«الخير المزعوم».. في لبنان

غموضٌ كبيرٌ يلفّ لبنان ووضعه الأمني، رغم طمأنة المسؤولين المستمرّة “أن الوضع بخير”، إلّا أنّ أكثر ما بات يخشاه المواطن اللبناني هو “الخير”، في ظلّ حكومةٍ “ما شفنا منها خير”، فلطالما طمئننا حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة “بأن الليرة بخير والودائع بخير”، ليتبيّن أنه “لا الليرة بخير ولا الودائع ولا البلد”. هذا الحاكم الذي طوى صفحته المسؤولون ولسان حالهم : “اللهم إنّا لا نعلم منه إلا خيرا” .

غموضٌ كبيرٌ يلفّ لبنان ووضعه الأمني رغم طمأنة المسؤولين المستمرّة “أن الوضع بخير”


هذا الغموض، أفضى إلى المأساة التي يعيشها المواطن اللبناني ألواناً من الترقّب والتوتّر والحذر ،خاصةً بعد الحوادث الأخيرة المقلقة، من أحداث مخيم عين الحلوة، مروراً بحادثة الكحّالة، وصولاً إلى “الإرهابي” في حي السلم، فضلاً عن الحوادث الدامية المتفرّقة، التي باتت شبه روتينيّة تتناولها الأخبار اليوميّة، من قتل هنا وهناك على خلفيّة سلبٍ أو تشليحٍ أو ثأرٍ أو نزاعٍ على عقارٍ أو ما يطلق عليه بـ “قضية الشرف”.
جرائم كثيرة وانتهاكات خطيرة، تودي بأرواح المواطنين، لا سيّما الشباب منهم، الذين تلفتك كثرة صورهم عند كل شارعٍ و في كل حيٍّ، مذيّلة بعبارة “فقيد الشباب الغالي” فضلاً عن “عرائس الجنّة” اللواتي رُحْنَ ضحيّة العنف الأسري والدفع “قضيه شرف”.
لعلّ المقصود من “الخير المزعوم”، هو الأمن الذاتي الذي تمارسه اليوم أغلب الأحزاب اللبنانيّة فضلاً عن بعض الجماعات المتطرّفة المبتدعة حديثاً، والتي تتستّر بفجورها تحت اسم “الرب” وتتلطّى خلف عباءة “الدّين”، وهنا تستوقفني كلمة لـ “فولتير” الكاتب الفرنسي الشهير حيث قال: “صدّقوني إن اللّٰه بريءٌ من هؤلاء، فاللّٰه لا يحبّ من يتاجرون به”.

لعلّ المقصود من “الخير المزعوم” هو الأمن الذاتي الذي تمارسه اليوم أغلب الأحزاب اللبنانيّة فضلاً عن بعض الجماعات المتطرّفة


فهل الخير هو ما تمارسه تلك الأحزاب والجماعات، من سلبطةٍ وهرطقةٍ خدمةً لمشاريع وأجندات غير بريئةٍ أوصلت البلد إلى ما هو عليه اليوم؟
فلتتّقوا الله أيها المسؤولون، ولتترفّعوا عن خلافاتكم السياسيّة ومصالحكم الشخصيّة، كرمى للبنان ولأهله، فإن الأزمات في هذا البلد صارت كبيرة والمشاكل كثيرة والمآسي ثقيلة، ما يجعلكم ملزمين بتحمّل مسؤوليات، رشّحتم أنفسكم لها بملئ إرادتكم.
أيها المسؤولون: لقد دقّ ناقوس الخطر في بلدٍ أنهكه الشغور واستباحته الطائفيّة وأفلسه حكّامه. فهلّا تكفّرون عن ذنوبكم وخطاياكم وتقفون موقف الحريص على البلد قبل فوات الأوان؟! أقلّه من أجل الأجيال القادمة، وحتّى لا يلعنكم التاريخ.

السابق
بشرّي ترسّخ مكانة «القوات اللبنانية» بفوزها في انتخابات «لجنة جبران الوطنية»
التالي
مودع يقتحم بلوم بنك في الشويفات