دولة مجندة عند «الثنائي المسلح»

الإشكاليه ليست في أن يشارك الحزب وحواضره، من الحركات والجماعات والفصائل والمجموعات المسلحة، في فتح الجبهة على مصراعيها، وهو يعلم أن هذا الأمر ليس بيده، وليس له الخيار في رفض أو قبول أمر، يحدده ولي فقيه ايران والحرس الثوري، وهو بالتالي لا يخرج عن وظيفته التي أسندت اليه منذ تأسيسه، وإنما المشكلة تكمن في أصل حيازته للسلاح والعسكر، الذي به يفرض شروطه، فيسهل تارة ويعطل أخرى، ويغري احياناً ويهدد أخرى، ويغزو من ليس بامكانه تطويعهم، المشكلة أن الحزب مسلح وليس حزباً سياسيا يتعاطى الشأن الوطني، بل يقدم مصالح المشغل على مصالح لبنان، وهو ابتلع طائفة، وطوع من فيها من شخصيات وأحزاب ومؤسسات ومرجعيات دينية، ومنها على سبيل المثال حركة أمل و المجلس الشيعي لتكون تحت ولايته وكل هذا لم يكن ليحصل لولا القوة الشريرة التي بيده السلاح والمال والقوة ، إلا أن هذه العوامل التي يمتلكها “حزب الله” وحركة أمل”الثنائي المسلح “، لم يتم ولو لمرحلة من المراحل، استخدامها لمصلحة لبنانية، تعود بالاستقرار على الدولة والمواطنين، فهي كانت عامل تهديد داخل الدولة، وابراز قوة على المؤسسات، ومنها مجلس النواب الذي يشكو النواب فيه من الهيمنة، ومجلس الوزراء الذي يبقى محكوما في قرارته السيادية، فلا يخرج عن توجيهات ورغبات الثنائي المسلح.

هو يعلم أن هذا الأمر ليس بيده وليس له الخيار في رفض أو قبول أمر يحدده ولي فقيه ايران والحرس الثوري


ناهيك عن رئاسة جمهورية معطلة ومحدودة الصلاحية والتأثير، لأن الوصول اليها لا يكون إلا بمباركة مقاومة تستدعيك ساعة تشاء، ليكون جندياً حارساً لسلاحها وليس حارساً للدستور.
وبالتالي نصل من خلال هذه المراحل، التي اساس التحكم فيها هي بقوة ميليشيا والاحتكام إلى سلاحها.. وليس إلى الدستور والقانون، وبهذا يترنح من في الدولة استسلاما، بواقع لا يشبه اي دولة طبيعية، ويكون من فيها من المسؤولين أداوات وبكائين ومدانين وساكتين.
والوصول إلى مرحلة الاستسلام، بحيث تستخدم الميليشيات المسلحة الدولة للقمع، وتتعاطى مع المواطنين على أنهم خارجون عن القانون “وأي قانون هذا الذي يمنع الاعتراض السلمي”! فتشرعن عدة المليشيات بطشها وقمعها وقتلها، تحت عنوان الحفاظ على الدولة التي هم أسقطوها.

رئاسة جمهورية معطلة ومحدودة الصلاحية والتأثير لأن الوصول اليها لا يكون إلا بمباركة مقاومة تستدعيك ساعة تشاء

وما حصل في ثورة تشرين من اعتداء على المواطنين، دلالة محسوسة على استخدام قوى الشرعية على سبيل المثال “شرطة مجلس النواب”، وميليشيات الدفاع عن السلاح بالسلاح.
ومن السخرية أن تأخذ الدولة دور المتلقي، وبالأكثر دور الوسيط بين المجتمع الدولي، وتلك الاحزاب المسلحة، ومن الانحدار أن يصل بها الأمر، إلى أن تُجر إلى النقاش حول بديهية من البديهات، وثابتة من ثوابت الدول وسيادتها، وهو قرار السلم والحرب، الذي هو من بديهيات الدول فأي انحدار في مستوى الدولة هذا؟!
وأصبح من الطبيعي في وسط هذا النقاش، أن يتحرك السلاح بلا حرج، وتُخزن الأسلحة والذخائر بلا رقيب، رغم اعتراض الأهالي “الذين يتحولون فيما بعد إلى متهمين وجواسيس” بحجة خرق أمن المقاومة”
لقد جند “الثنائي المسلح” الدولة لتسويق سلاحه، وتبرير هيمنته بحجة الضعف في الدولة، وحجة مواجهة الاعتداءات، هذا التسويق من جهات مسؤولة في الدولة، يترك لبنان ساحة مفتوحة على احتمالات اتساع الحرب، ولعل هذه السياسة التبريرية ليست إلا استسلاماً لإمرة قوة السلاح، ومن يدفع أثمانها هو لبنان واللبنانيون.

أصبح من الطبيعي في وسط هذا النقاش ان يتحرك السلاح بلا حرج وتُخزن الأسلحة والذخائر بلا رقيب رغم اعتراض الأهالي


انها بالفعل سياسة عسكرية، لا تعترف بالرأي ولا بالقانون ولا بالدستور ولا دور السلطات والمؤسسات، ومن مسخرة عدم وجود تمكين مجلس النواب من انتخاب رئيس للجمهورية، بسبب الاحتكار لهذا المجلس من قبل رئيسه، الذي يتحرك ضمن مفاعيل قوة “حزب الله” إلى مجلس وزراء، تحول دوره من مقرر لسياسة البلد وعلاقات لبنان بالخارج، إلى مجرد مجلس بلدي.
هذا المشهد اللبناني القاتم سيبقى قائماً، ما دام هناك قوة مسلحة لا تخضع للقانون، وتُخضعُ صناديق الاقتراع حسب بوصلة فوهة البنادق المسلحة، وسيبقى المشهد هو هو وربما إلى الأكثر، سوءاً ما لم تبادر الدولة إلى استعادة نفسها.

السابق
بعد خمسة أشهر كاملة على العدوان.. نازحو الجنوب «يتألمون» و يلامسون ال90 ألفاً!
التالي
في قضية إستشهاد عريف بالجيش.. أول حكم بإعدام نوح زعيتر و«ابو سلّة»!