جبهة الجنوب في ميزان الربح والخسارة!

جنوب لبنان قصف

مُنذُ الثامن من اوكتوبر – تشرين الاول من العام المنصرم ٢٠٢٣، تدور رُحى معارك المُشاغلة على جبهة الجنوب اللبناني، من اخر نقطة على البر اللبناني – الناقورة غرباً على البحر الابيض المتوسط، وصعوداً حتى قمم مزارع شبعا وتلال كفر شوبا، وصولاً الى جبل حرمون شرقاً.

هذه الحرب اقل ما يمكن أن يُقال فيها، انها حرب عبثية في الزمان والمكان الخطأ، وذلك لان الاهداف المعلنة لها غير واقعية، وتتشابه فيما تشبه لاهداف حكومة بنيامين نتياهو ، فحكومة العدو وضعت اهدافاً لا يمكن او لا قدرة لها على تحقيقها، وهي القضاء على “حماس” واستعادة الرهائن ، وهنا على الجبهة الجنوبية وضع “حزب الله” اهدافاً، منها تخفيف الضغط عن المقاومة في قطاع غزة، وعدم وضع كل القوات الصهيونية في مواجهات غزة، وطبعاً لا يغيب عن “حزب الله” السردية المعروفة الا وهي حماية لبنان.

خسر “حزب الله” في حرب تموز من العام ٢٠٠٦ والتي كانت حرباً مباشرة وشاملة خسر ما يُقارب مئتين وستين شهيداً

وبعد مرور اليوم السادس بعد المئة على جبهة الجنوب المشتعلة، اصبح من الواجب إجراء جردة حساب، عن الاهداف ومدى تطابقها مع حسابات الميزان في الربح والخسارة .كما على جبهة الكيان الصهيوني الذي فشل في تحقيق ادنى إنجاز ، كذلك هنا في الجنوب .

في موضوع التخفيف عن الحرب على قطاع غزة والمقاومة اي حركة حماس وبقية الفصائل، فان جبهة الجنوب المشتعلة، لم تُخفف اي ضغط او جهد صهيوني، من تدمير ما يُقارب السبعين في المئة من الابنية والوحدات السكنية، التي تهدمت بشكلٍ كلي وتسعين في المئة ما تم تدميره بشكلٍ جزئي.


اما بالنسبة للاضرار البشرية في اليومين الاخيرين، زاد عدد الشهداء مع المفقودين عن اربعين الف ، اما عدد الجرحى والمصابين زاد عن الواحد وستين الف مصاب ، ناهيك عن نزوح ما يزيد عن مليوني انسان غزي، من مناطق الشمال والوسط وحتى جنوب قطاع غزة، اي ان الكيان الصهيوني استعمل فائض قوته، وعاث تدميراً وقتلاً وتهجير، وهذا يدل على أن حرب المشاغلة، على جبهة الجنوب اللبناني فشلت في تحقيق هذا الهدف وهو الاول والاهم في هذه المعركة.

قصف اسرائيلي في حولا
قصف اسرائيلي في حولا (ارشيف)

اما بخصوص موضوع حماية لبنان وجنوبه من الاعتداءات الصهيونية، فهذا الهدف فشل ايضاً، لان عمليات المشاغلة استدرجت الكيان الصهيوني، ليزداد غطرسة ويُعيثُ تدميراً في القرى والبلدات والمدن الجنوبية، في سابقة لم يكن حجم الرد عليها، متناسباً بعدد البلدات المستهدفة او الدمار اللاحق فيها، بل صب “حزب الله” جام غضبه، على اعمدة الاتصال والمراقبة، وكأن الكيان الصهيوني لايمتلك ادواتٍ اخرى غيرها، ناهيك عن الاقمار الصناعية التي تتبختر في السماوات العُلى، وتقوم بأحصاء انفاس اللبنانيين، وتُحدد انواع النمل في جنوب لبنان كم منه ذكوراً وكم منهن إناثا .

صب “حزب الله” جام غضبه على اعمدة الاتصال والمراقبة وكأن الكيان الصهيوني لايمتلك ادواتٍ اخرى غيرها!

إذاً، في ميزان الربح والخسارة، لبنان وشعبه على مستوى الجنوب، تكبد خسائر مباشرة في الممتلكات والارزاق والارواح، ما يزيد عن عشرات لا بل الاف المرات، مما تكبده الكيان الصهيوني.
أما عن الخسائر غير المباشرة فهي لاتُعد ولا تُحصى، وقد غدت بمستوى تدمير لاهل الجنوب، والذين بأكثريتهم يغتصب تمثيلهم “حزب الله، بالترهيب والترغيب والقمع.

الجيش الاسرائيلي حرب غزة
الجيش الاسرائيلي حرب غزة

أما خسائر حزب الله في العديد والعتاد، وفقاً للمعلومات المتداولة فإن “حزب الله” في حرب تموز من العام ٢٠٠٦، والتي كانت حرباً مباشرة وشاملة، خسر ما يُقارب مئتين وستين شهيداً، بينما اليوم وفي حرب المشاغلة والتي لم تتطور بعد للحرب الشاملة، زادت خسائره في الارواح ما يزيد عن مئتي مقاتل، ما عدا الاستهدافات في المستودعات والعتاد الحربي، وهنا يجب لفت النظر على ان “حزب الله” استعمل اكثر انواع العتاد العسكري الذي يمتلكه، ماعدا القليل منها الصواريخ البعيدة المدى، فإذا لم يعُد من مفاجآت تُنتظر .

اما على صعيد الحرب الاستخباراتية، فبوادر التفوق في اجهزة الكيان الصهيوني، تزيد عن المعلومات الاستخباراتية التي يمتلكها “حزب الله”، وما حصل ويحصل يومياً، بدءاً من يجري من معارك على الجبهة المشتعلة في الجنوب، واعداد القتلى المسجل والذي يُعتبر لافتا للنظر ، وصولاً لاغتيال صالح العروري في الضاحية الجنوبية، والعديد من الاغتيالات التي تقوم بها اجهزة العدو الصهيوني، واخرها بالامس على طريق عام برج الشمالي – البازورية، يُثبت بالفعل ان الخرق الامني والاستخباراتي في صفوف “حزب الله” واجهزته كبيرٌ جداً وخطير ويُنبىء، على انه على مستوى عالٍ من الدقة، وفي مراكز قيادية عالية وحساسة في التنظيم العسكري والامني ل”حزب الله”، وهذا الامر يستدعي من قيادة “حزب الله” وامينه العام على وجه الخصوص، اخذ القرار الجدي والجريء في ايقاف الحرب بالامس واليوم قبل الغد، وذلك لعدة اعتبارات ابرزها:
اولاً : معالجة الخرق الامني الحاصل سريعاً وجدياً، درءاً لما تحمله من خسائر اخرى غير منظورة بعد، وحتى لاتبقى اصوات وابواق الممانعة التابعة للحزب، على تخوين كل من يُخالفه الرأي، والتي لم يكن اخرها تخوين رئيس حزب الكتائب سامي الجميل وكأنه هو من يعطي الاحداثيات لاجهزة الكيان الصهيوني.
فضرورة ان تنتهي هذه المهزلة، في معالجة ادوات العمالة الموجودين في صفوف واجهزة الحزب، والانتهاء من نغمة تخوين بقية اللبنانيين.

من سيعوض على الجنوبيين الخسائر التي تكبدونها وقد جعلت لبنان بلداً معزولاً عن محيطه العربي؟

ثانياً : كيف يُعقل ان توقع معاهدة ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، وتتنازل فيها عن الخط ٢٩ وتتحضر لما بعد الحرب في توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البرية الجنوبية، وقد تناهى الى مسامعنا عن مقترح التعويض في النقاط الثلاثة عشر المتحفظ عليها لبنانياً، مع التنازل عن النقطة الحدودية B1، وفقاً لما حمله المبعوث الرئاسي الامريكي آموس هوكستاين، وفي المناسبة وللتذكير فقط، بأنه من اصل إسرائيلي وخدم لثلاث سنوات في جيش الكيان الصهيوني، وهو المفاوض الرئيسي وعراب الترسيم البحري ويستقبله كبار المسؤلين وهم من حلفائكم، وانتم تخوضون غمار حرب على جبهة الجنوب، وهذا ما يحمل تناقضاً لا يمكن ان يستوي لعاقل ويتقبله.

هذا وطبعاً يقض مضاجع الجنوبيين، ولايغيب عن بالهم ابداً، من سيعوض عليهم الخسائر التي تكبدونها، وقد جعلت لبنان بلداً معزولاً عن محيطه العربي.

لذلك، ونتيجة لكل ما تقدم، يجب ان تتوقف هذه الحرب العبثية والتي لا طائل منها، لا على صعيد جبهة قطاع غزة، ولا على جبهة لبنان.

السابق
بالفيديو والصور: غارة اسرائيلية تودي بعنصرين لـ«حزب الله» وسيدة وتجرح 3 عناصر للجيش في كفرا
التالي
بالفيديو: السخونة مستمرة جنوباً..غارات اسرائيلية متواصلة و«حزب الله» يقصف موقعين!