تحرير ثلاثة عناصر وانهيار هدنة الـ 24 ساعة

خَرَق صوت القذائف وأصوات الإشتباكات بين الجيش اللبناني، وعناصر «جبهة النصرة» و»داعش» في عرسال منذ السبت الفائت، مشهد الإفراج عن عنصرين من قوى الأمن الداخلي وثالث من الجيش كانوا قد خطفوا عصر السبت بعد هجوم «النصرة» على مراكزهم، وهم: خالد صلح، طانيوس مراد، ورامي الجمل، وذلك بعد الوساطة التي قام بها وفد هيئة علماء المسلمين برئاسة النائب جمال الجراح والشيخ سالم الرافعي، والدكتور نبيل الحلبي، حيث أصيب الرافعي والحلبي بنار المسلّحين مع الشيخ جلال كلش إثر شجار معهم. وأتت عملية الإفراج بادرة ليوقف الجيش قصف المسلحين، وليتم التباحث في بنود وقف النار.

لكن الهدوء الحذر الذي خيّم على محاور القتال منذ منتصف ليل الإثنين حتى ظهر الثلثاء، خرقه قصف مدفعي متقطع على عدد من الأماكن التي يتحصّن فيها المسلحون، وتجدّدت الإشتباكات بعنف بعد الظهر على محور رأس السرج وجامع أبو اسماعيل، إستُخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، حيث ردّ الجيش بقصف مدفعي على أماكن المسلحين.

واستمرت الإشتباكات حتى خروج وفد العلماء بسيارة إسعاف تابعة للصليب الأحمر، ومواكبة أمنيّة إلى المستشفى اللبناني الفرنسي للمعالجة، بعدما اصطحبوا العناصر الثلاثة المفرج عنهم حيث تم تسليمهم إلى مركز الجيش في منطقة رأس بعلبك، بعد ذلك نقل الرافعي الى مستشفى الشفاء في طرابلس لاستكمال معالجته.

كيف أصيب المشايخ؟

وكان الوفد توجّه من منطقة شتورا عند الحادية عشرة ليل الإثنين إلى عرسال، بعدما خفّت حدّة الإشتباكات وأفسح الجيش في المجال أمامه لدخول البلدة، وضمّ الوفد أربع سيارات، لم يسمح الجيش سوى لواحدة منها بالدخول، ضمت الرافعي والحلبي وكلش، حيث اجتمعوا مع عدد من مسؤولي الجماعات التي تقاتل الجيش في عرسال، وشهدت الجلسة مشادات كلامية وخلافات، وبعد خروج الوفد تعرّضت سيارته لإطلاق نار على أيدي مسلّحي إحدى الجماعات، ما أدى إلى إصابة الرافعي في رجله والحلبي في رأسه وكلش في العمود الفقري، ونقلوا على أثرها إلى المستشفى الميداني في البلدة للمعالجة قبل نقلهما الى المستشفى اللبناني الفرنسي.

وفي خضمّ الإشتباكات، تعرّض موكب قائد فوج المغاوير العميد الركن شامل روكز لإطلاق نار خلال تفقّده أحد مراكز الفوج في وادي حميد، حيث نجا ومرافقيه من الإصابة.

إلتفاف على المسلّحين

وكانت تعزيزات للجيش من ملالات وآليات عسكرية ومدفعية وعناصر، بدأت بالوصول إلى تخوم بلدة عرسال، مترافقة مع وصول جرافة عسكرية مصفّحة، لشق طرقات في التلال والأماكن الوعرة وإقامة سواتر ترابية، كذلك عزّز الجيش انتشاره عند تلة 83 التي تبعد عن المهنية الرسمية حوالى مئتي متر، تلك المنطقة التي تطل على البلدة، وأحكم سيطرته على مناطق عين الشعب – وادي الرعيان، إضافة إلى تنفيذه عمليات إلتفاف على المسلحين من منطقة بدارية في اتجاه وادي السويد حتى طريق الرعيان للسيطرة على تلَّتَي عقبة الجرد والمبيضة الإستراتيجيتين، اللتين يسيطر عليهما المسلحون ويشرفون من خلالها على البلدة وبعض مواقع الجيش.

انهيار الهدنة

وبعدما وافق الجيش على هدنة لـ24 ساعة تقضي بوقف اطلاق النار مع المسلحين لإدخال مساعدات انسانية وغذائية الى عرسال وإجلاء الجرحى، على أن يفرج لاحقاً، وبعد ثبات وقف اطلاق النار، عن جميع المحتجزين من افراد القوى المسلحة اللبنانية، وانسحاب المسلحين من البلدة، انهارت هذه الهدنة إثر هجوم كبير شنَّته المجموعات الإرهابية على موقع للجيش في منطقة وادي الرعيان وأطلقت النار على مدخل البلدة، مانعة عشرات المدنيين والجرحى من مغادرتها. فردّ الجيش بعنف، وقبض على نحو 30 إرهابياً قرب المهنية.

من جهته، إستحدث الصليب الأحمر اللبناني مركزاً عند حاجز الجيش لتسهيل نقل المصابين العسكريين، وأزالت بلديات المنطقة بالتنسيق مع الجيش المطبات من الطريق الدولية لتسهيل مرور سيارات الإسعاف، وعملت مروحية عسكرية على نقل حسين طليس، أحد عناصر الجيش اللبناني الذين أصيبوا في عرسال إلى مستشفى دار الأمل الجامعي. أما حركة نزوح العراسلة تراجعت أمس بعدما كان قد خرج نحو مئة عائلة خلال الأيام الماضية.

وكان بعض مواقع التواصل الإجتماعي بث فيديو يُظهر قتلى ونسَبَه الى عناصر في الجيش اللبناني، لكن سرعان ما أعلنت قيادة الجيش أنّ بعض مواقع التواصل الإجتماعي يعمد الى عرض مشاهد لعدد من جثث القتلى باللباس العسكري، بالإضافة إلى مشاهد لمسلحين يقومون بقتل عسكريَين بطريقة وحشية، والإيحاء بأن الأخيرين ينتمون إلى الجيش اللبناني.

يهم قيادة الجيش، الإشارة إلى أن أياً من صور هؤلاء القتلى ليست لعناصر الجيش اللبناني، وقد تبيّن أن هذه المشاهد مأخوذة من أحداث جرت خارج لبنان ومنشورة سابقاً.

وفي هذا الإطار، كلّف مفوّض الحكومة المعاون لدى المحكمة العسكرية القاضي داني الزعني، مخابرات الجيش، التحقيق في نشر الصور.

السابق
ما الذي دار في لقاء سلام مع المشنوق وريفي وخير؟
التالي
المسلحون يطلبون ضمانات بعدم ملاحقة مطلوبين في عرسال