رواية «دونكيشوتية» جديدة لمرتكبي «مجزرة أنصار».. والقاضية الحسن «تحسمها»: الحكم في أقل من شهر!

جريمة قتل انصار

بعد المماطلة والتسويف في جلسات محاكمة مرتكبي”مجزرة انصار” حسين فياض والسوري حسن الغناش ، إستطاعت رئيس محكمة الجنايات في بيروت المنتدبة القاضية زلفا الحسن مع مستشارتيها القاضيتين لمى ايوب والمنتدبة القاضية ميراي ملاك، ان تتخذ قرارا “حاسماً”، بإعلانها ختم المحاكمة اليوم وتحديد يوم الخميس في السادس عشر من شهر تشرين الثاني المقبل موعدا للنطق بالحكم، في جريمة وحشية لا تزال عالقة في أذهان اللبنانيين رغم مرور اكثر من سنة ونصف، عندما اقدم فياض بالاشتراك مع الغناش، على قتل باسمة عباس وبناتها تالا ومنال وريما ودفن جثثهن داخل حفرة في مغارة في خراج بلدة انصار، بعد اطلاق النار عليهن من بندقية “بومب اكشن”، واكتشاف الجريمة في نهاية شهر آذار من العام الماضي بعد اختفائهن في الثاني منه، يوم الجريمة.

ولم يكن قرار القاضية الحسن هو المفارقة الوحيدة في محاكمة فياض والغناش، باستجوابهما والاستماع الى مرافعات جهتي الادعاء والدفاع وختم المحاكمة في جلسة واحدة، فالمتهمان ادليا برواية”دونكيشوتية” نسفا من خلالها اعترافاتهما السابقة، حين”حمل الغناش” الجريمة عن”صديقه ” فياض بذريعة ارتكابها تحت تأثير المخدرات، فيما الاخير لا يزال”مصدوما مما حصل حتى الآن”، و”انا ما شفت شي”.

وخلال الساعتين، الوقت الذي استغرقه استجواب الموقوفين، تلقى والد الضحايا والمدعي زكريا صفاوي “الرواية” في هدوء مطلق ، فبدا متحكما بغضبه الذي كان يفجره في قاعة المحكمة في الجلسات السابقة، ومنصتا الى استجواب المتهمين بضبط نفس غير مسبوق، وهو ما انسحب ايضا على الحاضرين من اهالي الضحايا.

المتهمان ادليا برواية”دونكيشوتية” نسفا من خلالها اعترافاتهما السابقة حين”حمل الغناش” الجريمة عن “صديقه ” فياض بذريعة ارتكابها تحت تأثير المخدرات

وكان لافتا عدم “استرسال” اي من فرقاء الدعوى في مرافعاتهم التي اختصرتها المحامية ماريان نخلة عن جهة الادعاء التي كانت ممثلة ايضا بالمحامي ماهر جابر بجملتين بان” ما ارتكبه المتهمان تم عن سابق تصور وتصميم وتخطيط مسبق للجريمة قبل يومين” منتهية الى طلب انزال عقوبة الاعدام بهما وترك مسألة التعويض عن العطل والضرر” لما تراه المحكمة”، وجاء طلب النيابة العامة الممثلة بالقاضية ساندرا الخوري بإنزال اشد العقوبات بحق المتهمين وتطبيق مواد الاتهام بحقهما، في حين اقتصرت مرافعة وكيل الغناش المحامي إدي رزق ووكيل فياض المحامي محمد شمص المكلف من نقابة المحامية بجملة وحيدة “نطلب الاسباب التخفيفية” دون الدخول في وقائع القضية.

وفي كلامهما الاخير قبل ختم المحاكمة ، جاء مطلب فياض والغناش “وقح” بالنظر الى وحشية الجريمة التي ترتقي الى المجزرة حيث طلبا ” الشفقة والرحمة”.

الجلسة التي كانت بدأت بعد الظهر، إستهلت باستجواب المتهم فياض الذي تراجع في البدء عن اعترافاته الاولية بذريعة تعرضه للضرب والتعذيب، وعن اعترافه الذي ايده امام قاضي التحقيق قال:”كنت خائفا بانني سوف اعود الى مكان توقيفي لدى شعبة المعلومات”.

جاء طلب النيابة العامة الممثلة بالقاضية ساندرا الخوري بإنزال اشد العقوبات بحق المتهمين وتطبيق مواد الاتهام بحقهما


وبعدما انكر ارتكابه الجريمة، قال ان علاقته بعائلة الضحايا كانت جيدة ، وافاد بانه كان يبحث عن الآثار في انصار ومحيطها عندما عثر على تمثال من الذهب و20 ليرة ذهبية “وكنت اثق بتالا فأخبرتها عنهم وسلمتها اياهم بحضور شقيقتيها ووالدتها باسمة وذلك قبل 15 يوما من الجريمة، وذلك بعد ان ابلغته تالا بانها تعرف اشخاصا لتصريف الآثار”.

ويتابع فياض روايته”الدونكيشوتية”، انه في الاول من آذار 2021 ابلغ صديقه الغناش الذي كان يعمل معه في التنقيب عن الآثار بدعوته العائلة الى العشاء ، وفي اليوم التالي ، يوم الجريمة اتصل به الغناش وطلب منه اصطحابه الى بستان عمه حيث تقع المغارة، وان الغناش كان بحوزته بندقية بوب اكشن عائدة لفياض سمله اياها الاخير قبل اشهر من الجريمة ، زاعما بان الغناش يحملها دائما اثناء تنقيبه عن الآثار.

“كان يفترض ان يكون العشاء بمطعم في صور” ، قال فياض، الذي اضاف انه وبينما كان ينتظر العائلة في السيارة اتصل به الغناش واعلمه عن عثوره على ذهب في المغارة داخل حائط، “فقلت لهنّ بأنني سأمر على المغارة لاستطلاع الامر فوافقن ولم يعارضنه، وبوصولهم، ركن فياض سيارته وترجل منها مع الضحايا متوجهين الى المغارة سيرا على الاقدام، وفي الطريق، لاحظ فياض انه نسي هاتفه في السيارة فعاد اليها، فيما الضحايا اكملن طريقهن الى المغارة، واثناء لحاقه بهن سمع صوت اطلاق نار، والغناش يصرخ به لعدم الاقتراب قائلا له:”طلع الضرب بالمرا بالغلط وبطّلت عارف شو اعمل” فأطلق النار على الاخريات.

وأكمل فياض روايته:”كان الغناش يبعد عني حوالي ال15 مترا، وانا بقيت قرابة النصف ساعة قرب البوابة مصدوما والى اليوم، ولاحقا اخبرني الغناش بما حصل معه”.

وما حصل مع الغناش، بحسب رواية فياض، “انه (اي الغناش)كان قد تعاطى حبوبا مخدرة ، وان عيارا ناريا انطلق من البندقية عن طريق الخطأ اصاب باسمة عباس الوالدة، فخاف واطلق النار على الاخريات ودفنهن في المغارة”.
وعندما سألته الرئاسة لماذا لم يبلّغ عن الغناش اجاب فياض:”لم اعرف ماذا افعل وخفت اتهامي بالقتل”، نافيا ان يكون قد اتفق مع الغناش على إحداث حفرة في المغارة لدفن الضحايا “انا ما شفت شي”، كونه لم يصل الى المغارة ليلتها ولا يعرف شيئا عن الحفرة.

وبسؤاله عن دلالته للقوى الامنية عن مكان دفن الضحايا بعد اعترافه بالجريمة قال فياض انه كان يعلم مكان وجود المغارة انما لا يعرف تحديدا اين تم دفن الضحايا،”في ناس كتير منبشين بالمغارة” وان الحفرة التي دفن فيها الضحايا موجودة”قبل ان اولد”.

بعد الجريمة- المجزرة، غادر فياض والغناش المكان بسيارة الاول ، وكان الاخير يحمل كيسا، قال فياض انهما توجها الى مكب للنفايات في البابلية وكان مشتعلا حيث رماه الغناش هناك، ثم رمى هواتف الضحايا في البحر، وعادا الى منزله في السكسكية وكانت البندقية لا تزال مع الغناش التي سلمها لفياض قبل هربه الى سوريا ، نافيا ان يكون يومها يحمل بندقية كلاشينكوف التي ضبطت في منزل والده وليس في منزل شقيقه.

وعن سبب هربه الى سوريا واللحاق بالغناش قال فياض ان هذه الفكرة كانت فكرة الغناش “وانا تعرضت للسرقة على الحدود فإضطررت للعودة”، وقال:”كنت استطيع الهرب وبطريقة شرعية على الحدود انما لم افعل” ، مضيفا بانه بقي على تواصل مع الغناش بعد الجريمة لانه تم فتح تحقيق بموضوع اختفاء الضحايا”، زاعما بانه لم يختلف مع الغناش “لانني كنت اخاف منه”، نافيا ان يكون والغناش على علاقة جنسية .

عن سبب هربه الى سوريا واللحاق بالغناش قال فياض ان هذه الفكرة كانت فكرة الغناش “وانا تعرضت للسرقة على الحدود فإضطررت للعودة”


وما قصة السحر من قبل الغناش، سئل فياض، فقال “عا الخوف بيبطّل الواحد يعرف شو يحكي، انما قصة السحر موجودة والغناش يعرف امرأة في صيدا تقوم بالسحر “.

لماذا لم يخبر والد الضحايا بما حصل معه طالما ان علاقته كانت جيدة بالعائلة، اجاب فياض:”عند اختفائهن سألني عنهن انما لم اخبره لانني كنت خائفا”.

وبادر الغناش الى الاعتراف للمحكمة :”انا بعترف قتلتون وحدي للجماعة”، وعندما استوضحته الرئاسة من يقصد بالجماعة اجاب:”الضحايا”. وتابع:” كنت قد تعاطيت حبوبا مخدرة اشتريتها من شخص سوري في الصرفند يدعى محمد ، وانا اتعاطى منذ ثلاث سنوات وحسين فياض لا يعلم بذلك انما كنا نحتسي الكحول معا”.ويوم الجريمة، يضيف الغناش، “قبل يوم من الجريمة اتصل بي حسين واعلمني انه “عازم الجماعة عا العشا”، وفي اليوم التالي يوم الدعوة الى العشاء، طلب من فياض ايصاله الى البستان الذي يعود لعم فياض حيث يعمل الغناش، وكان بحوزته بندقية بومب اكشن كون يتواجد هناك خنازير، مؤكدا ان البندقية اخذها من فياض قبل خمسة اشهر من الجريمة ولم يسلمه اياها فياض قبل الجريمة كما جاء في اعترافاته الاولية التي قال انه ادلى بها تحت الضرب.

إقرأ ايضاً: تدفق النازحين إلى مراكز الإيواء في صور..ومساعدات من مجلس الجنوب

ويزعم الغناش انه بعد ان ذهب فياض لاحضار هاتفه من السيارة بقيت العائلة في المغادرة، اثناءها قام بنزع البندقية من كتفه “فزحطت من يدي ” وانطلق منها عيار ناري اصاب الوالدة، وحينها بدأت الفتيات بالصراخ ف”دفشتون قوّصتون”.وبإستيضاحه قال الغناش بانه لم يدرك ما يفعله حين اصيبت الوالدة وتوفيت على الفور ” فدفعت الفتيات اللواتي كنّ بمواجهتي عند باب المغارة واطلقت النار عليهن من الصدر الى الاعلى”.

وتابع:”احضرت رفشا من البستان ورميت التراب فوقهن ثم افرغت التراب بالاسمنت”.وانه طلب من فياض عدم الاقتراب وكان حينها الغناش قد اطلق النار عليهن جميعا،و”انا قمت بالجريمة بمفردي ولم يساعدني احد”.

بسؤاله افاد الغناش ان فياض”غضب مني كثيرا بعد الحادثة ولم يعد يزورني انما بقي على تواصل معي، وانا خفت منه انما كنت لا ازال تحت تأثير المخدرات “

ولماذا لم يذكر هذا الامر سابقا في التحقيق الاولي، اجاب الغناش:”ان احد السجناء نصحه بالإنكار”، زاعما انه لم يدرك ما قام به “الا بعد يومين اي بعد زوال مفعول المخدرات”.

وبسؤاله افاد الغناش ان فياض”غضب مني كثيرا بعد الحادثة ولم يعد يزورني انما بقي على تواصل معي، وانا خفت منه انما كنت لا ازال تحت تأثير المخدرات “، وانه هرب الى سوريا خوفا ونصح فياض بالذهاب ايضا لان التحقيق كان قد بدأ”وكان فياض سيخبر عني”. انما سبب عودته الى لبنان هو استدراجه بعد توقيف فتاة كان على علاقة معها.

السابق
تدفق النازحين إلى مراكز الإيواء في صور..ومساعدات من مجلس الجنوب
التالي
صواريخ «القسّام» تَجرح 3 مستوطنين في كريات شمونة..ومُسيّرة اسرائيلية تقصف الوزاني!