التّعاون بين الزّوجين وآثاره على المجتمع…

حفلات الزواج

يُعتبر التّعاون من أرقى الصفات الحميدة، التي يجب أن يتحلّى بها الإنسان، فهو يُمتّن الروابط الإيجابية بين أفراد المجتمع، بل يزيدها وينمّيها، حيث يساهم في تألقهم ونجاحهم، ولهذا قيل أنه سرّ النجاح.
يتّخذ التعاون أنواعاً وأنماطاً عديدة أغلبها قد يصبّ في مصلحة الإنسان والمجتمع، ولعلّ ما أرنو إليه في كلماتي هذه، يعدّ من أنبل وأفضل وأجمل وأكمل صور التعاون، وهو التعاون بين الزوجين لما له من خاصيّة في بناء الأسرة وحمايتها وتقديمها للمجتمع أسرة مستقرّة متماسكة متكاملة ممّا يحقّق الصلاح والإصلاح فيه ككل.

يتّخذ التعاون أنواعاً وأنماطاً عديدة أغلبها قد يصبّ في مصلحة الإنسان والمجتمع


لقد حضّ الشارع المقدّس على التعاون في مواضع شتّى وآيات وأحاديث عديدة، سلّطت الضوء على أخباره وآثاره، بل تعدّتها إلى الأمر به في مورد البرّ والتقوى” وتعاونوا على البرّ والتقوى” والنهي عنه في مورد الإثم والعدوان “ولا تعاونوا على الإثم والعدوان”، فكلاهما تعاون كما نصّ القرآن الكريم.
لكن شتّان بين تعاون يرضى به اللّٰه بل أمر به، وآخر يُسخط الله تعالى فنهى عنه.
وكما هو معلوم فهناك عدة أوجه للتعاون بين الزوجين نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
١- التعاون في تربية الأولاد : حيث يعتبر التعاون في تربية الأولاد من أصعب الأعباء الملقاة على عاتق الأبوين، لكن غالباً ما تتصدّى الأم لهذه المسؤوليّة ويتخلّف الأب أحياناً بسبب انغماسه في تأمين رزقه ورزق عياله، فالأب الكادح طيلة النهار، إن لم يكن ليلاً نهاراً “خاصّة في ظلّ الأوضاع الإقتصادية الصعبة التي يمرّ بها البلد” لا يراه أولاده ولا يراهم إلا في أيام العطلات، بل قد يسافر لسنوات بعيداً عنهم، على عكس الأم التي تلزم أولادها، تشاركهم نهارهم وليلهم، تمنحهم العطف والحنان، تغذّيهم، تنمّيهم، تسهر على راحتهم، وتعلّمهم شؤون دينهم ودنياهم.
والحقّ يقال.. فالأجدر بالأب أن لا يترك هذا العبء الثقيل على عاتق الأم وحدها، أو أن يُلزمها به حتى يصبح كأنه عملاً مناطاً بها، بل يجب أن يتعاون معها ولو بقدر المستطاع في سبيل ذلك، فالأب هو عماد البيت، والملاذ الآمن لأسرته، والمثال الأعلى لابنائه، لذا لابدّ له من القيام بدوره الرياديّ والرعويّ، فعن رسول اللّٰه (ص) أنه قال: “كلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيته”.
٢- التعاون في الأعمال المنزليّة: مع الأسف فإن موضوع التعاون في الأعمال المنزلية ما يزال من المواضيع التي تدور حولها نقاشات مثيرة للجدل بين الأزواج لاسيّما الرجال منهم، الذين بدورهم انقسموا بين رافضٍ للفكرة بتاتاً باعتبارها برأيه تنتقص من رجولته ومن سلطته الأبوية فضلاً عن الزوجيّة، وبعضهم يرى أنه يتعب في عمله ما يكفي ليرتاح في البيت، مشيراً إلى أنه قد يساعد في الأعمال المنزلية في حال كانت زوجته مريضة أو منهكة فقط، وآخرون يتقبّلون الموضوع بكل رحابة صدرٍ بل يجدون سعادة أثناء قيامهم به باعتبار أنهم اولاً يساهمون مع زوجاتهم في تحمّل الأعباء المنزلية، وثانياً لأن هذا التعاون يرسم الفرحة على وجوه الزوجات، فيشعرهنّ بالراحة خاصّة عندما يشعرن باهتمام أزواجهن ومدى حبهم لهن، لما لذلك من آثار إيجابية تنعكس على الزوجات بل الأسر بشكل عام .

الخدمة المنزلية ليست من واجبات الزوجةزبل من واجبات الزوج.


أمّا دينيًّا فقد ذهب مشهور الفقهاء عند مختلف المذاهب الإسلامية، إلى أن الخدمة المنزلية ليست من واجبات الزوجة، بل من واجبات الزوج. أمّا ما هو متعارف عليه في مجتمعنا من قيام الزوجة بالخدمة المنزلية من طبخٍ وكنسٍ وتنظيفٍ وغيرها من الأعمال الخدماتية في المنزل، إنما هي من المستحبات المؤكدة التي تثاب عليها، فلا يحقّ للرجل إجبار زوجته على القيام بها، لكنها بتعاونها مع زوجها في إتمام هذه الأعمال فضلاً عمّا لها من الأجر والثواب، فإنها تعمّق أكثر الروابط قداسةً، وهي الروابط الأسرية، وتقوّي أواصر المحبة فيها، ممّا يؤدي إلى تماسكها، فيسود الحبّ والوئام، والسلم والسلام، ليتجلّى البرّ بأرقى معانيه والإخلاص بأجود ما فيه، فتُبعِد بذلك شبح الطلاق والمشاكل، ويتربّى الأولاد أفضل تربية، وبالتالي تتقلّص الجرائم التي تنتج غالباً عن تفكّك الأسر والنزاع بين الأبوين، لنحظى بأسرة مثالية، ومجتمع مزدهر وآمن.

السابق
يطلق النار على ضحاياه ويشلهم ويسلبهم.. هل وقعتم ضحية أعماله؟
التالي
وصلتني هذه الرسالة من غزّة الآن