الشعب ينتحر.. ويحدثونك عن «العيش بكرامة»!

منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ومؤامرة تدمير البلاد والعباد تأخذ مجراها “بحرية وراحة”، تجرف الناس وتسحبها الى أسفل السافلين. وما زالت السلطة الحاكمة وأسيادها وسلاطينها “تنفش ريشها وتحلِّق” غير مكترثة لكارثة (الحياة والموت) التي انتجتها على مدى عقود خلت .

اذا ما حاولنا التدقيق بلائحة المنتحرين بسبب الضائقة الكبرى في البلاد، سنصطدم بصعوبة احصائها، لكثرتها وهولها

حرب مفتوحة شنّتها السلطة الحاكمة على شعب بأكمله، استعملت في حربها المجنونة كل أنواع “السلاح”، فقتلت واغتالت خيرة الناس التي عملت على بناء الحياة من جديد،وكان اغتيال كبير الصالحين الطامحين لإعادة البلاد الى ازدهارها رفيق الحريري نقطة الانطلاقة السوداء ، وبداية (ناجحة!) لمشروع سيء ألا وهو مشروع عصابة تبيع وتشتري الوطن بأبخس الأثمان.. ونتج عن هذه الحرب القذرة الكثير من المآسي التي ألمت بأغلبية سكّان الوطن المقهور ، ولا مجال لحصرها لكثرتها وعللها العميقة، وأكثر ما يؤلم هو هذا الموت البشري المتدافع وبإصرار على الموت للهروب من جحيم الحكم والحكّام، وتنتشر أخبار الانتحار ، انتحار الشباب والكهول في مختلف المدن والقرى اللبنانية.

الموت المجاني،أو الهروب من مؤامرة الحكّام،أو الإصرار على الانتحار،علّ الموت هو الملاذ الأرحم، لسكّان الوطن المسلوب

واذا ما حاولنا التدقيق بلائحة المنتحرين بسبب الضائقة الكبرى في البلاد، سنصطدم بصعوبة احصائها، لكثرتها وهولها.وقد تطول لائحةالانتحار‬: موسى الشامي من جرجوع، وحسين مروة من الزرارية ، ومحمد إبراهيم من الوردانية، وعلي بوحمدان من حزرتا. أربع ضحايا في أسبوع واحد، من بيئة واحدة، قرّروا أن يغادروا، برصاصة في الرأس، بعد أن أذلّتهم منظومة ‫النهب والفساد والقهر المنظم والسلاح والصواريخ ،وما زال هناك من يتحفنا بخطاب الكرامة. أضف الى هذه اللائحة، عشرات حالات الانتحار المعلنة وغير المعلنة وفي سنوات سابقة،وربما الآتي أعظم!

الموت المجاني،أو الهروب من مؤامرة الحكّام،أو الإصرار على الانتحار،علّ الموت هو الملاذ الأرحم، لسكّان الوطن المسلوب!

ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي، برسالة وداع كتبها المواطن بيار صقر (62 عاماً)، على حسابه الخاص عبر فايسبوك، وقال إنها الرسالة الأخيرة قبل إقدامه على الانتحار ببندقية صيد في أحد الجرود.

وفور وضعه الرسالة، تفاعل أصدقاء بيار وأقرباؤه مع المنشور، وحاولوا امداده بالقوّة لثنيه عن ذلك، مؤكدين أنّهم يحاولون الاتصال به لإقناعه بالعدول عن هذه الفكرة، ولكنّه لم يردّ على هاتفه.

وفي رسالته، أعاد بيار سبب اتّخاذه قرار الانتحار، إلى الضائقة الاقتصادية الخانقة التي يمرّ بها والتي أجبرته على وقف العمل في معمله قبل ثلاث سنوات، إضافة إلى معاناته من مشاكل صحّية.

كما طلب السماح من أفراد عائلته، وارفق الرسالة ببعض الوصايا التي طلب منهم تنفيذها بعد موته.
وكتبت الزميلة مي ضاهر يعقوب في صفحتها على الفايسبوك عن بيار مع اخر صور له:”بيار صقر، الشاب الزحلي القبضاي الآدمي العازب، الذي انهى حياته اليوم في جرد صنين بسبب الاوضاع الاقتصادية المزرية، التقيناه الاحد الماضي في ٥ آذار في مهرجان الكتاب للحركة الثقافية بانطلياس، وبيده كتاب…وكانت هذه الصورة لزوجي الابونا اميل في الوسط بين بيار (الى اليسار) وصديقه بول منيّر…ماذا حصل يا بيار خلال هذا الاسبوع؟ هل تسنى لك قراءة الكتاب الذي اشتريته؟ تقول في رسالتك الاخيرة قبل إنهاء حياتك ببارودة القضيّة، انك من ثلاث سنين تعاني ولم تعد تحتمل الاستمرار في عدم العمل واضطرارك الى اغلاق ابواب معملك لعدم قدرتك على دفع الايجار، وخوفك من الاسوأ في القادم من الايام… ماذا يمكن ان نقول لك وقد انتهى كل شيء، سوى ان نطلب لك الرحمة ولوالدك الشيخ الجليل العزاء الصعب ولإخوتك وعيالهم التزام وصيتك بالبقاء معا والالتفاف حول والدكم خصوصا بعدما فقدتم الوالدة قبل سنوات…ليتك فعلت انت بوصيتك..ليتك لم…”

السابق
تفلت كبير في السوق الموازية.. والدولار يُقفل على ارتفاع جنوني
التالي
ارتفاع اضافي بدولار «صيرفة».. كم سجّل؟