«داعش» نحو إمارة لبنانيّة بمنفذ بحري

سيطر تنظيم “داعش” في سورية على تدمر، ما يفتح الطريق أمامه الى حمص والسويداء، ويؤدي الى تقليص وجود النظام في بقعة جغرافية في العمق السوري معزولا عن البلدات المجاورة باستثناء لبنان، وذلك بفعل تقاسم “داعش” ووحدات حماية الشعب الكردية السيطرة على الحدود مع العراق، في حين يتقاسم “داعش” وفصائل إسلامية السيطرة على الحدود مع تركيا، وتسيطر “جبهة النصرة” وفصائل إسلامية معارضة للنظام على معبر نصيب الحدودي مع الأردن في محافظة درعا بجنوب البلاد منذ مطلع ابريل الماضي. أما معبر كسب في شمال محافظة اللاذقية فخاضع لسيطرة النظام، لكن الحركة فيه متوقفة.

مصادر في المعارضة السورية تتحدث عن دور لإيران في تحركات “داعش” وعن تسهيلات يقدمها نظام الأسد للتنظيمات الإرهابية بهدف ضرب قوى الثورة وتشويه صورتها ووضعها أمام خيارين: “داعش” أو الأسد، وتقديم نظام الأسد كشريك في محاربة الإرهاب (وتقديم الحشد الشعبي شريكا في العراق).

ويرى محللون خليجيون، أن هناك أسبابا كثيرة وراء فشل الخطة التي اعتمدها التحالف الدولي ـ العربي وجميع المعنيين باحتواء “الدولة الإسلامية” ومن ثم القضاء عليها. إدارة الرئيس باراك أوباما وشركاؤها اشترطوا وجوب التغيير السياسي في بغداد وهذا ما حصل. واشترطوا تصحيح الأوضاع في الحكومة. فكان لهم رئيس جديد، وحكومة لم يغب عنها ممثلو معظم القوى والمكونات.

لكن هذا لم يتعد الصورة أو الشكل. ما حصل فعليا ولايزال هو تردد الحكومة المركزية. رئيس الوزراء حيدر العبادي لم يستطع الوفاء بالتزاماته لإحياء اللعبة السياسية واستعادة الثقة في صفوف السنة. وقوى التحالف الشيعي كانت حاضرة ومستنفرة دائما في البرلمان وفي الوزارة. كما أنه لم يف بالتزاماته بتسليح العشائر في المحافظات الشمالية والغربية. في حين تعاظم دور قوات “الحشد الشعبي” الذي يأتمر جل قادتها بأوامر “الحرس الثوري” الإيراني.

وبعد عودة “داعش” الى وضعية الهجوم (الرمادي في العراق وتدمر في سورية) سؤال مطروح عن “الهدف التالي وأي مناطق سيختارها تنظيم الدولة الإسلامية ليتمدد فيها ويضيفها الى جغرافيا دولته المترامية الأطراف والعابرة لحدود سايكس بيكو”؟ وبعد تدمر وتقدمها المحتمل الى بلدة “الفرقلس” التي أصبحت حدود النظام مع البادية السورية، ستصبح خيارات “داعش” أوضح لوجستيا واستراتيجيا.

وستحدد هل تتمدد في اتجاه الحدود السورية مع الأردن (أقل من 135 كلم صحراوية)، أم تلتفت الى الوراء فتسيطر على دير الزور التي أصبحت حاميتها من الجيش السوري مقطوعة الصلة بدمشق بعد سيطرة “داعش” على تدمر، أم تتجه الى دمشق حيث المسافة بين الفرقلس والغوطة الشرقية 80 كلم صحراوية أيضا، لكنها ضمن هذا الخيار ستصطدم بألد أعدائها “جيش الإسلام” المسيطر على تلك المنطقة؟ أم تتجه نحو العمق الحمصي لتتصل بجبال القلمون حيث لها جيوب فيه خصوصا في جهته الشمالية.

لكل خيار من هذه الخيارات ميزات ونواقص. وحده خيار تمدد “داعش” في اتجاه الحدود اللبنانية يؤمن لها الهدفين الأمثلين في استراتيجيتها المرشدة لعمليات توسعها: كسر حدود سايكس – بيكو، والمصلحة الاقتصادية الاستراتيجية المتمثلة بامتلاك ممر تفتقده على البحر من خلال السيطرة على نقطة ساحلية شمالية أو على ميناء طرابلس.

وتؤكد إفادات موقوفين بارزين من “داعش” لدى الاستخبارات اللبنانية، أن في تفكيرها الاستراتيجي هدفا أساسا يقف وراء رغبتها بالوصول الى القلمون والريف الحمصي اللصيق بالحدود اللبنانية، وهو سيطرتها على ممر بحري لإمارتها في طرابلس اللبنانية او على خط الساحل اللبناني الشمالي.
وكانت “داعش” اعتبرت لفترة أن طرابلس هي هدفها الأسهل لتكون المنفذ الأول لإمارتها على البحر المتوسط نظرا لاستعصاء تحقيق هذا الهدف في منطقة الساحل السوري.

وفي شباط الماضي، كشف قائد الجيش العماد جان قهوجي لصحيفة “لو فيغارو” الفرنسية ما اعتبره الهدف الأساس لـ “داعش” وفق ما أفاد به موقوفوها الكبار وهو حصرا إشعال فتنة شيعية – سنية في لبنان، وفي الأساس “يريد “داعش” الوصول الى البحر اللبناني في الشمال، وليس لديه مثل هذا الممر لا في العراق ولا في سورية”.
والسؤال الراهن: هل ينعش استيلاء “داعش” على تدمر حلمه باستغلال امكانية التمدد منها الى الريف الحمصي اللصيق بلبنان، بغية الاقتراب من هدف إنشاء إمارة في شمال لبنان تمدّه بممرّ بحري؟

 

المصدر: الأنباء

السابق
الجمهورية : إجتماع بكركي يستحضر نصاب النصف زائداً واحداً.. . وبرّي: لا تعليق.. فليأتوا
التالي
سلَّموا الرمادي ويلومون أميركا!