المتحدثة باسم مفوضية اللاجئين أبو خالد لـ«جنوبية»: لا نعيق عودة اللاجئين ونحتاج لحل سياسي وضمانات

من المتوقع أن يحضر ملف النازحين السوريين في القمة العربية المرتقبة في 19 الحالي، حيث يفترض ان تصدر عنها توصيات في هذا المجال، خصوصاً بعد عودة سوريا الى الجامعة العربية بشروط ، من ضمنها معالجة القضية ضمن سلّة المقترحات.

يترقب لبنان النتائج التي من المتوقع أن تشمله في الملف الذي شكّل مادة سجالية بين الأطراف الداخلية، مع انطلاق عملية ترحيل السوريين وسط اعتراضات من المعارضين لتلك الخطوة ومؤيدين لها، ووفق ما أكدته المتحدثة باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ليزا أبو خالد لـ”جنوبية” فإنه “استناداً للمعلومات من اللاجئين وبحسب تقارير عدة، لحظت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان زيادة في عدد المداهمات في صفوف سوريين”، مشيرة الى أنها “تلقت أيضًا تقارير عن سوريين محتجزين بهدف ترحيلهم فيما بعد، ومن بينهم من هو معروف ومسجلّ لدى المفوضية”.

تعمل الأمم المتحدة لمعالجة المخاوف التي يعتبرها اللاجئون عقبات أمام عودتهم


وشددت على أن “المفوضيّة تدعو إلى احترام مبادئ القانون الدولي وضمان حماية اللاجئين في لبنان من الإعادة القسرية، كما وتتلقى تقارير ترحيل اللاجئين السوريين قسراً بقلق بالغ وتُتابعها مع الاطراف المعنية”، لافتة الى “أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي في لبنان حرج جداً حاليّاً، ولبنان بحاجة إلى الدعم العاجل”.
واعتبرت أبو خالد أنه “على مدى الاثني عشر عاماً الماضية، أظهر لبنان وشعبه كرماً لا مثيل له في استضافتهم للاجئين السوريين، وعلى الدعم المتواصل من المجتمع الدولي أن يستمرّ لضمان تقاسم المسؤولية وتعزيز الاستقرار الاجتماعي”، مشيرة الى “أنه تم تقديم ما مجموعه 9.3 مليار دولار أمريكي من خلال خطة لبنان للاستجابة للأزمة (LCRP) منذ عام 2015 للتخفيف من تأثير الأزمة السورية على لبنان، بما في ذلك تقديم المساعدات وتأمين الخدمات للسكان وتعزيز الاستقرار الاجتماعي، وتشمل خطّة الإستجابة للأزمة الدعم لكلّ من اللبنانيين واللاجئين”.

الحفاظ على ظروف اللجوء المؤاتية في البلدان التي تستضيفهم يظل أمرًا حيويًا


بحسب التقديرات الرسمية للحكومة اللبنانية، والتي تُعتمد أيضاً كرقم تخطيطي للمنظمات المحليّة والدولية، هناك 1.5 مليون لاجئ سوري في لبنان، ورأت أبو خالد أنه “تبعاً لقرار الحكومة اللبنانية، توقّفت مفوضية اللاجئين عن تسجيل اللاجئين السوريين في لبنان منذ أيار 2015. ومنذ ذلك الحين، تواصل المفوضية إعتماد أعداد اللاجئين المسجلين قبل عام 2015، واعتبارًا من نهاية شهر آذار الماضي، هناك 805،326 لاجئًا سوريًا مسجلاً في لبنان”.
وأكدت على أنه “تحترم المفوضية حق اللاجئين الأساسي في العودة بحرية وطوعية إلى بلدهم الأصلي وفي الوقت الذي هم يختارونه، وهي لا تعيق عودة اللاجئين إلى سوريا”.

اللاجئون يرغبون بالعودة.. لكنهم قلقون

يقول غالبية اللاجئين السوريين للمفوضية أنهم يريدون العودة إلى سوريا، والسؤال ليس ما إذا كانوا يرغبون بالعودة، ولكن “متى” يعودون؟، فوفق ابو خالد “لا تزال نوايا اللاجئين مرتبطة بالوضع داخل سوريا، وتؤثر مجموعة من العوامل على قراراتهم بالعودة أو بعدمها، إذ يقول معظم اللاجئين للمفوضية أنهم ما زالوا قلقين بشأن السلامة والأمن، السكن، تأمين الخدمات الأساسية وسُبل العيش، و يتجاوز مفهوما السلامة والأمن القضايا المتعلقة بالنزاع المسلح، فالخوف من الاعتقال والاحتجاز وعدم القدرة على التنبؤ بالخدمة العسكرية هي أيضًا جزء من قلق اللاجئين بشأن العودة، ولكي تكون العودة مستدامة، من المهم أن يتخذ اللاجئون قرارًا مستنيرًا مبنيّاً على هذه العوامل”.

هدفنا الأول والأخير حماية أولئك الأكثر ضعفاً في المجتمع المضيف كما اللاجئين


وأكدت على أنه “تملي رسالة المفوضية الإنسانية في إيجاد حلول للجوء، على أن تعمل المفوضية على المستوى الدولي للمساعدة في معالجة مخاوف اللاجئين والنازحين داخليًا الذين يفكرون في العودة، وتسترشد جهود المفوضية باحتياجات اللاجئين ووجهات نظرهم ومخاوفهم وقراراتهم، في إطار آليات العمل التي تحكمها سيادة لبنان”، مشيرة الى أنه “تواصل المفوضية العمل مع الجهات الفاعلة الرئيسية لإيجاد حلول طويلة الأجل للاجئين السوريين، بما في ذلك إعادة توطين اللاجئين في دول ثالثة كما العودة الطوعيّة، الآمنة والكريمة إلى بلدهم سوريا، ولتحقيق هذه الغاية، تعمل الأمم المتحدة مع كافّة المعنيين، بما في ذلك الحكومة السورية والدول المضيفة، لمعالجة المخاوف التي يعتبرها اللاجئون عقبات أمام عودتهم بأعداد كبيرة”.
وفيما تواصل الأمم المتحدة العمل على هذا الأمر، فإنها تجتهد وفق ابو خالد “في مناشدة المجتمع الدولي بعدم تقليص الدعم المقدم إلى لبنان، سواء لدعم اللاجئين أوالمجتمعات اللبنانية التي استضافتهم بسخاء لسنوات عديدة والمتضرّرة بشدّة من الأزمات في لبنان، وبما أن غالبية اللاجئين السوريين لا يزالون في حالة لجوء تتطلّب حماية دولية مستمرة، فإن الحفاظ على ظروف اللجوء المؤاتية في البلدان التي تستضيفهم يظل أمرًا حيويًا”.

برامج مساعدات لتلبية الاحتياجات الأساسية

تدعم الأمم المتحدة وشركاؤها اللاجئين الأكثر ضعفاً بأنواع مختلفة من المساعدات، بما في ذلك مواد الإغاثة الأساسية والدعم الصحي والدعم النفسي الاجتماعي والمساعدات النقدية، وأوضحت أبو خالد أنه “تعتمد المفوضية على برامج المساعدت النقدية بهدف توفير الحماية والمساعدة والخدمات للفئات الأكثر ضعفاً”، وتسمح المساعدات النقدية للاجئين بتلبية احتياجات أساسية ضرورية لهم، كالطعام والمياه والرعاية الصحية والمسكن”.
ولفتت الى أنه “في حين يسند برنامج المساعدات النقدية العائلات في تغطية تكاليف الإيجار والطعام والأدوية، وتساهم في تقليل تعرضهم للاستغلال وفي اعتمادهم اساليب تأقلم سلبية، فهو مكّن أيضاً اللاجئين من المساهمة في الاقتصاد المحلي من خلال الشراء مباشرة من الأسواق والمحلات التجارية، كما تسمح المساعدة النقدية للاجئين بالتخطيط بشكل أفضل وبتحديد أولويات احتياجاتهم”.

لطالما تعاونت المفوضية مع الحكومة على مشاركة داتا اللاجئين السوريين


وأوضحت أن ” المبلغ الذي تقدمه المفوضية في الوقت الحالي لعائلات اللاجئين الأكثر ضعفاً هو 2،500،000 ليرة لبنانبة(مليونين و500 ألف ل.ل.) للعائلة الواحدة. ويقدّم أيضاً برنامج الأغذية العالمي 1،100،000 ليرة لبنانية (مليون و100 ألف ل.ل.) للفرد في العائلة الواحدة (وبحد أقصى 5 أفراد في العائلة الواحدة). هذا يعني أن الحد الأقصى للعائلة المكونة من 5 أفراد أو أكثر قد تحصل على مساعدات نقدية وغذائية بقيمة 8،000،000 ليرة لبنانية شهريًا. في الوقت الحالي، يتم تقديم المساعدات النقدية بالليرة اللبنانية، وليس بالدولار الأمريكي كما تتناقله وسائل الإعلام على نطاق واسع. وتجري المناقشات حول الدولرة في المستقبل”.
بالتوازي، أكدت أبو خالد أنه “تدعم المفوضية العائلات اللبنانية الأكثر ضعفاً بأنواع مختلفة من المساعدة على المستوى المؤسسي والمجتمعي والفردي، وتشير البيانات إلى أن وجود اللاجئين السوريين في لبنان مرتبط بالوضع داخل سوريا وليس بالمساعدة المقدمة لهم في لبنان، وليس صحيحاً، كما يعتقد عامة الناس، بأن كل اللاجئين يتلقون مساعدات نقدية، فمن خلال التمويل المتاح حاليًا لبرامج المساعدات الإنسانية، يمكن للمفوضية وبرنامج الغذاء العالمي من تقديم المساعدات الغذائية وغير الغذائية لـ43٪ فقط من اللاجئين السوريين الأكثر ضعفاً (وبحد أقصى 8،000،000 ليرة لبنانية للعائلة الواحدة المكونة من خمسة أفراد أو أكثر)، كما أن المبلغ الذي تتلقاه هذه العائلات، بحد أقصى 8 ملايين ليرة لبنانية لعائلة مكونة من 5 أفراد أو أكثر، وهو مبلغ أقلّ بكثير من الذي تحتاجه هذه العائلة لتغطية احتياجاتها الأساسية، ويلجأ العديد من عائلات اللاجئين إلى استراتيجيات التأقلم الضارة من أجل العيش، كمثلاً تقليل عدد الوجبات في اليوم، و بحسب الإحصاءات، فإن 1٪ فقط من اللاجئين يتمتعون بالأمن الغذائي”.

اللاجئين السوريين
اللجوء السوري في لبنان

تعاون لتوفير الداتا.. والمطلوب ضمانات حماية

تستمر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مناقشاتها الدائمة والبناءة مع مكتب الأمن العام اللبناني حول معالجة الوضع الإنساني الصعب الذي يعيشه كلّ من اللبنانين واللاجئين، وبحسب أبو خالد فإنه “ينعكس محتوى المناقشات والمُبادلات الأخيرة ولهجتها التي وردت في وسائل الإعلام بشكل غير دقيق على الرأي العام. فالمفوضية لم تطرح قضايا تتعلق بالتعليم أو بالحصول على عمل، بل تناولت قضايا تتعلق بالحماية الدولية”.
وقالت:”هدفنا الأول والأخير حماية أولئك الأكثر ضعفاً في المجتمع المضيف كما واللاجئين، وضمان استمرارية الالتزام بمبادئ القانون الدولي. وبالتالي، وتبعاً لمهمتنا الخاصّة بالحماية، تواصل المفوضية المشاركة في مقترحاتٍ بنّاءة لمعالجة وضع اللاجئين في لبنان وضمان حمايتهم، بما في ذلك القضايا المتعلقة بمشاركة الداتا والتسجيل وغيرها من القضايا المهمّة”.
وشددت على أنه “تشمل المناقشات مسألة مشاركة الداتا، والتي كانت المفوضية ولا تزال، مستعدة للمشاركة في مناقشات ملموسة عنها، إذ اجتمعت المفوضية والأمن العام اللبناني بشأن هذه المسألة حيث اتُفق على تشكيل لجنة تقنيّة للمضي قدماً ضمن المعايير الدولية لمشاركة الداتا وحمايتها. ولطالما تعاونت المفوضية مع الحكومة على مشاركة داتا اللاجئين السوريين بالعديد من الطرق المهمة، بما فيها داتا عن اللاجئين السوريين المسجلين قبل تعليق التسجيل من قبل الحكومة اللبنانية أو عن تسجيل الولادات”.
ولفتت الى أنه “تواصل المفوضية دعوتها لاستئناف تسجيل اللاجئين السوريين في لبنان، ولطالما كانت المفوضية شفافة بشأن موقفها هذا. والمفوضية لا تعيق عودة اللاجئين إلى سوريا. بل نحن ندعم العودة الطوعية والآمنة والكريمة للاجئين، أي أننا ندعم اللاجئين للعودة متى شعروا هم بالأمان للقيام بذلك. كما وأن المفوضية لا تدعو إلى تجنيس اللاجئين السوريين في لبنان. ما ندافع عنه هو التعايش السلمي واحترام حقوق الجميع حتى تصبح العودة ممكنة”.
وقالت:”ما ندعو إليه أيضًا هو تسجيل حديثي الولادة السوريين المولودين في لبنان حتى يتمكنوا من الحصول على الجنسية السورية. وفي هذه المسألة بالذات، نحن نواصل عملنا مع الحكومة من خلال مشروع محدد”.

أضافت:”أما فيما يتعلق بالعودة، فلا تزال نوايا اللاجئين مرتبطة بالوضع داخل سوريا وتؤثر مجموعة من العوامل على قراراتهم. يقول معظم اللاجئين بأنهم ما زالوا قلقين بشأن مجموعة من العوامل كالسلامة والأمن. وتتجاوز السلامة والأمن القضايا المتعلقة بالنزاع المسلح. فالخوف من الاعتقال والاحتجاز وعدم القدرة على معرفة حيثيات الخدمة العسكرية، هي أيضًا جزء من القلق الذي يعبّر عنه اللاجئون. ولكي تكون العودة مستدامة، من المهم أن يتخذ اللاجئون قرارًا واضحاً مبني على هذه العوامل. فليس للأمم المتحدة أن تقرر متى سيعود اللاجئون. إن الأمر منوط بالاجئين أنفسهم”.


وختمت أبو خالد:”نحن نساعد في معالجة مخاوف اللاجئين والنازحين داخلياً الذين يفكرون في العودة. فنحن نعمل مع كافة المعنيين، بما فيهم الحكومة السورية والدول المضيفة وغيرهم لمعالجة المخاوف التي يشير إليها اللاجئون كعقبات أمام عودتهم بأعداد كبيرة، كالسلامة والأمن والسكن. وما نحتاج حقّاً إليه هنا هو حل سياسي وضمانات من جميع المعنيين بشأن سلامة اللاجئين الذين يرغبون بالعودة وأمنهم وإمكانية عيش حياتهم الكريمة. وفي الوقت نفسه، نحن ندعو أيضًا إلى حلول طويلة الأمد كإعادة التوطين في بلدان ثالثة”.

اللاجئون السوريون في لبنان
السابق
وجيه قانصو يكتب ل«جنوبية»: التغيير فعل إيجاد لا رفع للموانع
التالي
«القرار الفرنسي» بحق سلامة يخطف الانظار عن جلسة استجوابه غدا في «الملف اللبناني»