مَفاتِيحُ أساسيةٌ لِتَسويةٍ سياسية لبنانية لا طوائفية

كتاب

ألأزمةُ السياسية اللبنانية الحالية ، التي يَمُرّ بها النّظام السياسي اللبناني ، والمتمثّلة بعدم انتخاب رئيسٍ للجمهورية ، وعدم تشكيل حكومة جديدة ، تتطلّب كسابقات الأزمات التي مَرّ بها هذا النظام من قبل ، وعلى ما جرتِ العادة السياسية في لبنان ، ما يُعرَفُ في بلدنا – حصريّاً – بتسويةٍ سياسية جديدة . والتسوية الجديدة المُنتَظَرة ، بفارغ الصّبر طبعاً ، يجب أن تكون تسويةً تختلفُ ، كُلَّ الإختلاف ، عن سابقاتها من التسويات ، أي يجب أن تكون تسويةً غير طائفية ، حتّى تستقيم أحوال نظامنا السياسي استقامةً مقبولة ، ولكن هيهات !! !على ما يُظهِرُ الحالُ ؛ وعلى ما سَبَق من تَجارُب مؤسِفة ومؤلِمة في هذا المجال . والتسوية السياسية اللبنانية المُنتظَرة ، ولتكون تسويةً (كتجربةٍ ناجحة ) يجب أن تكون تسويةً غيرطوائفية على ما يسمّيها الباحث اللبناني الدكتور بسام الهاشم في كتابه الجديد الصادر ، حديثاً ، عن : ” دار الفارابي ” في بيروت ، في طبعةٍ أولى 2023 ، هذا الكتاب الذي يُضَمِّنه مفاتيح أساسيّة لِتَسوِيةٍ سياسية لبنانية لا طوائفية ، تحت عنوان : ” ألطوائفية والمواطَنة في لبنان ( ألحاضر والمرتجى ) ” .

يعالج هذا الكتاب مسألتَي الطوائفية السياسية والمواطَنة الطوائفية أيضاً ومعالجة ” مدنيّة ” للأحوال الشخصية

محتويات هذا الكتاب

وتتألّفُ محتويات هذا الكتاب من : ” تمهيد ” ؛ و” تسعة محاور” ؛ و ” خاتمة ” . وتندرج مَحاوِر هذا الكتاب تحت العناوين التالية : ” طوائف لبنان : ماهية وجذور ” ؛ ” نظام المصالح الدينية وتطبيقاته ” ؛ ” نظام الأحوال الشخصية وتطبيقاته ” ؛ ” في الزواج مع الآخر المختلف في الدين والمذهب ” ؛ ” ألعائلة في لبنان : نماذج معيارية ثلاثة وترجماتها ” ؛ ” ألتزاوج في لبنان : واقعه الميداني ” ؛ ” ألجَمعَنة كمفردة ومفهوم ؛ ” ألعائلة ودَورها في جمعنة الفرد ” ؛ و” أعضاء لطوائف أم مواطنون في دولة ؟ ” .

للخروج من التعطيل والشلل الرسمِييَّن

ومضمون نصّ التمهيد هو الآتي :
يجد القارئ بين دفَّتَي هذا الكتاب ، ألمَعالِم – المفاتيح الأساسية لمساهمة حلّ ، يضع نظامنا السياسي الطوائفي ( ولا أقول الطائفي ، لاعتبارات أشرحها أدناه ) على سكّة الخروج من حالة التعطيل والشَّلل التي أمسينا نقيم فيها طويلاً عند كل استحقاق دستوري مفصليّ ، من مثل انتخاب رئيس للجمهورية ، أو تشكيل حكومة جديدة ضمن مهلة زمنية معقولة .

كما يجد ( القارئ ) في أساس هذه المساهمة دراسة سوسيولوجية أنطربولوجية تجريبية للبنية الطوائفية الخاصة بمجتمع لبنان وآليات اشتغالها ، مشفوعةً بمقاربة من النوع نفسه لأحكام النظام المعتمَد للأحوال الشخصية في بلدنا ، مع ما تعكسه من التطبيقات الميدانية لهذه الأحكام معطيات إحصائية متوافرة حول واقع التزاوُج الحاصل سواءً داخل الطوائف المشاركة في تكوين هذا المجتمع أو ما بينها ، عبر العقود الأربعة الأخيرة .
ولكنّ الأساس هذا ، إلى دراسة البنية المشار إليها ، شمل أيضاً انعكاسات الأحكام المذكورة وتطبيقاتها على بناء شخصية الفرد اللبناني وقولبتها إمّا على ما يُبقي صاحبها عضواً حكمياً في طائفة ، وإمّا على ما يحوّله إلى مُواطِنٍ بالمعنى الدقيق للكلمة ، حرّ في الانتماء إلى الدولة ، وممارسة هذا الانتماء ، إذا شاء ، بمعزلٍ عن أيّ انتماء جَماعيّ آخر .
أفَيُطرَح ، والحال هذه ، السؤال : إلامَ من معطيات نظام الأحوال الشخصية وإفرازاته التطبيقية كان الاستناد لِفكّ عقدة النظام السياسي المشار إليها ؟ بالطبع هو يُطرَح . وهذه للبداهة ، ما يبقى على عاتق القارىء السعي إلى استيضاحه تباعاً عبر الصفحات المحدودة نِسبيّاً التي يضمّها هذا الكتاب بين دفتيه .

ظاهرة شمولية

ومما توصّلت إليه خاتمةُ هذه الدراسة في هذا الكتاب ، نُورِد المقتطفات التالية : في المحصّلة النهائية لهذه الدراسة ، يتّضح بما لا لبس فيه أنّ الطوائفية في لبنان ليست ظاهرةً جزئية محصورة المفاعيل – كما يطيب للبعض تصوير الأمر – في النطاق السياسي الرسمي ، أو حتّى على نحو أضيق داخل هذا النطاق ، في كيفية توزيع المناصب داخل جهاز الحكم وأدواته المؤسساتية في مختلَف القطاعات ، بل هي ظاهرةٌ كُلِّية في مجتمعنا . إنّها ، بعبارات أوضح ، منظومة تشمل مختلف جوانب الحياة في هذا المجتمع ، الإجتماعية والثقافية منها ، كما السياسية ، إن لم يكن حتّى ، على ما يتّضح من بعض الدِّراسات ، الجانب الإقتصادي الإجتماعي أيضاً .

منظومة حاكمة تتنكّر للحقّ الدستوري

وحقيقةُ هذه الظاهرة مكّنت – وعلى ما تؤكّده خاتمة هذا الكتاب – المنظومة الطوائفية المهيمنة على الدولة والبلد من التَّنكُّر لحرّيّة الفَرد ، التي كفلها له الدّستور ، في اختيار أن يكون ، مواطناً ، أو عضواً في طائفة ( أي أنّ مواطَنَتَه في هذه الحالة ما هي إلاّ مواطنة طوائفيّة ) . وهذا ،وعلى ما تؤكّد الخاتمة ، أيضاً ، ما جعل ديموقراطيتنا ، ديموقراطيةً مأزومة . وهذه الديموقراطية اللبنانية المأزومة ، يرى مؤلِّفُ هذا الكتاب إليها أنّها تتطلَّب إصلاحاً بات لا يحتمل التسويف ، ويرى أنّ بداية هذا الإصلاح تكون ” بالتأكيد لا من مقاربة للظاهرة الطوائفية لا ترى منها إلاّ وجهها السياسي المعروف بإسم ” الطائفية السياسية ” ، وتترك جانباً ما كان وما زال ، في الأساس هو مبرِّر اعتمادها ، عنيتُ سائر أبعادها المجتمعية ” .

يطرح هذا الكتاب مساهمة حلٍّ يضع نظامنا السياسي الطوائفي على سكّة الخروج من حالتَي التعطيل والشَّلل التي يتعرّض لهما عند كل استحقاق دستوري مفصلي

ثلاثةُ بنودٍ من التّسوية اللاّطوائفية

وعلى هذا الأساس ” فإنّ مدخل الحلّ – برأي الكاتب هنا – هو تسويةٌ ورد بعض عناصرها في دستورنا المعدَّل نصّه في ضوء اتفاق الطائف وفي مقدمة عناوين هذه التسوية ستّة عناوين متلازمة ” .

يؤكد هذا الكتاب على انّ الطوائفية ( لا الطائفية ) هي ظاهرة كلّية في مجتمعنااللبناني كمنظومة تشمل مختلف جوانب حياتنا

يُعلِنُ عنها المؤلّف . ونُورِدُ هنا ثلاثة منها هي الآتية ( هذا مع إشارتنا إلى إيرادِنا الجزء الأوّل من العنوان المتعلّق بالأحوال الشخصية ) :

  • تجهيز الدولة بقانونٍ مدنيّ – إختياريّ – للأحوال الشخصية ، يكون مجرَّدُ إقراره تسليماً بحقّ المواطن اللبناني في أن يختار بينه وبين القانون المُعتمَد من قِبل طائفةِ ولادته ، لتكوين رابطته الزوجية وعائلته على أساسه .
  • ألتحوّل بالنظام التمثيلي من نظام المجلس الواحد القائم ، إلى نظام مجلسين : مجلسٍ للشيوخ مفتَرَضٍ أن يكون المجلس الممثِّلَ للطوائف ، والساهر على مصالحها وحقوقها كما على التوازنات الرمزية القائمة ما بينها ، ومجلس للنواب يتمثّل فيه المواطنون كمواطنين ، بصورة عابرة لانتماءاتهم الطائفية على اختلافها .
  • تحقيق اللامركزية الإدارية الموسَّعة ، باعتبارها عاملاً فعّالاً سواء في تسهيل المعاملات الروتينية للمواطنين وتيسير أمورهم المعيشية وتأمين الخدمات الأساسية لهم ( لجهة الماء والكهرباء ورعاية البيئة إلخ…) ، أم في تحقيق المشارَكة بين الإدارة المركزية والمناطق في استثمار موارد هذه الأخيرات وإنمائها بصورة عادلة ومتوازنة وطنيّاً .
السابق
بعدسة جنوبية.. اعتصام لمرضى السرطان امام السراي
التالي
سلسلة استهدافات لـ«حزب الله».. اليكم ما يحصل منذ بعد الظهر