العنف واللاعنف في يوم الصلاة عند المسلمين ويوم «الجمعة العظيمة» عند المسيحيين

غسان صليبي

هناك من يطلق الصاروخ
على اسرائيل
من الجنوب
ويهرب،
أكان لبنانيا او فلسطينيا،
وهناك من يتلقى
رد اسرائيل
في الجنوب
فيُجرح او يموت،
لبنانيا كان او فلسطينيا.

من يطلق الصاروخ
على اسرائيل
ويهرب،
يطلقه بإسم
الذي يُجرح او يموت،
والذي يموت
يفقد اسمه
ويصبح “الشهيد”.

هل من حاجة لإثبات
أن الصواريخ التي أطلقت
من الجنوب
على مستوطنات اسرائيلية،
لا يمكن ان تُطلق
الا بموافقة حزب الله؟

هل من حاجة لإثبات
أن هذه الصواريخ
لا تخفف من عنف الاسرائيليين
ضد المصلين في القدس؟

هل من حاجة لإثبات
أن الجهات التي أطلقت الصواريخ
هي في خدمة حزب الله وحماس
وليس فلسطين ولبنان،
وما قامت به مجرد رفع عتب
بالنسبة للتنظيمين المسلحين،
تجاه التنكيل بالفلسطينيين
في الحرم القدسي؟

هل من حاجة لإثبات
أن الصواريخ
تصب في مصلحة نتنياهو،
إذ تخفف عنه ضغطا داخليا
لم يعرفه طيلة حياته السياسية،
وتساعده على توجيه الغضب الاسرائيلي
بإتجاه الخارج اللبناني والفلسطيني؟

هل من حاجة لإثبات
أن الصواريخ على المستوطنات
أعطت مشروعية اقوى للحكومة الاسرائيلية
المنكبة اليوم على إقامة ميليشيا
“الحرس الوطني الاسرائيلي”،
والذي سيعمل بشكل اساسي
“في القدس والتجمعات الفلسطينية
داخل الخط الاخضر،
وسيقوم بأعمال أمنية
لقمع الهبّات الشعبية”؟

هل من حاجة لإثبات
أن اسرائيل
لن ترد بمهاجمة حزب الله،
الذي برأته صراحة
من مسؤولية الصواريخ
والقتها على الفصائل الفلسطينية؟

هل من حاجة لإثبات
أن اسرائيل،
كانت سترد حكما
بقصف مواقع فلسطينية
في مخيمات الجنوب؟

هل من حاجة لإثبات
أن إطلاق صواريخ من جنوب لبنان
بحجة الدفاع
عن الشعبين اللبناني والفلسطيني،
هي عدم مبالاة
بحياة الشعبين اللبناني والفلسطيني؟

هل من حاجة لإثبات
أن هذه اللامبالاة
أصبحت شرطا
لاستمرار هيمنة
التنظيمات المسلحة
في البلدين؟

المصلّون
في القدس
اليوم الجمعة
ومنذ أيام،
يواجهون باللحم الحي
البطش الاسرائيلي،
والمصلوب
في ذكرى “الجمعة العظيمة”
واجه البطش الروماني واليهودي
باللحم الحي.

عندما واجه الفلسطينيون الاحتلال
بالحجارة واللحم الحي
في الانتفاضة الاولى،
أجبروا المحتل
على التفاوض وعلى تقديم تنازلات
في ما سُمّيَ باتفاقية “اوسلو”،
الا ان الفصائل المسلحة
التي تسلمت السلطة
وبالتناغم الارادي او غير الارادي
مع سياسات اسرائيل،
فرّطت بكل المكتسبات
واصبحت القضية الفلسطينية
مشوّهة المقاصد
وشبه منسية
على الخارطة الاقليمية والدولية.

عندما واجه تلاميذ يسوع
الإمبراطورية الرومانية
بالتبشير واللحم الحي،
انتصروا سلميا عليها
بعد اربعة قرون،
لكن عندما تلوثت الكنيسة بالسلطة وبالعنف
وتلطخت يداها بالدم،
تشوّه المسيحية
على وقع جدل بيزنطي
مستمر حتى اليوم،
فانتفض عليها المؤمنون والملحدون
وطردوها من السلطة في الغرب.

الفرق
بين المقاومة العنفية
والمواجهة اللاعنفية،
ليس فقط على مستوى الفعالية
بل على مستوى القضية،
فالعنف يفرّط بها
ويشوّه معناها
ويقتل شعبها،
فيما اللاعنف
يحافظ عليها
وعلى جوهرها
وعلى حياة شعبها.

السابق
في الذكرى الثانية على رحيله.. لقاء لـ«منتدى جنوبية» عن العلامة الأمين
التالي
نصرالله يطوي «صفحة التصعيد» حتى الجمعة..والحكومة الشاكية: «شاهد ما شفش حاجة»!