من «الهولوكست» إلى غزة..هل يتخلى «العم بايدن» عن «الطفل نتنياهو»؟!

بايدن ونتانياهو

هل بات فعليا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خارج رعاية الرئيس الأميركي جو بايدن؟ سؤال يطرح نفسه في هذه المرحلة، رغم متانة العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشكل كبير.

هل بسبب السير في العمليات البرية في مدينة رفح، حيث ستسير الدبابات على أجساد الهاربين من العمليات العسكرية في غزة، بعد ان باتت الاليات العسكرية تلاحق الناس العزل في الصحراء، ام نتيجة للإحراج الأميركي الذي يتسبب به رئيس الوزراء الاسرائيلي، مما اضطر الرئيس بايدن لرفع الصوت بوجه نتنياهو وتحذيره من هذه العملية؟ لكن هذه الإنذارات النهائية لإسرائيل، تشير الى أن أميركا ترفع الغطاء الكلي عن نتنياهو، والسير بحسب المثل الأميركي “اجلس على كرسي واحصل على حالة خاصة”. لكن هذا لا يشجعه بايدن على الإطلاق.

لقد أطلق الرئيس الأميركي جو بايدن، على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لقب “الفراغ” ثلاث مرات لا مرة واحدة. وتتنوع هذه الأشياء بين العديد من الشخصيات البارزة التي تبث الحياة في الخارج بالنسبة للعلاقة مع نتنياهو، حيث كان من الممكن أن يكون هذا هو الاختبار الصعب غير المرغوب فيه لبايدن، وهو أمر مؤكد، ولكن ليس علامة واحدة.

اذن في هذه الحالة، اسرائيل تضع الولايات المتحدة في ازمة حقيقية، لجهة علاقاتها مع الدول الصديقة والعدوة، وخاصة بأن أميركا التي ترعى إسرائيل وترى فيها أميركا الصغيرة. لكن في المقابل كما قيل، فإن مولودها الجديد هو نوع مشاغب يميل نحو ممارسة الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني، كما أظهرته حرب غزة الأخيرة، في الوقت الذي يتكلم الأميركي عن التطور والرفاهية (يحب الحديث في أمريكا عن “التقدم”)، حيث أطلق الاعلام العالمي على أعمال الجيش الاسرائيلي الذي يرتكبه ضد الفلسطينيين، اسم الإبادة الجماعية برعاية وحماية أميركية.

اسرائيل تضع الولايات المتحدة في ازمة حقيقية لجهة علاقاتها مع الدول الصديقة والعدوة وخاصة بأن أميركا التي ترعى إسرائيل وترى فيها أميركا الصغيرة

فهذا الاختلاف نتيجة التصرف الناتج عن طفل، لم ينشأ في رحم التقدم والتطور، ولكنه يعكس أفكاره وتصرفاته “الطفل” في ممارساته التي تدل على تطرفه. يحاول الديمقراطيون في غالبيتهم التعاطف المتزايد مع الفلسطينيين، في حين أن بايدن ليس في أي وقت من الأوقات (يبدو واضحًا)، بهذا الخصوص.

بينما الإدارة الأميركية تحاول تقليل عدد الأطفال (الإسرائيليين)، الذين يعيشون بين الفلسطينيين أو على سطح الكرة الارضية، من خلال دعمهم لبنيامين نتنياهو القوي. ويمكن الاستمتاع بذلك في الأوقات الصعبة، من خلال وسائل الاعلام الغربية التي ترفع من خلالها الأصوات المتطرفة، التي تطلقها الجماهير المتطرفة في الشوارع الفلسطينية المحتلة، والتي تسير فيها القافلة الإسرائيلية السريعة، نحو تنفيذ المذابح والقتل الممنهج بحق الشعب الفلسطيني، وهذه الاصوات ترحب بكل شيء، بما فيها القتل والابادة.

ولابد من النظر الى آليات القتل الاول (الموت) في هذا الكيان، وهو أول شيء حقيقي في إسرائيل: إنتاج الطائرات والتكنولوجيا والاستحواذ على انتاج الغاز، وهو ما يسمى “الرقابة الصارمة”. والهدف من ذلك للوصول الى “الحل النهائي لمشاكل الموت”.

في هذه اللحظة، يتوجه شبح التطرف اليميني في الكيان، و بشكل رئيسي إلى مدينة رفح، النقطة الفلسطينية الاخيرة التي لم ترتكب فيها المجاز البشعة، ويتواجد هناك أيضًا سكان أساسيين إضافة للنازحين، حيث يحاول الجيش الإسرائيلي السير فوق الأشلاء، دون الاهتمام لأي شيء، بموافقة أميركية وتأمين غطاء دولي لهذه الإبادة الشنيعة.

وفي المقابل، نتيجة عمليات الإبادة ومحاولة الهدم، يمكن أن تنمو مجموعة كبيرة من الحدائق، التي تعيد تجربة الموت القديم وتجديده، من اجل الغاز المستخرج، لكن هذه المرة ستكون في العديد من الأماكن والمدن. على هذا النحو تتطاير أشلاء الفلسطينيين، ومن الممكن بعدها أن يتم حل مشكلة غزة بقرار أممي جديد، و مع ذلك ستكون الهوة أعمق، حيث يصر التطرف العبري بشكل قاطع، على أنه يسعى بعيدًا عن دعم إسرائيل، ويمتد إلى واشنطن العاصمة.

ويلاحظ الجميع أن العم “سام”، يرى أن هناك مشكلة كبيرة جدًا في المنطقة:” إنها مشكلة إنسانية”: هذه هي المشكلة الإنسانية إنها بالفعل كارثية. ومع ذلك، يمكن أن تنتقل إلى الساحة السياسية، ولا يستطيع “العم سام” الضغط وفرض حلول.
العرب الفلسطينيون في هذا المكان ( رفح وغزة والضفة والقدس والمدن الاخرى )لديهم صلات قديمة وتاريخية وايضا سمعة جيدة: إنهم من مجموعة كبيرة، تمتلك المنافذ المتفق عليها في العالم، ولكن إسرائيل لا تريد القبول بهذا التاريخ وتريد تغييره. ولقد تم إدخالهم إلى فلسطين وتزوير تاريخها. لقد هربت واشنطن من التاريخ، لأجل أن تدخله إسرائيل على أشلاء القتلى والدماء، المحفورة بأرض فلسطين.

إقرأ ايضاً: إسرائيل «تُروّع» الجنوبيين بإستهداف المدنيين..ولا نهاية زمنية للعدوان على غزة!

إسرائيل تحاول أن تفرض معادلة على الغرب وأميركا، من خلال استخراج الغاز الذي تم اكتشافه مؤخرًا، والرغبة الغربية في الحصول عليه ومنع الآخرين من حق المنافسة. تحاول اسرائيل مقايضة الغاز نتيجة الحاجة الغربية له، مقابل الاستمرار بالقتل والتهجير والتدمير، لإفراغ الأرض من أهلها الأصليين بموافقة غربية وأميركية .

ومن المزعج للغاية، أن نتنياهو يوجه نظره إلى كل العالم والولايات المتحدة بشكل متزايد، من خلال تعزيز السلطة، ويقول بالطبع هذا حقنا بالدفاع عن وجودنا (المصطنع)، ولكن في المقام الأول، يتم عرض طائرة القتل الإسرائيلية المتطورة بسهولة، فإذا ذهبت إلى بلاد أخرى، يدل عليها على انها عبقرية الإنتاج والتطور الصهيوني.

يبقى الفلسطيني، هو الرادع الأول للمشاريع المتطرفة على ضفتي الصراع لان القضية الفلسطينية هي أعلى من الأحزاب والمشاريع التي تأتي وتذهب وهي أعلى من بطولات أشخاص

ولا يقتصر الأمر، على أن العمليات ذات النتائج غير المرغوب فيها، والتي تتعلق بالبحث عن البساطة والأسلوب السياسي، ولا يقتصر الأمر على ذلك في الوقت الحالي، بل إن المشكلة التي باتت إسرائيل تفرضها، هي إخراج العربي الفلسطيني من أرضه، وتخليه عن ثقافته وتاريخه وهويته، في ابشع عملية تهجير حديثة، لان المشكلة الإسرائيلية تكمن في أزمتين، لن يستطيع الزمن محوهما من الذاكرة اليهودية. والتي ستبقى الذاكرة اسيرة لهما، وهي المحرقة التي عاشتها الاجيال اليهودية السابقة في اوروبا، وعملية ضواحي غزة التي تعيشها الاجيال الجديدة والتي باتت تهدد العقيدة والوجود. وربما محاولة اليمين المتطرف التخلص من عقدة الموت التي تلاحق الصهيونية، هي محاولة التخلص من الشعب الفلسطيني. ما يحدث في غزة والضفة الغربية، في أبشع ابادة عالمية، موافق عليها من الغرب، ظنًا منه ان اليمين المتطرف يساعد الأجيال القادمة، على عدم تكرار المأساة.
لكن الاجابة تبقى لدى الشعب الفلسطيني، الذي يسجل أروع صفحات الصمود، في الدفاع عن الارض والعرض والهوية والتاريخ والحاضر والمستقبل، بغض النظر عن محاولة البعض السطو على بطولات الشعب الفلسطيني، واستخدامها في أجندات خاصة بهم.
لذا يبقى الفلسطيني، هو الرادع الأول للمشاريع المتطرفة على ضفتي الصراع، لان القضية الفلسطينية، هي أعلى من الأحزاب والمشاريع التي تأتي وتذهب، وهي أعلى من بطولات أشخاص، وارفع من كيدية سياسية من هنا او من هناك، لأنها قضية شعب يطمح للعيش بالحب والحرية والسلام.

لذلك لن تستطيع مشاريع نتنياهو من الانتصار، حتى لو هجرت رفح مجددًا، ولن يتمكن بايدن من تأمين الدعم المستمر لأفكار نتنياهو المتهورة. وبالتالي سيأتي الوقت الذي يُرفع له “الكارت الاحمر”، لان المصالح الاقتصادية اهم من كل الأفكار المتطرفة والمتهورة. لكن بالتأكيد، الذي سيبقى فوق الألم والمعاناة، هو الشعب الفلسطيني الذي سيحصل على دولته المستقلة المقبلة؟

السابق
بالفيديو: مقر عسكري ومنازل في شمال فلسطين تحت نيران صواريخ من لبنان
التالي
«التاثير المدني»: قلب الطَّاولة على اللَّاءَات الانتحاريَّة مهمَّة تاريخيَّة!