80% من عينات الجبنة في بيروت غير مطابقة جرثومياً!

جبنة

تصدر الدراسات والأبحاث لتسليط الضوء على الأزمات والمشاكل، وتدق ناقوس الخطر بهدف التغيير ونشر الوعي. إلا أن ما نتعامل معه في لبنان مختلف تماماً. إذ تكشف بعض الدراسات عن واقع سلامة الغذاء المخيف، وتنتهي النتائج بحدوث ردة فعل استهجان فورية قبل أن نستكمل حياتنا وكأن شيئاً لم يكن. فلا المسؤولون يحركون ساكناً لتغيير هذا الواقع المأساوي، ولا المواطنون يحرصون على رفع الصوت والمطالبة بالمحاسبة أو أقله تغيير نمط حياتهم وطريقة استهلاكهم بعض الأطعمة. والنتيجة؟ مواصلة انتشار الجراثيم في طعامنا، والأيام المقبلة ستكشف المخاطر الصحية لما نحن مقبلون عليه.
 
للأسف نواصل رفع الصوت من دون أن نلقى آذاناً صاغية، نطلق التحذير فنشهد على فورة سرعان ما تنطفئ وينتهي معها كل شيء. ولكن ماذا بعد كل هذا الغليان؟ من يراقب ويحاسب؟
 
ربما ما سنعرضه اليوم سيعكس حقيقة الأزمة المتجذرة في بلد تغيب عنه الرقابة المستدامة والفحوص المخبرية التي تراقب جودة المنتج وسلامته. يوضح البروفيسور عصمت قاسم العامل في مركز سلامة الغذاء في جامعة جورجيا (الولايات المتحدة) أنه “في دراسة سابقة أجريت في الجامعة الأميركية – كلية الزراعة والعلوم الغذائية تضمّنت تحليل 11650 عيّنة طعام بين العامين 2015-2017 أي خلال إطلاق حملة سلامة الغذاء في عهد الوزير السابق وائل أبو فاعور، أظهرت النتائج أن 28 في المئة من أصل 12 ألف عينة جاءت #غير مطابقة جرثومياً.
 
وتناول البحث كل الأصناف، ولكن اللحوم والدجاج والألبان والأجبان كانت أكثر الأصناف تلوثاً. وعند النظر في الصنف الثالث لأهميته (يؤكل دون طبخ) وجدنا جراثيم خطيرة مثل السالمونيلا والليستيريا. ونتيجة ذلك، قررنا التركيز أكثر على صنف واحد من الأجبان وتحليله، وتم اختيار جبنة العكاوي لأنها أكثر شعبية واستهلاكاً.
وبسبب استحالة الحصول على عينات من كل لبنان، كان التركيز على منطقة بيروت لأخذ عينات من جبنة العكاوي (وهي منطقة يجب أن تكون فيها المواد الغذائية أنظف حسب التجارب السابقة). ونجح الفريق في أخذ 50 عينة من جبنة العكاوي لمعظم الماركات التي توزع في البلد.
 
واستند البحث إلى مقاييس وضعتها مؤسسة “ليبنور”، لفحصها بالمختبر بغية البحث عن البكتيريا التي تحدد سلامة ومدى مطابقتها جرثومياً. ومن الأمور الأساسية التي ركز عليها البحث، أعداد بكتيريا الإشريكية القولونية (E-Coli) والتي تعدّ مؤشراً للتلوث البرازي، والجرثومة العنقودية الذهبية (ستاف أوريوس) وهي تستخدم كدليل على النظافة.
 
وفي النتائج التي خلص إليها البحث بعد تحليل العينات، يشير قاسم إلى أن “80 في المئة من عينات جبنة العكاوي غير مطابقة جرثومياً لبكتيريا الإشريكية القولونية، و32 في المئة من العينات غير مطابقة لجرثومة العنقودية الذهبية. وتعتبر هذه النسب عالية جداً وغير مقبولة لاسيما في الجبنة، لأننا غالباً ما نتناولها من دون طهي. والمستغرب أن هذه النتائج جاءت في منطقة بيروت التي تعتبر اقتصادياً أفضل من مناطق أخرى تعتبر أكثر فقراً وسوءاً”.

لم يتوقف البحث عند هذه النتائج، بل عمل الفريق البحثي على دراسة هذه البكتيريا لمعرفة خصائصها ومدى مقاومتها للمضادات الحيوية. وأظهر البحث أرقاماً عالية، حيث تبين أنه من أصل 118جرثومة تم فحصها، وجدنا أن 75 في المئة من البتكيريا مصنفة كمقاومة للمضادات الحيوية المتعددة. على سبيل المثال يوجد مجموعة من المضادات الحيوية التي تعتبر مهمة جداً لمعالجة الأمراض في المستشفيات، واكتشفنا أن 56 في المئة من بكتيريا الإشريكية القولونية لديها مقاومة لهذه المجموعة من المضادات الحيوية.

السابق
مذكرة تعاون بين وزارتي العمل اللبنانية والعراقية.. تحفظ حقوق العمال في البلدين
التالي
بعد رفض تسليم جثة شابة.. المستشفى توضّح