التمثيل الفلسطيني في لبنان بات… سفارة

مع اقتراب الاستحقاق الفلسطيني في مجلس الأمن الدولي الشهر المقبل، لطلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، شهد لبنان أمس خطوة بارزة تمثلت بافتتاح الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس، مقر السفارة الفلسطينية في منطقة الجناح، وأزاح في حضور رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الستارة عن اللوحة التذكارية عند مدخل السفارة ثم رفعا العلم الفلسطيني وعزفت الموسيقى النشيدين الفلسطيني واللبناني.

ثم انتقلا إلى القاعة الرئيسية، حيث صافحا الحضور وفي مقدّمهم ممثل رئيس مجلس النواب نبيه برّي النائب علي بزّي، ووزراء ونواب وشخصيات.

وقد أعرب عبّاس عن "سعادتنا نحن الفلسطينيين أننا نرى في هذه الأيام العلم الفلسطيني يرفرف في قلب لبنان، في قلب الشعب اللبناني، وفي قلب كل لبناني يحب فلسطين، ليكون رمزا لدولة فلسطين في الدول الشقيقة". وقال: "مع ذهابنا قريبا إلى الأمم المتحدة يصادف أننا نرفع اليوم علم سفارة فلسطين في لبنان، ونذهب سويا نحن ولبنان إلى الأمم المتحدة من أجل الحصول على عضوية كاملة لدولة فلسطين في هذا المحفل العالمي. ومن هنا ستكون هذه الأيام صعبة، ولكنها ستكون أياما مجيدة، حيث للمرة الأولى يغرس الشعب الفلسطيني دبوسه على خارطة العالم، ويكون دولة، وهذا بدعم جميع الشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم الذين يقفون معنا، حيث أن هناك 122 دولة تدعمنا وتؤيدنا للوصول إلى هذا الهدف".

ولفت إلى "أننا هنا في لبنان لنتحدث عن همومنا الداخلية بعضنا مع بعض، وهي ليست هموما، بل قضايا مشتركة بيننا وبين أشقائنا في لبنان"، مجدّدا رفض التوطين، وعدم حاجة الفلسطينيين للسلاح لأننا محميون من الحكومة والجيش اللبناني، وهذان أمران سنبني عليهما مع إخواننا في لبنان للوصول إلى تفاهم وحل المشكلات اليومية، وهي ليست معقّدة لكنّنا، بإذن الله، قادرون على حلها. وختم بالقول: "أتمنّى وأرجو من الله أن يأتي اليوم الذي نرى فيه العلم اللبناني مرفوعا في القدس الشريف".

عند ميقاتي

وكان عبّاس وصل إلى السراي في الثانية والنصف بعد الظهر، وبعد التشريفات الرسمية، عُقد لقاء ثنائي في الجناح الخاص لرئيس الحكومة، أعقبه محادثات موسّعة، أكد فيها ميقاتي "دعم لبنان دخول فلسطين الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولا سيما من موقعه كرئيس لمجلس الأمن في أيلول المقبل، وكذلك رئاسة قطر للجمعية العامة". وتمنّى أن "تكون هذه الخطوة مناسبة لإيقاظ الضمير العالمي من سباته العميق تجاه هذه القضية العادلة".

وشدّد على أنّ "الحكومة اللبنانية ستبذل قصارى جهدها، وفي حدود الإمكانات المتاحة، لتحسين ظروف الحياة لأشقائنا الفلسطينيين المقيمين في لبنان، والعمل على تخفيف وطأة الظروف التي مر بها لبنان والتي انعكست عليهم وعلى شريحة غير قليلة من أشقائهم اللبنانيين داخل لبنان".

ورحّب ميقاتي بإعلان عباس "أنّ الأخوة الفلسطينيين يخضعون للقانون والسيادة اللبنانيين، وبالتالي لا يؤمنون بوجود سلاح فلسطيني لحمايتهم"، معتبرا أن هذا الكلام "له وقع مهم في نفوس اللبنانيين الذين يسعدهم أن يحموا الشعب الفلسطيني الشقيق، وهذه إرادة لا تعبّر عنها الحكومة فحسب، بل كل مكونات الطيف السياسي اللبناني في الموالاة والمعارضة".

أضاف: "نقدّر عاليا مع اللبنانيين قولكم بسيادة لبنان ووحدة أرضه وقيادته، وفي هذا الكلام ما يبعث الطمأنينة ولا سيما عندما ستكون له الترجمة العملية من خلال التزام قرارات الحوار الوطني والتعاون مع لبنان في سبيل ذلك"، مشددا على وجوب "عدم السماح لأي مجموعة أن تستعمل من قوى خارجية لتكون أداة تخريب للأمن اللبناني خارج المخيّمات".

بدوره، جدّد عباس "تأكيد رفض توطين الفلسطينيين في لبنان"، مشدّدا على "أن الفلسطينيين في لبنان لا يحتاجون إلى السلاح، لا في داخل المخيّمات ولا خارجها، لأنهم في حماية الشرعية اللبنانية، وأمر السلاح تعود معالجته إلى الدولة اللبنانية، ونحن نحترم قوانينها وسيادتها".

ومساء أقام ميقاتي حفل إفطار رسمي على شرف عباس والوفد المرافق، مؤكدا أنّ "بين لبنان وفلسطين الكثير من القضايا المشتركة، والشرط الأساسي لمواجهة العدو هو الوحدة". وأعلن أنّ "الحكومة ستبذل قصارى جهدها لتحسين ظروف الفلسطينيين إلى حين عودتهم إلى أرضهم"، لافتا إلى أنّ "لبنان سيدعم جهودكم الرامية إلى الاعتراف بفلسطين"، مبديا أسفه لأن "الجهود من أجل السلام لم تلقَ آذانا صاغية".

وأعلن "أننا مقبلون على تحديد المناطق البحرية لاستثمار ثروتنا من النفط والغاز ونحن ندرك أن إسرائيل الطامعة بأرضنا ومياهنا وثرواتنا، لن تجعل مهمتنا سهلة ما يفرض تضامنا لبنانيا غير مسبوق يحمي قرارنا بعدم التفريط بذرة واحدة من ترابنا، أو نقطة واحدة من مياهنا، أو شبر واحد من ارضنا وما في باطنها، ويلزم إسرائيل استكمال تطبيق قرار مجلس الأمن الرقم 1701 الذي اعلن لبنان التزامه تطبيق كامل مندرجاته" .

الجميّل

وكان عبّاس التقى في مقرّ إقامته في فندق "الحبتور" الرئيس أمين الجميّل في حضور نائب رئيس الكتائب سجعان قزي والوزير السابق سليم الصايغ. وقد دعا الجميّل إلى "تعاون لبناني – فلسطيني لمعالجة القضايا الخلافية من خلال إنشاء لجنة لبنانية – فلسطينية تعالج الأمور العالقة"، آملا في أن يكون للكتائب "وجود أساسي فيها لطرح الهواجس والتعاون على تعزيز المسيرة الفلسطينية التي حققت تقدما في اتجاه إعلان الدولة الفلسطينية". من جهته، قدّر عباس موقف الجميّل من موضوع رفع التمثيل الفلسطيني في لبنان إلى سفارة، ووقوفه المستمر إلى جانب القضية الفلسطينية.

جعجع

والتقى عباس كذلك رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع الذي رأى أنّ من الطبيعي أن يكون لبنان عرّابا للفلسطينيين في مجلس الأمن، "وسيكون سبّاقا في هذا الشأن". وشدّد على أهمية "التمسّك بحق العودة، وإبقائه مطلبا أساسيا".

السابق
الطلاب أمام خيارين … أحلاهما مرّ!
التالي
حسن فضل الله: كنا وما زلنا نعمل للوصول الى الحقيقة