة؟؟

     
قد يسأل الباحثون والعارفون في الخفايا السياسية والزواريب الأمنية، لماذا باب التبانة وجبل محسن؟ ومن هي الجهات التي تقف وراء هذه الأحداث المتزامنة بين الفينة والأخرى؟ ومن هي الدول والجهات الداعمة لإحداث الفتنة التي وإن اندلعت نيرانها فإنها سوف تحرق الجميع؟
في بادئ الأمر، تتجه الأنظار داخلياً إلى القوة الأقوى والأفعل على الساحة السياسية الداخلية، والتي يشار إليها بالسبابة على أنها تقف وراء افتعال تلك المشاكل، خدمة لمشاريع محورية أو وقوفاً عند رغبات القيادات السورية كما يصرِّح كثيرون من قيادات الفريق الآخر، على طريقة الاتهام السياسي السيّئ الذكر.
لكن هذا الاتهام لا يجد له أيّ دليل على أرض الواقع، خصوصاً أنّ إشعال اية جبهة داخلية ليس من مصلحة فريق المقاومة، كما يؤكد أكثر من مصدر سياسي وأمني مطلع، لأنّه بغنى عن مثل هذه الأحداث التي قد تكون بمثابة انتحار جماعي، أو ضرب من الجنون.

فهذا الفريق، لا سيّما حزب الله بكلّ ما يمتلك من قدرات وإمكانيات، ليس من مصلحته مطلقاً خوض حرب أزقة، خصوصاً أنّ طابعها مذهبيّ تفتيتي، في وقت نحن في أمسّ الحاجة إلى كلّ عوامل التماسك والوحدة في مواجهة العدو الصهيوني وتهديداته المستمرّة والمتصاعدة، نتيجة اعتقاده بأنّ محور المقاومة أصيب بخسارة أساسية بفعل الأحداث الدائرة التي تشهدها سورية.
وتلفت المصادر في هذا السياق إلى أنّ فريق المقاومة لا يزال إلى اليوم يُلملم شظايا الحملة الإعلامية الكاذبة والشعواء التي شنت عليه في أعقاب معارك حماية المقاومة في 7 أيار 2008، وخصوصاً أنّ تلك الحملة المستمرة زوراً وبهتاناً تدّعي أنّ حزب الله اقتحم بيروت وتعدّى على «أهل السنّة»، وكأن بيروت ليست عاصمة لكلّ اللبنانيين، مع العلم أيضاً أنّ كلّ قوى المقاومة وليس حزب الله فقط انخرطت في معركة الدفاع عن المقاومة وحمايتها وصون شبكة اتصالاتها التي كانت هي المستهدفة في قرارات ذلك الليل الأسود في 5 أيار 2008.
وبالتالي يمكن الجزم أنّ فريق المقاومة وحلفاءه ليس من مصلحته خوض معركة جانبية هو بغنى عنها، وأنّ كل كلام يدعي بأن هذا الفريق يسعى إلى فتح جبهة داخلية في لبنان بهدف إراحة النظام السوري، ما هو إلا ذرّ للرماد في العيون، إذ تشير مصادر بارزة في قوى 8 آذار إلى أنّ أي خلل أمني إنْ تطوّر فسوف يحوّل لبنان إلى ساحة مفتوحة لتصدير الإرهاب إلى الأراضي السورية من دون وازع أو رادع، خصوصاً أنّ الحرب تكون قد أخذت مدىً جغرافياً أوسع، فتتشابك الحدود وندخل بالتالي في نفق الحرب الشاملة في المنطقة.

وبناء على هذه المعطيات، وفيما لو تمّ ربطها بالتصريحات كافة الداعية إلى إنشاء منطقة عازلة في عكار والشمال، والدعوة إلى نشر قوات للأمم المتحدة على طول الحدود الشمالية، إلى التصريحات المناهضة للجيش اللبناني في هذه المنطقة لدى نواب «المستقبل»، يُثبَّت أنّ المستفيد الوحيد من هذا التوتير ومن اتساع رقعته، هم الجماعات السلفية التكفيرية المتطرفة التي يقف خلفها ويدعمها تيار المستقبل، خصوصاً أنهم وبعد أن أصبحت عكار «منطقة عازلة»، بعد أن فرضت أمراً واقعاً إثر حادثة الكويخات، وبدء تسيير دوريات لما يسمّى «الجيش السوري الحر» والميلشيات السلفية، وإقامة الحواجز ليلاً، أرادت تلك الجماعات أن تكُفَّ يد الجيش نهائياً عن طرابلس، وجعل الشمال كلّه «منطقة عازلة» وذلك في سبيل توسيع رقعة عمل المتطرفين وجعل «إمارة الشمال في خدمة المخرّبين والإرهابيين في سورية».
أما الأخطر من كلّ هذا فيكمن في أنه لا يمكن لتلك المجموعات مهما علا شأنها وذاع صيتها العسكري واشتدّ عودها العمل بسهولة من دون أن يتأمّن لها غطاء سياسي وأمني يرعى تحرّكاتها، وفي هذا الإطار تشير المصادر إلى أن هبة الـ4 مليارات دولار المقدمة من قطر والسعودية إلى سعد الحريري، بحجة أنها عيدية لتحسين أموره وانتشاله من العجز، ما هي إلا أمر وإيعاز للحريري لتنفيذ ما أوكل إليه من إيواء القوى السلفية تحت جناحه السياسي، ريثما تتغيّر الأمور في سورية ولبنان كما يتوهّمون.

ومن ناحيته يأخذ وسام الحسن وفرع المعلومات دور الحاضن الأمني لتحركات تلك الجماعات عبر تأمين حركتها وجعلها بمنأى عن مراقبة أجهزة الدولة، وهي إنْ وقعت في شرك أجهزة مناوئة لأهواء الحسن، فإنه يعمَد الى تحريك الشارع المذهبي كما حدث معه في قضية شادي المولوي الذي تدينه وتجرّمه كلّ الأدلة الثبوتية الموثقة. وكذلك الأمر بالنسبة لما حصل في تحريك الشارع المذهبي في مجدل عنجر للضغط على الجيش لإطلاق سراح أحد الإرهابيين الذي ألقي القبض عليه، وقد ضبطت بحوزته متفجّرات وأعتدة عسكرية والذي اعترف أنه في صدد إنشاء «جناح عسكري لأهل السنّة».
وتشير المصادر في هذا السياق إلى أنّ مسرحية الحسن في قضية الوزير السابق ميشال سماحة ما هي إلا ستار أو شماعة يعلَّق عليها اتهام حلفاء سورية بتفجير الوضع شمالاً.
وختاماً لا بدّ من الاسئلة: هل تنجح المؤامرة؟ أم تُشلّ يد العابثين ويتمّ الضرب بيد من حديد كلّ من يعبث بالأمن وتتمّ محاسبة المتواطئين؟ أم أننا فعلاً أمام الانهيار الكبير؟  

السابق
مخيم ترفيهي للأولاد بتعاون الكتيبة الإسبانية والكيان
التالي
لا تأثير لطرابلس على سوريا