ابعد من استقالة رئيس.. بلدية صيدا جهل أم تهرب من المسؤولية؟!

اليوم الاثنين السابع من أب ٢٠٢٣، اعلنت وسائل الإعلام ان المجلس البلدي في مدينة صيدا، نجح في تجميع ١٥ عضوا، اتفقوا بالاجماع على أن يكون الدكتور حازم بديع رئيسا للبلدية، والدكتور عبد الله كنعان نائبا للرئيس بعد فوزه على الدكتور محمد حسيب البزري، وقد حصل كنعان على ثمانية اصوات، فيما نال البزري ستة أصوات.
وغاب عن الاجتماع مطاع مجذوب، كامل كزبر ومحمد البابا بسبب السفر، علي دالي بلطة بسبب الاستقالة، الدكتور ناصر حمود.

ويذكر ان الرئيس الجديد للبلدية بديع كان رئيس لجنة الصحة والبيئة طوال ستة اعوام وهي لجنة لم تجتمع اطلاقا.

لا يمكن المراهنة على التشكيلة الجديدة، ان تحدث اي تغيير في سياسات البلدية، ولا القيام باي مبادرات لحل مشكلات المدينة، انها تنسخ تجربة تغيير وجوه السلطة بدون المس بالنظام الطائفي بالبلد، اي لا حلول. وهذا الواقع هو رهن بيد اي فريق عمل بلدي، يريد التغيير في مجمل السياسات.

كلما سألت احدا من المجلس البلدي عن مصيبة خدماتية في المدينة، الجواب جاهز: “ان ذلك ليس من مسؤوليتنا بل من مسؤولية الوزارة الفلانية”.
واذا سألت عن مشروع متعثر او سيء التنفيذ، الجواب جاهز ايضا:” المشكلة عند مجلس الإنماء والأعمار، او عند المنظمة الدولية المانحة والمتعهد الذي اساء التنفيذ”.

لنكن من ذوي النيات الحسنة، فنقول ان هذه الاجوبة تنم عن جهل مطبق لدور البلدية والصلاحيات المنوطة بها قانونيا، اعضاء المجلس البلدي لا يدرون أهمية السلطة المحلية التي يشاركون فيها، وأن انتخابهم من قبل الجمهور منحهم الحق باستخدام هذه السلطة للصالح العام.
لنوضح أمرا ان اي وزارة او مؤسسة عامة تتبع للسلطة المركزية، لا تستطيع أن تخطط وتنفذ اي مشروع، لا يحظى بموافقة المجلس البلدي ومراقبته، وان التهرب من القيام بذلك، لعب دورا اساسيا لما وصلت اليه المدينة من انهيار وفوضى.
وثمو أمثلة عدة من الادوار القانونية المرسومة للبلدية من اجل تحسين الخدمات بالتعاون مع الوزارات المعنية، أذ ان المجلس البلدي يملك بتعاطيه مع الوزارات، قوة عظيمة لا يستطيع احد دحرها، اذا عرف المجلس البلدي كيف يتعاطى مع هذه القوة، انها قوة الناس، لكن هذه القوة مستبعدة عن التخطيط والإشراف على التنفيذ والمراقبة والمحاسبة.

هناك مثال حي، اذ تشهد المدينة انقطاعا بمياه الشفة، ويدور الحديث حول خط الخدمات والمازوت وغير ذلك، لكن مدير عام مؤسسة لبنان الجنوبي الدكتور وسيم ضاهر، قال في ندوة عقدها بعد تعيينه في نادي خريجي المقاصد، ان معظم انابيب شبكة مياه الشرب غير صالحة، وانها مكونة من مواد مسرطنة. ماذا كان موقف المجلس البلدي؟

الجواب لا شيء، لم يقدم المجلس البلدي وبالتعاون مع وزارة الطاقة والمجتمع المدني على اعداد دراسة المشكلة، واكتفت بمعالجة النتائج، من خلال تقديم مساعدة للمازوت، اما زعماء المدينة، فقد طالبوا بربط المحطات بخط الخدمات، وكفى الناس شر القتال.

هل بادرت البلدية لمعرفة مشكلات محطة الحريري ومحطة الفوار، وخصوصا البنية التحتية لهما، هل تم دراسة شبكات التوزيع واسباب الهدر الحاصل، هل حددت مشكلة محطة حارة صيدا الكبرى ومجدليون وبقسطا، هل تعاونت البلدية واتحاد بلديات صيدا الزهراني، الموجود على الورق فحسب، لمعالجة المشكلات الادارية والتباين بين عدد المشتركين، وعدد
الوحدات المستفيدة؟ وبعد ذلك البحث مع وزارة الطاقة ومؤسسة المياه بالحلول الممكنة، ودفع الجهات المانحة لمعالجة أسباب الازمة وليس نتائجها.

اما وضع شبكات المياه المبتذلة ومحطة التجميع وبعد ما حصل مؤخرا، في وزارة الطاقة فلم يصدر اي موقف او تحرك من البلدية بهذا الشأن، اذ كان المجلس البلدي مشغولا باللباس المحتشم، ولم يعر اهتماما لتلوث الشاطىء، بسبب تردي وضع شبكة المجارير وتوقف محطة التجميع عن العمل الفعلي.

ما حصل هو جزء صغير من المهام المنوطة بالمجلس البلدي

اما على الصعيد الصحي، فان المجلس البلدي لا يعير الموضوع اي اهتمام. سؤال: في البلدية لجنة صحية، هل ناقشت اللجنة الوضع الصحي في المدينة ووضعت خطة لتطوير الخدمات الصحية فيها؟ حتما لا جواب سوى ما قاله احدهم: “انك تتجاهل ما قمنا به في مواجهة كورونا”. لا أحد يتجاهل ذلك، لكن ما حصل هو جزء صغير من المهام المنوطة بالمجلس البلدي.

على صعيد المستشفى الحكومي، فهو تحول إلى مركز للفساد الصحي

في مدينة صيدا ثمانية مستوصفات تقدم خدماتها للمواطنين والمقيمين في المدينة، ولكن لا دور للبلدية في رسم سياسة تكاملية لخدماتها، لأن البلدية لا تملك خطة لذلك مع ان ذلك من مهامها. اما على صعيد المستشفى الحكومي، فهو تحول إلى مركز للفساد الصحي، وعلى الرغم من معرفة اعضاء المجلس البلدي بما يحصل، لكنهم لم يقوموا باي دور للتفاهم مع وزارة الصحة، واجبارها على تصحيح الوضع.

ليت اعضاء المجلس يطلعون على دور البلدية في الجانب الصحي، والمشكلة ان اللجنة الصحية في مبادرة “صيدا تواجه”، تقدمت بورقة صحية لتصحيح الوضع لكن التدخل السياسي والحماية السياسية للفساد المستشري أوقف الموضوع. واذا أرادت البلدية معالجة الموضوع، فانها تستطيع إعداد تقرير عن الوضع الصحي، والتفاهم مع وزارة الصحة لأخذ القرارات التي تساهم بتصحيح الوضع.

اما على الصعيد التربوي، فلا اعتقد ان المجلس البلدي مهتم بهذا الموضوع، مع ان ذلك من صلاحياتها ايضا، بتحديد الاحتياجات والعمل على تأمينها بالتفاهم مع وزارة التربية.

من مسؤولية البلدية ان تتعاون مع المجتمع المحلي لرقابة الاسعار وسلامة الغذاء

اما على الاقتصادي ومراقبة الاسعار، نظمت وزارة الاقتصاد وبالتعاون مع بلدية صيدا ، قبل مدة، ورشة عمل للبحث بالتعاون من اجل مراقبة الاسعار، وخصوصا في ظل الفوضى السائدة، لكن يبدو ان تلك الورشة كانت ورشة إعلانية دعائية، لأنه لم يتبعها شيئا. ومن مسؤولية البلدية ان تتعاون مع المجتمع المحلي لرقابة الاسعار وسلامة الغذاء.

وفي الختام، من المفيد إيراد حادثة وقعت في بلدية صيدا منذ سنوات عندما طرحت الاستراتيجية المقترحة لتنمية لمدينة صيدا الكبرى!!! والتي لم يجر تحديدها جغرافيا، المشاريع المجمعة والتي طرحت في الاجتماع العام في البلدية، لم تتضمن اي نقاش للمستشفى الحكومي والخدمات الصحية، ولا للوضع التربوي، سألت البلدية عن أسباب غياب هذين البندين، وكان الجواب من احد المسؤولين:” لماذا نناقش الوضع الصحي، هل يموت أحدا امام أبواب المستشفيات، وحول الوضع التربوي فان صيدا لديها مدارس خاصة مهمة”.

اذكر اليوم ان عددا من الناس لم يستطع دخول المستشفيات، والتعليم الرسمي في المدينة الى توقف، فما هو جواب المسؤولين في البلدية؟؟

هل هو جهل بالدور ام تهرب من المسؤولية، من لديه جواب من أعضاء المجلس البلدي،
هل من معالجة استراتيجية في البلدية لمشكلات المدينة؟!

السابق
بالصورة: خاص «جنوبية».. لا تسوية لاوضاع السوريين في لبنان!
التالي
«سيدة الجبل»: لنزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وتنظيمه داخلها