طوفان الاقصى في يومه السادس.. دروس في البطولة والخيانة!

قصف غزة

لا شك ان عملية “طوفان الاقصى” اثبتت انتصار فلسطين وشعبها، وهزيمة تامة لاسرائيل هذا في البداية، ولا زالت تردداته تتفاعل على الارض، وفي الاندية السياسية المختلفة على مساحة الكرة الارضية.

بعد مرور ستة ايام من القصف الهمجي، والذي بلغ ذروته في اليومين الاخيرين، واطاح بكل قوانين الحرب وشرعة حقوق الانسان، حيثُ لم يسلم في قطاع غزة والبالغة مساحته ثلاثمائة وخمس وستين كيلومترا مربعا، أي جُحرٌ او غُرفة او مسكن، دون ان يُصاب اصاباتٍ مُباشرة او غير مُباشر .

الشعب الفلسطيني بكُل اطيافه اثبت بأن الاحتلال وإن طالت مدته ازمنة وعقود فهو لا يستكين ولا يُهادن

كُلُ ذلك لم يُضعِف الرشقات الصاروخية، التي تنطلق من القطاع او يوقفُها، هذا يدُلُ على ان الشعب الفلسطيني بكُل اطيافه، اثبت بأن الاحتلال وإن طالت مدته ازمنة وعقود، فهو لا يستكين ولا يُهادن، رغم كل ما اصابه في العقود الماضية، لا بل يخرج من كل معركةً اقوى واكثر صلابة وشِدةً، في مواجهة العالم اجمع، لانه صاحب حق وقد خانه الاقربون قبل الابعدون.

لليوم السادس، وعلى الرغم من كل ما جرى ويجري، لا زالت فصائل المقاومة الفلسطينية على صلابتها، في توجيه الرشقات الصاروخية والتي بدأت تطال مناطق اوسع من ذي قبل، ولم تتوقف بل اصبحت اكثر دِقة.

هذا إن دل على شيء، يدل على ان فصائل المقاومة، لا زالت تمتلك زمام المبادرة، في تحديد دقائق الوقت، لتوجيه رشقات صاروخية الى كامل جغرافيا فلسطين المحتلة، على الرغم من ان بعض المصادر تُقدر، بأن المتفجرات التي تُلقى على قطاع غزة، على مايزيد عن الف طن يومياً، وهذا يدُل على ضرورة ان الجيش والحكومة في تل ابيب، تُلقي بكل ثِقلها في المعركة، لتستعيد بعضاً من ماء وجهها، والتي هُدِرت في العملية المذكورة.

فصائل المقاومة لا زالت تمتلك زمام المبادرة في تحديد دقائق الوقت لتوجيه رشقات صاروخية الى كامل جغرافيا فلسطين المحتلة

هذا ما اثبتته الايام الستة من عملية طوفان الاقصى، حيثُ لم يتمكن الجيش الصهيوني من وضع حد لما حدث، ولا زال مُستمراً في منطقة غلاف غزة، حيث لازالت فصائل المقاومة الفلسطينية تمتلك حرية الحركة في مستوطنات غلاف غزة، من تسللٍ ومواجهات لازالت سارية في اكثر من نقطة وموقع في هذه المستوطنات.

هذا على الجانب الفلسطيني وقطاعها الغزي، اما في لبنان فأثبتت العملية السياسية، ان الطبقة السياسية الحاكمة والتي تُمسِكُ بزمام السلطة، عدم اهليتها في قيادة البلاد، ما عدا قِلة قليلة لا تزيد عن عدد اصابع اليد، هي التي تمتلكُ المؤهلات القيادية وابرزها سامي الجميل رئيس حزب الكتائب و”براغماتيته” التي يتعاطى من خلالها في العملية السياسية، والثاني زعيم الحزب الاشتراكي السابق وليد جنبلاط، نتيجة خبرته ومعرفته الوثيقة في الحياة السياسية اللبنانية، اما فيما تَبقى ليسوا اكثر من اتباع، او بعضٌ من زعامات اقل من تقليدية، تُحركها انانياتها وبعض من مصالح ضيقة.

ففي لبنان ضياع تام، ولا يوجد ادنى تنسيق لايجاد بعض من الحلول، التي تُساهم في تحصين الوضع اللبناني، في مواجهة ماقد يحصل في الايام والاسابيع المقبلة، فالضياع في لبنان ليس على مستوى السياسة فحسب، بل حتى ما يُسمى المقاومة التابعة ل”حزب الله”، غير قادرة على اتخاذ القرار، بانتظار ما سيأتي من تعليمات من طهران ومن مُرشدها.

في لبنان ضياع تام ولا يوجد ادنى تنسيق لايجاد بعض من الحلول التي تُساهم في تحصين الوضع اللبناني في مواجهة ماقد يحصل

ويظهر بأن ما كان يتغنى به زعيم “حزب الله” السيد حسن نصرالله، وعلى وجه الخصوص نظرية وحدة الساحات، ماهي إلا تجارة سياسية كما هو فيلق القدس، والذي لم يقم منذ تأسيسه في ثمانينات القرن الماضي، اي عملية في فلسطين او على طريق القدس، بل عاث فساداً في عواصم عربية اصبحت تابعة للنظام الفارسي.

هذا يدل على ان هناك خيانةً ما او تقصيرٌ ما، او ترتيبٌ ما نتج عن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، كبل ايادي “حزب الله” ومقاومته، وحصرها فقط في حماية الحدود الشمالية، حفاظاً على وارداتٍ ما من عائدات النفط، مع بعض الاستثناءات، كالتي نراه في هذه المرحلة ضربةً ما هنا وردٌ محدود هناك ليس اكثر.

إذن، على رغم كل الحشود بمحيط قطاع غزة، من اعدادٍ كبيرة من المجنزرات والدبابات وحشود عسكرية، تحت حجة التحضير لهجوم بري على القطاع، لازالت مجرد هدير محركات تلك المعدات وضجيج اصوات الجنود، لكن دون تنفيذ خوفاً من حدوث مجزرة في جنود واليات العدو، وليس خوفاً على الغزيين ومن فيها.

الايام والاسابيع المقبلة، قد تُظهر كل ماهو مخفيٌ لهذا اليوم، ولكن السؤال الابرز، ماذا بعد الحرب على كل من الطرفين “حماس” ووضعها، والكيان الاسرائيلي وقيادته، والتي حتماً ما قبل الحرب يختلف مابعده.

السابق
تشكيل مطبخ الحرب: دور حكومة الطوارئ في إسرائيل ومستقبلها
التالي
العراق وأزمة الدولار: معضلة اقتصادية ذات مضمون جيوسياسي