«حوار على مين»؟!

نبيه بري

منذ فترةٍ ليست ببعيدة، نسمع ما بين الحين والاخر دعوات للحوار لكل من “حزب الله”، وظِلهِ “حركة امل”، التي اضحت خاوية من استنباط أُطر سياسية تُضاهي “حزب الله، من حيث التنظيم ووسائل العمل، فقد اصبحت الحركة ونتيجة الخواء التنظيمي جسدٌ دون روح فاعلة، كما كانت عليه قبل سنوات خصوصا قبل ان تلتحق بالحزب، منذ غزوة بيروت في العام ٢٠٠٨، حيث شاركت باقتحام “بيروت الغربية”، فقط لتحفظ بعض من مكاسب على الارض حتى لا يُلغيها “حزب الله”.
ومنذ ذاك التاريخ، لا زال بعض السياسيين يُعولون على نبيه بري، ويعتبرونه مستقلا عن “حزب الله”، والبعض يذهب بعيداً في القول عن وسطية بري واستقلاليته عن قرارات “حزب الله”، وليس هذا فحسب، بل لا زال بعضهم يُعول عليه في اجتراح الحلول، ويُصدقون ألاعيبه فيما يُسمى حوار.
تأتي دعوة رئيس “حركة امل”، والذي يتربع على كُرسي رئاسة مجلس النواب منذُ ثلاثة عقود بالتمام والكمال، في ذكرى تغييب السيد موسى الصدر ، لتكون انعكاس لدعوات “حزب الله” للحوار الاحادي الجانب، وفي ظل صمت دولي واقليمي لايخلو من بعض الحراك الخجول.

حوار احادي، نعم لان “حزب الله” وبعد الجلسة الثالثة عشر في الرابع عشر من شهر حزيران وبعد كل الجهود التي بذلها لم يستطع حشد اكثر من خمسين صوتاً لمرشحه فرنجية


حوار احادي، نعم لان “حزب الله” وبعد الجلسة الثالثة عشر في الرابع عشر من شهر حزيران، وبعد كل الجهود التي بذلها، لم يستطع حشد اكثر من خمسين صوتاً لمرشحه الوزير السابق سليمان فرنجية، فبعدها كَثُرت الدعوات للحوار، ولكن، وكما صرح العديد من قيادات ومسؤولي “حزب الله”، ان الحوار على امكانية إقناع الاخرين بمرشحهم فرنجية، وليس للوصول الى حلولً وسطى في الاتفاق على مرشح ثالث.
من هنا تأتي دعوة بري منذٌ ايام، لتستكمل دعوات “حزب الله”، لكن بوجهٍ آخر لا زال البعض في لبنان يعتبره وسطياً ورجل حوار.
في هذا المجال، الدعوة ليست ملغومة فحسب، بل ممجوجة ووقحة بعض الشيء، لانه في ظِل هيمنة “حزب الله” على الحياة السياسية في لبنان، واستحواذه على القرار السياسي وحتى الاقتصادي، مع احتفاظه بقراري الحرب والسلم، دون العودة لما تبقى من دولة لبنانية، لا بل يُهيمن ايضاً على العلاقات الخارجية، وهذا ما تظهر اخيراً في خوضه غمار التفاوض مع الفرنسيين، فيما خص التجديد للقوات الاممية العاملة في جنوب لبنان، مما يؤكد ان الحوار في ظل هذه الامور مُجتَمِعة، بالاضافة الى فائض القوة الناتجة عن السلاح الذي يمتلكه الحزب، يُصبح الحوار بين فئتين غير متكافئتين او متوازنتين، مما يٌعطي ارجحية فرض “حزب الله”، هيمنته على القرارات التي ستخرج عن الحوار.

الدعوة ليست ملغومة فحسب بل ممجوجة ووقحة بعض الشيء لانه في ظِل هيمنة “حزب الله” على الحياة السياسية


لذا من المفيد ان تتعاطى المعارضات، والتي تسعى بعض القوى المعارضة مخلصة في مسعاها، الى توحيد قوى المعارضة، في الوقوف سداً منيعاُ في عدم اتاحة الفرصة مرةً ثانية، لوصول مرشح “حزب الله” لست سنوات اخرى، بعد المعاناة الكٌبرى التي عاناها لبنان وشعبه في ظل العهد البائد “عهد ميشال عون”.
من هنا يمكننا القول، ان الفراغ اسهل بكثير من وصول مرشح “حزب الله” لرأس السلطة اللبنانية، وبالتالي استمرار الازمات التي تجتاح لبنان وعلى كافة الصعد، كما ستزداد العزلة اكثر فأكثر لست سنوات جديدة.

كل هذه الدعوات لحوار مُفخخ، وتكتنفه ازمات وصِعاب، على قوى المعارضة رص صفوفها والتمسك بوحدتها، في ظل مشاريع هيمنة “حزب الله” واتباعه على الساحة اللبنانية، أملاً في الوصول وبمساعدة اصدقاء لبنان واشقائه، في الوصول الى تسوية ما تُنقذ لبنان، وتعمل على استعادته واستعادة دولته الاسيرة، من هيمنة القرار الايراني عبر ذراعه اللبنانية “حزب الله”.

السابق
كم بلغ دولار السوق السوداء صباح اليوم؟
التالي
بعد فشل الهدنة.. إشتباكات عين الحلوة مستمرة وبري يعمل على خط التهدئة