الحمراء.. شارع «الجنون المقدس»!

شارع الحمرا

ودخلتُ الى شارع الحمراء ، من بوابته الشرقية بمحاذاة مصرف لبنان، خطواتي تسعفني ولا تسعفني، ذلك أنني أمشي بهدوء كاسح، كل يوم، من أول الشارع الى أخره، وهذا الهدوء يتخلله نظراتي الباذخة، والتي تحتاج الى تأملات واسعة التفسير والقراءة، لوقائع ومعالم الشارع التاريخي العريق.
شارع الحمراء وسط العاصمة بيروت، أجمل شارع في المدينة، بل أجمل شارع في لبنان، بل أجمل شارع في الوطن العربي، بل أجمل شارع في العالم، وليس مبالغة القول،أنه شارع الجنون المقدّس. العالم هنا،الشارع المُخملي يدفىء الناس والحياة، كل العالم في شارع الحمراء، الحضارة على فصولها وأصولها حضرت وتتحضّر في شارع الحمراء.

انه شارع الجنون المقدّس


كل هذا الرقي ازدهر وتطور على مدار سنوات خلت،فواصل الشارع العريق تطوره رغم كل ما أصابه من خراب ودمار واحتلالات إسرائيلية وعربية (جيش سوريا الأسد ، وجيش تحرير فلسطين، ياسر عرفات!).
شارع الحياة بامتياز ،ملأ البلاد فرحاً وجمالاً وعطراً، ودور سينما ومسارح ومدارس ومنتديات ثقافية وفنادق، ومحال تجارية من كل أصناف وماركات عالمية ومقاه ومطاعم لأكل ومشروب شرقي وغربي المُذاق، يلهب في داخل النفس شهوة الجذب والإنشراح، وعجقة زوار وشخصيات وأجانب من كل أقطار العالم بألبسة ملونة مزركشة ومتنوعة في تشكيلاتها اللافتة لإنتباه المارة على الجانبين.
إنه شارع الشعر والخيال والسحر والجمال والبهاء، التي تخطت شهرته كل شوارع العالم وبات مقصداً سياحياً رئيسياً لزوار العال
بالأمس ، في جولتي اليومية الروتينية في شارع الحمراء، استوقفني مشهد التحولات الصعبة والقاسية التي تعصف بهذا “الوطن الحمراء”.

شارع الحياة بامتياز ملأ البلاد فرحاً وجمالاً وعطراً


تجوّلت حتى الثمالة، لعلني أسترجع بعضاً من ذكريات عشتها في هذا الصرح العظيم،أيام المجد العاتية،يوم كان في ذروة مجده العظيم. هذا الشارع الذي كان يحلّق بنا ويجمعنا أصدقاء وشعراء وأدباء وأعلاميون وفنانون وسياسيون ورجال فكر من محليين وعرب وأجانب، كان مشهد الشارع مذهلاً ومُخيفاً ، لا لون ولا طعم له ، كل ما فيه مكفهر. (لن أظلم بهجتي وبهجتكم ،فلا داعي لوصف الخراب الذي حل بالشارع ، ولا أسمح لقلمي أن يكتب أو يرسم ويسجل ذلك الخراب .أكتفي بالقول ،آه يا وطني المنكوب).

السابق
نديم قطيش مديرا عاما لسكاي نيوز عربية
التالي
توقف قلب عماد الدين أديب وباسم يوسف ينقذه!