2023 قضائيا: ملفات «مكربجة» وإستحقاق داهم.. و«طوفان الاقصى» لم يُشغل «حزب الله» عن «قضاياه»!

القضاء اللبناني

يُقفل العام 2023 ، على استحقاق قضائي داهم ستشهده السلطة الثالثة مع بداية العام الجديد، والذي قد يضيف الى ازمات القضاء، أزمة جديدة أقرب الى”معركة” سياسية_قضائية، مع احالة النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات على التقاعد في شباط المقبل ما لم تسارع الحكومة الى تعيين البديل، او الذهاب الى خيارات اخرى ستُحدث صداما بين المراجع القضائية المختصة.
وتتحدث مصادر قضائية رفيعة ل”جنوبية”، عن “خيارات اربعة اضافة الى دور مجلس الوزراء في التعيين، قد تضع من بينها القاضي سهيل عبود في الواجهة والمواجهة لما له من صلاحيات ودور في تكليف قاض من قضاة التمييز في حال تعثّّر التعيين والتكليف”.


وتستند المصادر في هذا الطرح الى “مواد من قانون تنظيم القضاء العدلي، أعطت الرئيس الاول لمحاكم التمييز الصلاحيات المالية والادارية، التي تنطيها القوانين والانظمة بالوزير، ومن هنا تردد اسم القاضي جمال الحجار كونه من الطائفة السنية التي تحافظ بتكليفه على مركز “التمييزية”.

تتحدث مصادر قضائية رفيعة ل”جنوبية” عن “خيارات اربعة اضافة الى دور مجلس الوزراء في التعيين قد تضع من بينها القاضي سهيل عبود في الواجهة


“كل هذه الطروحات قابلة للنقاش انما بعد عطلة الاعياد”، وفق المصادر، “لتظهير اسم النائب العام التمييزي الجديد، الذي يعول عليه اهمية كبيرة لما له دور في ملف المرفأ بعد الاشتباك القضائي، الذي شهده الملف بين عويدات والمحقق العدلي طارق البيطار”.
فملف المرفأ الذي إنطوى مع بداية ال2023 على اطلاق سراح جميع الموقوفين فيه كردّ على ادعاءات البيطار على مسؤولين سياسيين وامنيين وقضائيين، حافظ على صدارة الاهتمامات من بين الملفات القضائية، لكنه لم يسجل اي خروق، بإستثناء تعيين القاضي حبيب رزق الله كقاضي تحقيق للنظر في شكوى عويدات ضد البيطار بجرم اغتصاب السلطة، على الرغم من المبادرات التي قام بها القاضي عبود لاخراج هذا الملف من عنق الزجاجة، بمحاولته تشكيل الهيئة العامة لمحكمة التمييز، الذي جوبه باعتراض شديد من بعض رؤساء محاكم التمييز، الذين دعيوا ثلاث مرات الى اجتماع للبحث في هذا الامر، من دون التوصل الى حلّ يعيد ملف المرفأ الى سكّة التحقيق”.
ملف آخر شغل الرأي العام اللبناني، وهو ملف الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة، الذي مهدت لفتحه لجنة التحقيق الاوروبية التي اخضعت سلامة ومصرفيين ومسؤولين ماليين ووزراء حاليين وسابقين للتحقيق على مدى اكثر من شهرين، قبل ان تخرج بقرار اصدار مذكرة توقيف غيابية دولية بحق سلامة، وهو الامر الذي لم ينسحب على القضاء اللبناني، ليسلك ملف سلامة الطريق نفسه الذي سلكه ملف المرفأ، بهدف تعطيله عبر دعاوى مخاصمة، ودعاوى رد لقضاة تولوا التحقيق فيه ليأخذ لنفسه مكانا الى جانب ملف المرفأ ليسلكا نفس المسار والمصير.
وبين هذين الملفين شهد العام احداثا امنية كادت تزعزع السلم الاهلي، من “حادثة القرنة السوداء” الى “حادثة الكحالة” فجرائم قتل ابرزها تلك التي طالت “القواتي” الياس الحصروني في بلدة عين ابل الجنوبية، والحادثتين الاخيرتين، وإن كان الفاعل فيها”معلوم مجهول”، فانهما لا تزالان عالقتين من دون اي اجراء قضائي، حالهما حال جريمتي قتل جو البجاني في الكحالة قبل عامين والباحث السياسي لقمان سليم.
واذا كانت عملية”طوفان الاقصى” قد خطفت الانظار من سائر الملفات، والتي امتدت من غزة الى الجنوب اللبناني مشركة حزب الله فيها، فانها لم تشغله عن متابعة”ملفاته القضائية”، وهو ما ترجم علنا باطلاق سراح محمد عياد ، احد عناصره ، بعد توقيفه في جريمة العاقبية التي اودت بحياة احد جنود الكتيبة الايرلندية قبل عام من اليوم.

كل هذه الطروحات قابلة للنقاش انما بعد عطلة الاعياد” وفق المصادر لتظهير اسم النائب العام التمييزي الجديد


عدم صدور التشكيلات القضائية كان “العلّة” التي رسّخت ازمة القضاء بعد امتناع رئيس الجمهورية الاسبق ميشال عون على توقيعها، مفرغا بذلك مراكز جرى ملؤها بفعل الانتدابات، ما احدث في بعض المراكز شرخا بين القضاة ، لا بل عمّق الشرخ الحاصل اساسا بعد الاعتكاف، الذي عاشه الجسم القضائي خلال العام 2023، للمطالبة بحقوقه المادية المعنوية ولعل ابرزها اقرار قانون استقلالية السلطة القضائية .
هذا القانون احدث بدوره خلافات سياسية بين اللجان النيابية، بحيث يطالب الكل”باستقلالية القضاء، ولكن من اجل قضاء على قياسه” وهو ما عبّر عنه مؤخرا القاضي سهيل عبود الرئيس الاول المؤتمن، على حقوق القضاء في مؤتمر استقلالية مجالس القضاء العليا في فرنسا، فيما مجلس القضاء الاعلى على موقفه، الذي ابداه في السابق حول طلبه تعديل بعض بنود هذا المشروع، ومن ابرزها اصدار التشكيلات القضائية من دون ان تحمل توقيع رئيس الجمهورية، فيما يطالب نادي القضاة بانتخاب رئيس واعضاء مجلس القضاء الاعلى من القضاة انفسهم، وهم بحسب القانون الحالي يعينون بمعظمهم من السلطة التنفيذية.

هذا القانون احدث بدوره خلافات سياسية بين اللجان النيابية بحيث يطالب الكل”باستقلالية القضاء ولكن من اجل قضاء على قياسه


وعلى ابواب العام 2024، يكون القضاء قد دخل سنته الخامسة من دون اي اصلاحات قضائية التي تترجم بتشكيلات قضائية شاملة، فهي جسر العبور لاصلاحات اخرى في الادارات التي ينخرها الفساد، رغم الملاحقات الخجولة التي شهدتها بعض الملفات، وطالت ادارات في مؤسسات الدولة على مستوى الموظفين، من دون ان تطال اي مسؤولين فيها.

السابق
فاقوا الثمانين الفا نهاية 2023.. نازحو الجنوب يتخبطون في معاناتهم و«لا من يسأل»!
التالي
أربع سنوات على ثورة 17 تشرين.. آمال واخفاقات في مواجهة السلطة ومحاولات  التغيير!