أربع سنوات على ثورة 17 تشرين.. آمال واخفاقات في مواجهة السلطة ومحاولات  التغيير!

ثورة 17 تشرين الشعلة

عندما اندلعت ثورة 17 تشرين في لبنان عام 2019 اعتقد اللبنانيون الذين ملؤا الساحات يومها أن لبنانهم الذي لطالما حلموا به، بات على وشك الولادة. ولعل أن هذا الحدث، الذي جاء على خلفية رفض فرض ضرائب جديدة على المواطنين، شكل نقطة تحول مهمة في تاريخ البلاد. فكانت البداية مع استقالة الحكومة التي رأسها سعد الحريري آنذاك وما تبعها من احداث لعل ابرزها الإنهيار االقتصادي والأزمة السياسة المستمران حتى هذه اللحظة. والآن، بعد مرور أربع سنوات على تلك اللحظة المحورية، تتاح الفرصة لتقييم التغيرات التي حدثت والتطلعات والآمال التي احبطت.

بعد مرور أربع سنوات على تلك اللحظة المحورية تتاح الفرصة لتقييم التغيرات التي حدثت والتطلعات والآمال التي احبطت.

شباب لبنان: ما زلنا في البداية  

وفي هذا الإطار قال الناشط حسن كنج في حديث لـ “جسور بوست” أنه ”على الصعيد السياسي كان هناك نشوء لكتلة مجتمعية عبرت عن رفضها للأحزاب الطائفية الحالية وتمكنت من أن تظهر أن هناك خطاب مختلف. وأيضاً، تمكنت عبر الانتخابات النيابية الأخيرة عام ٢٠٢٢ من إدخال ١٣ نائب. فكانت ثاني أكبر كتلة مجتمعية، حصلت على أصوات الناس هي كتلة ١٧ تشرين. وهذه إحدى النقاط الإيجابية التي أظهرت أنهُ من الممكن أن يكون هناك أمل لتنظيم سياسي للمجتمع خارج السلطة الطائفية المتواجدة.” ويضيف “وأما على الصعيد الإجتماعي، الثورة إقترنت بإنهيار إقتصادي أنهكت الشعب، ومع أن الإنهيار لم يكن يكن  بسبب ١٧ تشرين، فإنه أدى إلى هجرة وفقر. وبرأيي هذه هي النقطة السلبية.”

ويعتقد كنج أن الثورة “لم تخفق الثورة بعد ٤ سنوات لأنها لم تكن منظمة وذو أهداف. بل كانت شيء عفوي غير منظم وليس لديها أهداف معينة كانت الأفراد جميعها متفقة عليها.” ويتابع “هي لم تخفق، ولكن أيضاً لم تنجح كحركة إجتماعية في ظل الثورة المضادة من السلطة وأجهزتها الأمنية.” ويرى أنه “يمكن إعتبار ١٧ تشرين إنتفاضة دفعت الأفراد إلى تكوين تكتل مجتمعي يتحدث بخطاب ثالث، وتوصلت إلى نتائج سياسية لا بأس فيها في هذه المرحلة. لكن السلطة تمكنت من إحتوائها عبر الثورة المضادة.”

 ويعتبر  كنج أن “الإنتفاضة حركت تاريخ لبنان. فما قبل ١٧ تشرين ليس كما بعده. من الناحية الثانية كانت محطة تاريخية جديه في تاريخ لبنان مثلها مثل سنة ٢٠٠٥ وإخراج السوري من لبنان وإخراج الإسرائيلي. ومن ناحية كانت إنتفاضة شعبية حقيقة على الطبقة الحاكمة.” ويضيف “أعتقد أنه إذا لم تتمكن السلطة من تغيير وجه المجتمع من هنا ب٢٠ و٣٠ سنة من اليوم سيكون ل١٧ تشرين نتائج إيجابية. ولكن كله يتوقف عند قدرت السلطة على تغيير وجه المجتمع.”

وعن الأسباب التي دفعته للهجرة بعد الثورة، فيوضح “أنا كنت أفكر بالهجرة قبل ١٧ تشرين، الذي دفعني للتفكير بالهجرة قبل ١٧ تشرين هو الإحساس بتغيير بالإقتصاد لم نكن نعلمه… عندما خرجت في ١٧ تشرين أحسست بالأمل وأنه من الممكن أن تتغير الأمور. وعندما إنتهت وفهمنا الواقع السياسي وأن الإنهيار الإقتصادي أصبح متفاقما جدا، حاولت المستحيل للخروج من لبنان.”

يعتقد كنج أن الثورة “لم تخفق الثورة بعد ٤ سنوات لأنها لم تكن منظمة وذو أهداف

ووفق أرقام مركز الدولية للمعلومات فإن حوالي 275 ألف لبنان، هاجروا من البلاد خلال الـ6 سنة سنوات الماضية. 

وعن الظروف التي قد تدفعه للعودة فيقول “أعتبر أن مع العودة يجب أن يكون هناك تحسن في الوضع السياسي ، شهدنا من ال٢٠٠٠ لل٢٠١٠ تحسن في الوضع الإقتصادي نوعاً ما ولكن لم نشهد تحسن سياسي. وإن عدم وجود تحسن سياسي أدى إلى إنهيار الوضع الإقتصادي. وبرأيي لتحقيق أي تحسن سياسي يجب أن يكون هناك إستقرار سياسي كبير جدا، يدفعك للعودة إلى الوطن.” ويتابع “بصراحة عندما تعمل في الخارج وترى أن مستوى العمل أفضل من بلدك، وإذا أنت تضع حياتك المهنية أولية على بلدك، فعندها سترغب في البقاء في الخارج. ورغم ذلك، فهناك أشخاص يفضلون العودة للوطن، علما أن وضعهم المالي جيد.”

أما الناشطة ماري-جو معلولي فتعتبر في حديث لـ “جسور بوست” أن “انتفاضة ١٧ تشرين حققت تفاعلا وتواصلا ما بين مجتمعات وأشخاص يعملون بمجالات مختلفة أصبح هناك علاقات بينهم وأصبحوا اليوم أصدقاء وبدأ الحديث عن أوجاع لم نكن نتكلم بها. انتفاضة ١٧ تشرين فتحت مساحة لكل شخص بأن يتكلم ويعبر عن نفسه ولأن يعلم ما هي حقوقه وواجباته وأن يصبح لديه حشرية أن يفهم كيف يعمل هذا النظام وما هي فعاليىته وأين أصبحنا كمواطنين وما هي الأشياء التي تمنعنا أن نشعر بأننا محميين في وطن.”

وترجع معلولي سبب إخفاق الحراك إلى عدم المحاولة وتضيف “انتفاضة ١٧ تشرين، وأقول انتفاضة لأننا اليوم لا نرى تغيير و لم نتمكن من أن نصنع نظام فعال. فمثلا، لم يتمكن أهلنا من الحصول على ضمان شيخوخة ولم نتمكن من أن نتأكد من أن النظام التعليمي يعمل بأحسن ما يمكن. لقد كان لدينا الكثير من الأهداف التي كنا نتمنى ان نحصل عليها.” وتتابع ” كل فرد أقابله بعد هذه السنين يعطيني إجابات مختلفة ونظرة مختلفة للموضوع بشكل. هناك أشخاصا يسألون لماذا لم يكن هناك قائد، وآخرين يسألون  لماذا لم تستخدموا العنف؟ لكن أنا من جيل يقول لا للعنف ولا للقمع. هناك الكثير من الأشياء التي يمكن للفرد أن يقدوم بها.. نحن لسنا سياسيين أو منظمين، نحن نزلنا كشعب مقهور.. وبالتالي على كل فرد تحمل مسؤولياته.”

وعن مشاعرها تجاه لبنان فتوضح أنه “بعد إنفجار 4 آب لم أعد قادرة على أن أشعر بالأمان في بيروت. كان أمرا صعبا. ففكرة أن المدينة مدمرة ويعاد بناؤها، فوق العدالة والجروج والجثث، لم استطع تقبلها ولا احتمالها. سافرت وعدت..فمهما غادرنا نعود إلى لبنان.. وصلت إلى مرحلة وجدت أن لبنان لن يخرج مني. ولكن جسدي بحاجة لأن يشفى ويهدئ، وأن لا يكون بحاجة للدفاع عن نفسه بشكل دائم.”

انتفاضة ١٧ تشرين فتحت مساحة لكل شخص بأن يتكلم ويعبر عن نفسه ولأن يعلم ما هي حقوقه وواجباته

من جهته يرى الناشط عامر جلول أن “الثورة احفقت في عدة امور. مثلا، لم تستطع أن تنتج هوية وطنية جامعة، لها أبعادها الفلسفية والسياسية والاجتماعية، إنما ذهبت الخيار العلمانية الشمولية التي لم تقتصر على بعدها السياسي بل على بعديها الاجتماعي والثقافي أيضا. بجانب ذلك طرحت الثورة قضايا لا تتناسب مع طبيعة مجتماعاتنا المشرقية، والمجتمع اللبناني بالأخص، كونه مجتمع متنوع ومتعدد ومحافظ نوعا ما. ومن بين الطروحات كانت قضية المثلية، والتي لا تعبر عن ثورة، ذلك أن الثورة كانت من أجل مطالب سياسية واجتماعية. وهكذا استطاعت السلطة استغلال هذا الخطاب وتشويه وشيطنة الثورة. ويتابع “بالإضافة إلى ذلك، فقد فشلت الثورة في انتاج خطاب سياسي مرن وسلس قادر على اختراق البيئات الدوغمائية، أي تلك التي تمثل الأحزاب السياسية التقليدية، لذلك شكلت مفاهيم التغيير والثورة حاجز كبير وهوة كبيرة بين التغيير وبين الفريق التقليدي وجماهيره.”

وعن أبرز إنجازت الثورة فيقول جلول في حديث لـ “جسور بوست” إنه “إذا نظرنا إلى الأمور بسطيحة نستخلص أنه لم يتغير شيء. ولكن إذا نظرنا بنظرة واقعية ومنطقية وبعيدًا عن العواطف، نستنتج أن اهم ما قامت به هو كسر النمطية والتقليد السياسي الذي كان متسيدا المشهد في لبنان. فهذا الخرق الجزئي يعطي بارقة أمل في المستقبل، ويظهر أن هذه السلطة قابلة للاهتزاز والمواجهة ولكن بالأدوات الصحيحة، وهذا يحتاج إلى صيرورة من الوقت والعمل لإعادة الحياة السياسية إلى المجتمع اللبناني. فهذه السلطة قوية ولها جمهورها الواسع، وما حصل هو تحدٍ كبير هز اركان قوتها ولكن يجب أن يُستثمر  ذلك بالشكل الصحيح.”

 وعن سبب بقاءه في لبنان يقول “لازلنا في لبنان لأنه لدينا أمل في التغيير، ولكنه لم يحصل بعد لأن الأدوات اللازمة لم تستخدم بعد وبالطريقة السليمة. والتغيير هو عملية تدرجية. حيث تحتاج إلى يكون ذلك عبر ثقافة تبدأ في المنزل ولا تنتهي في إدارة الدولة، فهو منهاج حياة.” ويضيف “للحقيقة إن الكثير من المفاهيم قد تشوهت وضُربت وأصبحت معتلة وغير صحيحة. وبالتالي، فأول عمليات التغيير هي تصحيح المفاهيم والخوض في معركة المصطلحات.”

العمال: سنبقى نقاوم  

وعن دور النقابات في مرحلة 17 تشرين، فيقول رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمال المستخدمين في لبنان كاسترو عبدالله “نحن كنا كنقابات وكإتحاد وطني من أول المشاركين في ثورة ١٧ تشرين. وهذه الثورة هي نتيجة التراكمات السابقة للتحركات النضالية التي حصلت، وقد أتت لتتوج تحركات ٢٠١٠، ٢٠١١، ٢٠١٥ التي جاءت لتواجه قضايا موضوع الفساد، النفايات، والحريات العامة، وقضايا المستأجرين وغيرها. وبالتالي، فإن ثورة ١٧ تشرين لم تكن بسبب ضريبة خدمة الواتساب، بل لحظة إنفجار للواقع.” 

وعن تقيمه للثورة فيوضح “نحن كعمال كانت طموحاتنا أكبر. ولكن للأسف هذه السلطة والطبقة الحاكمة عادت للتماسك. فبالرغم من أنه تم إسقاط الرئيس الحريري، لكن الكتل السياسية بقيت متماسكة وأعادت بناء تحالفها بوجه هذه التحركات. ولذلك رأينا هذا القمع والعنف الذي تم ممارسته على المتظاهرين. ” ويكشف أن “خيبة الأمل الأخرى كانت في عدم قبول البعض لتشكيل قيادة لهذا العمل وأصبح كل شخص يظهر على الشاشة ويعتبر أنه هو من أسس هذا التحرك، وبهذا خدموا السلطة بشكل غير مباشر.”

نحن كعمال كانت طموحاتنا أكبر. ولكن للأسف هذه السلطة والطبقة الحاكمة عادت للتماسك

ولكنه يكشف في حديث لـ “جسور بوست” أنه “برغم هذا كله، فنحن نعتبره تحدي جديد. لذلك ،لا بد من الإستمرار في العملية النضالية لتحقيق هذا التغيير. نحن نعلم أنه من الممكن أن تكون الظروف الموضوعية غير مناسبة في ظل بلد يحكمه هذا النظام الطائفي…ولكن نحن نراهن على المثقفين والعمال على أمل أن يعودوا للإنتفاض. فنحن لن نستكين سنبقى  نقاوم.”

وفي سياق متصل يقول عبدالله “نحن بتنا اليوم نمثل أمام التحقيق بسبب أن بعض الشركات وأصحاب الإحتكارات يدعون علينا كناقبيين مستقلين ويطالبون بتوقيف تحركاتنا بالرغم أنها تحركات خجولة.” 

وبحسب مصادر نقايبية فإن ما نسبته 40% من اللبنانيين يعانون كم البطالة حى العالم 2023. 

حاجز الخوف انكسر

الباحث والمحلل السياسي ربيع دندشي يرى أن “فكرة أن الثورة فشلت أم لم تفشل هي مسألة جداً كبيرة ليتم البناء عليها الآن. فهل وصول النواب التغييرين الثلاثة عشر لسدة البرلمان كان من اهداف الثورة؟ وهل النواب الثلاثة عشر كانوا مخيبين للآمال م أنهم كانوا على قدر توقعات الأشخاص الذين انتخبوهم؟  

وفي تقييمه للثورة فيكشف دندشي أنه “صحيح أن الثورة عندما بدأت اسقطت الحكومة، لكنها فشلت في المحاسبة وفشلت في الاستمرار بالزخم الذي كانت عليه فيه بدايتها…  نجحت الثورة في الانتخابات التي حصلت سنة 2022 في إدخال مفهوم التغيير في مزاج اللبنانيين. هذا حصل بسبب الثورة ولولا الثورة لما وصل النواب الثلاثة عشر الذين إلى البرلمان.” ويتابع “كما نجحت في كسر الحواجز، مثل المس بالزعامات، سواء الاحزاب أو غير ذلك، فالأمر لم يكن كذلك قبل الثورة. وجملة كلهم يعني كلهم كسرت بعض حواجز الخوف..فأصبح لدى المواطن الجرأة على التظاهر والإعتراض. كما نتج عن الثورة تغييرا في المزاج العام للشعب انعكس تغييرا انتخابيا في 2022.”

وعن مدى فشل أهداف الثورة فيقول دندشي إنه “إذا كان هناك اهداف اخرى للثورة  كالمحاسبة الشاملة وتغيير النظام وغيرها … فهي لم تحققها، بسبب عدة عوامل..لعل أبرزها أن احزاب السلطة التي تكمن في السلطة لن تستلم بشكل سهل. ويتابع “من جهة ثانية، فشلت الثورة في تشكيل هيئة لها، ولم تستطع أن تُكون حالة واحدة موحدة في كل لبنان. وأحد أسباب هذا الفشل هو أن أحزاب السلطة نجحت في اختراق الثورة في عدة اماكن.”

ويرى دندنشي أن “تغيير النظام السياسي اللبناني ليس مستحيلا. فنحن لو عملنا باتفاق الطائف، سيتغير النظام السياسي. فالاتفاق يضمن إنشاء مجلس شيوخ وإلغاء الطائفية السياسية، ويضمن سياسية خارجية متوازنة ومعتدلة. ولكن نحن لا نملك إرادة، والكل في البلد فرح بما اكتسبه من بعد الحرب، وبالتالي ولن يضحي أحد بهذه المكتسبات من أجل نظام ديمقراطي فعلي يلغي هذه الطائفية السياسية ويلغي المحاصصة ويلغي التستر خلف الطوائف والمذاهب. مجددا لا شيء مستحيل، فما حدث بعد الثورة فما كان خطوة أولى نحو الالغاء أو نحو التغيير. ولكن يبقى السؤال لماذا نريد التغيير؟” ويضيف “عندما نتحدث عن تغيير النظام السياسي اللبناني، فالحل لا يكون من خلال ما يطرحه البعض، كموضوع اللامركزية الادارية، على سبيل المثال، التي تعتبر هاجس لدى البعض.”

وعن دور المجتمع الدولي في الضغط على السلطة، فيعتبر دندشي ” أن المجتمع الدولي أن لا يعطي النظام الفاسد في لبنان أي مساعدات قبل أن يرى الإصلاح أو قبل استكمال الانتخابات الرئاسية وتشكيل الحكومة المرتقبة.  وأعتقد أن المجتمع الدولي كان بإستطاعته أن يضغط في أماكن أخرى سابقا، مثلا في موضوع تطبيق اتفاق الطائف..ولكن يبقى السؤال عما إذا مازال الاتفاق صالحا بعد مرور ثلاثون عاما. “

وعن مطالب الشعب اللبناني، فيقول دندشي “نحن نحلم بالنمو والاستقرار وأدني مستويات الحياة الإنسانية مثل الكهرباء ومياه وعدم تلوث وأمن وأمان وأن لا نخاف من الخروج من منزلنا أو من الذهاب إلى مناطق بعيدة.. ذلك أن اللبناني مبدع إذا ما اعطب الحد الأدنى وهذا ما تبين من سفر اللبنانيين إلى الخارج كالخليج مثلا.” ويتابع “نريد اصلاحا شاملا وأن نتخلص من البوئر الأمنية الموجودة في البلاد..وأن لا يكون لدينا سلاح يستخدم داخليا لخدمة أي قضية. وأن لا يتم الاستقواء بالسلاح. كما نريد حلا لأزمة النزوح السوري وتهريبهم. ويجب أيضا منع أن يكون لبنان منصة لتصدير المخدرات للخارج.”

ويضيف “يجب أن يكون هناك رقابة لحماية المستهلك، وأن يعمل على حل أزمة الكهرباء لما لها من تأثيرات على قطاعات الصناعة والتجارة. ولا بد أيضا أن يكون هناك خطة لإدارة قطاع النفط والغاز في البلاد، خاصة وأننا نشهد عمليات التنقيب عن الثروات في لبنان. عدا عن ترسيم ضرورة ترسيم الحدود البرية.”

ويختم المطالب قائلا “ومن المهم أيضا الحفاظ على لمؤسسات الدستورية وأن تكون الاستحقاقات في وقتها. كي لا يكون لا نستمر في تعطيل الاستحاقات تحت شعار الديموقراطية التوافقية.”

تدهور حقوقي

مصدر في المركز اللبناني لحقوق الإنسان يصف في حديث مع “جسور بوست” المشهد الحقوقي في لبنان فيقول “نظرا إلى كل التطورات السياسية والامنية والاقتصادية والاجتماعية، نلاحظ ان الانتهاكات لحقوق الانسان في أوجها، خصوصا فيما يتعلق بالتوقيف العشوائي، الترحيل العشوائي والمداهمات الغير مدروسة. كما نلاحظ ازدياد التوتر والقلق عند الافراد المترجم بردات فعل عنيفة ممكن ان تصل احيانا لاستخدام الاسلحة.”

وحول مدى تحقيق أي الدولة لأي إصلاحات منذ 2019، فيوضح المصدر أنه “بسبب انحطاط الوضع الاقتصادي وعدم وجود ميزانية واضحة فمن البديهي عدم توقع انجازات كبرى تتعلق في هذا النطاق.”  ويضيف ” الدولة موجودة، ولكن ينقصها التنظيم والتخطيط الفعال. ومما لا شك فيه بأن الاصلاح يتطلب وقتا لإنجازه لكن حاليا نحن في البداية أو ربما قبل البداية حتى.”

ويرى المصدر أن “الأولوية اليوم تكمن في اتباع خطط وسياسات مدروسة بهدف تحقيق العدالة وتأمين حقوق الجميع بإنصاف، كمسار لتعزيز وحماية حقوق الإنسان.” 

ووفق تقارير حقوقية، فإن لبنان حل في المرتبة 121 عالميا على مؤشر حرية الإنسان للعام 2023. 

نواب بروح تغييرية

النائب حليمة قعور قالت في حديث لـ “جسور بوست” إن الثورة كان لها مطالب مباشرة ومطالب غير مباشرة. أحد مطالبها كان تشيكل حكومة فيها اختصاصيين لديها صلاحيات تشريعية وتجري انتتخابات مبكرة وتعيد تكوين السلطة.” وتتابع “طبعا هذا لم تقبل به السلطة وجميع أطرفها تحايلت على ذلك، كحزب الله وحركة أمل بشكل مباشر. فمثلا، جاؤوا بحكومة حسان دياب على أساس أنها مستقلة، ولكن في المضمون كانت تابعة لتلك الأحزاب وغيرها. وبالتالي، منعوا هذه الحكومة التي وضعت أوراقا جيدة، ومثل ورقة لازار، من تطبيق هذه الأوراق والتالي أن تكون فعالة. وهكذا لم يعطوها صلاحيات استثنائية تشريعية، ولم تكن مستقلة كما نحن طالبنا.” 

وتضيف قعقور “من مطالب الثورة أيضا كان قيام دولة علمانية، واسقاط النظام الطائفي، وتعزيز حقوق الإنسان ورفضها للمحاور (8 و14 آذار)، وان يكون هناك دولة مستقلة ذات سيادة لا يتمول أحزابها من أي دولة خارجية.”

وعن أبرز إنجازات ثورة 17 تشرين فتكشف أن “الثورة استطاعت تعزيز وعي سياسي هام. ومازال هذا الوعي قائما. اليوم ، نحن كنواب، الناس تساءلنا على نهجنا وأفعالنا ولا تسائل النواب الآخرين. هذا لم يحصل من قبل. مثلا، مؤيدو حزب الله، لا يسائلون حسن نصرالله، ومؤيدو حزب القوات لا يسائلون سمير جعجع، ومؤيدو حركة أمل لا يسائلون نبيه بري وهكذا دواليك. بينما نحن نتعرض للمساءلة من مؤيدينا. شخصيا لدي يومياً مواعيد وجلسات وأسئلة تطرح حول ما الذي نفعله. وبالتالي ، فإن ثقافة المساءلة كانت من أهم الاشياء التي حققتها ثورة 17 تشرين. فنحن لسنا زعماء عند الناس. وتتابع “شخصيا، كحليمة قعقور، لست زعيمة، بل أتيت بقرار الناس والناس تساءلني. فأنا موظفة. لقد ولد نموذج من الناس الموظفين لدى الشعب. أنا شخصيا أقوم بواجبي، وأحضر لللجان  النيابية التي أتابعها، وعندما تطلبني الناس ألبيها وليس لي مواكب سيارة وما شابه ولا أتمول من أي جهة خارجية. هذا كله نتاج 17 تشرين، وليس بقوتي أنا.”

وردا على سؤال حول التغيرات في المشهد السياسي بعد وصول نواب التغيير لندوة البرلمانية، فتجيبب قعقور “هناك أشخاص جدد دخلوا إلى الحياة السياسة. صحيح أن هناك اختلاف كبير بيننا، وأنا اعترف بذلك، ولكن نحن نراقب كل شيء ونقول للناس ماذا يحصل. اللجان كانت سرية، فالنظام الداخلي يقول أن المداولات سرية باللجان إلا إذا قرر رئيس اللجنة عكس ذل/ك. هناك قرار سياسي أن ما يحصل في اللجنة يبقى سرياً ونحن كسرنا هذا القرار.” وتضيف “أنا أنشر ما يحصل في اللجان على صفحاتي فالناس من حقها أن تعلم ما هي القوانين المقترحة وما هي اتجاهات الأحزاب. وإلا لماذا إنتخبني الناس؟ يجب أن يحاسبوني على قراراتي. نحن خرقنا هذا القرار، لأول مرة أحر يقول يجب فصل السلطة السياسية عن الدينية. لأول مرة هناك نهج جديد يدخل إلى المجلس. هذا تغيير في المشهد.”

وعن دور الشباب في الثورة والحياة السياسية، فتقول قعقور “أكثر من صوتوا لي هم الشباب. حتى أن أولاد مسؤولي بعض الأحزاب صوتوا لي. كما أن هناك أشخاص مهاجرين ننسق معهم دائما.” وتتابع “أهم شيء هو مشاركة الشباب. شخصيا هم  يقترحون عليّ ماذا أقول في المقابلات، ويقترحون أفكارا كثيرة متعلقة بالملفات التي أحملها. في كل قرية هناك مجموعة من  الشباب التي ننسق معها. والكثير من القرارات ترجع لهم. وقريباً سأقدم اقتراحات للنواب لإشراك الشباب بطريقة رسمية.”

ووفق أرقام وزارة الداخلية، فإن ما يقارب من 2 مليون لبناني إقترعوا خلال الإنتخابات النيابية الاخيرة عام 2022، كان جزء كبير منهم من جيل الشباب.

وردا على سؤال حول الإصلاحات المطلوبة من الدولة اللبنانية، فتجيب قعقور “أنا مع اصلاحات صندوق النقد الدولي وغيرها من الاصلاحات. نحن بحاجة لإصلاح الهيكل المالي والميزانية.فمثلا إعادة هيكلة المصارف طالبنا قيها خلال الثورة، أي قبل قدوم صندوق النقد الدولي.” وتضيف ” السلطة لا تريد الاصلاحات لأن الاصلاحات تضرها. مثلا، إعادة هيكلة المصارف تضرهم. واللوبي المصرفي داخل البرلمان كبير جدا. تسعون بالمائة من المجلس النيابي مع اللوبي المصرفي. مثلا بدلا من تطبيق الاصلاحات في الأربع سنوات الماضية، كانت تصف لمشاريع الكابيتل كنترول ورفع السرية المصرفية المعروضة حملت مواد تهدف لحفظ مصلحة المصارف ومنحها القوة من جديد. أيضا اللوبي التربوي الخاص موجود في لجنة التربية. كل ذلك على حساب الدولة والتعليم الرسمي  والاصلاحات.” 

وعن مستقبل لبنان في حال عدم تطبيق الاصلاحات، فتكشف قعقور بأنه “سنكون أمام إنهيار وعدم تعاون دولي مع لبنان. أي أننا سنغلق على أنفسنا باب التعاون والمساعدات، هكذا نكون قد منعنا أنفسنا من فرصة إصلاح حقيقة داخلية، تمكننا من التعاون مع الخارج.  لا أقول أن الخارج ليس لديه مصالحه. ولكن أحيانا عندما يكون هناك تلاقي مصالح، فيجب إقتناص تلك الفرصة. وعندما تجد أن هناك شيء لمصلحة الخارج فقط على حسابنا، فعليك بمعركة ضدهم لحفظ السيادة والمصلحة الوطنية.”

وكانت الحكومة اللبنانية قد وقعت في نيسان/ أبريل 2022 إتفاقا مبدأيا مع صندوق النقد الدولي للحصول على ثلاث مليارات دولار على مقمسة أربع سنوات، مقابل تطبيق إصلاحات معينة. وحتى الآن لم يتلقى لبنان أي من تلك المبالغ. وبحسب خبراء صندوق النقد فإن لبنان لم حتى الآن لم يطبِّق الإصلاحات العاجلة المطلوبة، مما سيؤثر على الاقتصاد لأعوام مقبلة. علما أن العديد من دول العالم وعدت لبنان بدعمه بشكل مباشر لإعادة تثبيت وضعه الإقتصادي، شرط إجراء إصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة. وتقدر ديون لبنان حنى بداية العالم 2023 بحوالي 102 مليار دولار أمريكي. 

صحافي*

السابق
2023 قضائيا: ملفات «مكربجة» وإستحقاق داهم.. و«طوفان الاقصى» لم يُشغل «حزب الله» عن «قضاياه»!
التالي
بيان من كهرباء لبنان.. هذا موعد رفع التغذية