الدولار الذي أوصل الحريري الى السراي

الدولار الليرة اللبنانية

في مطلع التسعينيات من القرن الماضي ، شهدت شوارع بيروت حركة احتجاجات نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي الى إعلى مستوياته في تلك الأيام ، حيث تعدى حدود 2900 ليرة للدولار . وتميّزت حركة الاحتجاجات هذه بقطع الطرق وحرق الدواليب لاسيما في محيط منزل رئيس الحكومة عمر كرامي في منطقة الرملة البيضاء . وقد روى الوزير السابق محمد عبد الحميد بيضون ، الذى توفي الصيف الماضي، وكان في زمن تلك الاحتجاجات قياديّا بارزا في حركة “أمل”، ويقيم في المنطقة نفسها على مقربة من منزل الرئيس كرامي، إنه لاحظ ان الذين يقطعون الطرقات ويحرقون الدواليب هم من عناصر الحركة, فبادر على الفور  الى الاتصال رئيس الحركة نبيه بري سائلا أياه عن سبب قيام الحركة بهذه الاحتجاجات فتلقى منه إجابة ضبابية، ليتبين لاحقا ان مايسترو الاحتجاجات هو النظام السوري الذي كان وصيا على لبنان بموجب إتفاق الطائف عام 1989.

اقرأ أيضاً: الحكومة «تُعوّم» سلامة بتسويق التمديد له..و«حليمة» تعود إلى الترهيب الأمني في ملف المصارف!

عن  تلك الفترة، ورد في كتاب حسن الرفاعي “حارس الجمهورية” انه جادل كرامي خلال جلسة مناقشة لمجلس النواب حول حوادث 7 أيار 1992 ، قائلا:” لا يجوز يا دولة الرئيس ، أن تستمر السلطة في تبرير نفسها، زاعمة أن هناك مؤامرة …فأنت الوحيد المسؤول.”  لكن الرفاعي، قال لاحقا:” أظهرت الأيام أن إحساس الرئيس عمر كرامي لم يكن مخطئا. فقد أدت أزمة مالية سياسية الى سقوط حكومته في الشارع نتيجة تدهور كبير في سعر صرف الليرة ، وبالتأكيد لم يكن ذلك بريئا!”

في 7 أيار 2008 ، غرق لبنان عموما، وبيروت خصوصا في أتون غزو أمني نفذه “حزب الله” فأوقع مئات القتلى والجرحى وخسائر مادية، ليس بسبب تدهور سعر صرف الليرة، والتي كانت في حالة إزدهار نتيجة نمو باهر في زمن حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الأولى، بل بسبب قرار الحكومة التصدي لممارسات الحزب في المطار وشبكة الاتصالات. وقتذاك، كان لبنان في بداية  وقوعه تحت وصاية إيران من خلال “حزب الله” ، ما أدى الى مؤتمر الدوحة الذي كان اول إنعطافة عن مؤتمر الطائف.

اليوم، ونحن ما زلنا في شهر شباط، وعلى مسافة أكثر من شهريّن من أيار، بدت الحوادث الأخيرة نتيجة بلوغ سعر صرف الدولار مستوى تخطى ال80 الف ليرة، إنتشرت روائح 7 أيار جديد. لكن هذه الحوادث بدت خارج سيطرة “حزب الله” ، كما عبّر عن ذلك الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله في إطلالته الأخيرة. كما ان حرق الدواليب حاصر منزل رئيس جمعية المصارف سليم صفير في سن الفيل وليس منزل رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي في وسط بيروت.

في المرة الأولى ل7 أيار وصل لاحقا الى السراي رفيق الحريري بسبب تحليق الدولار . أما في المرة الثانية عام 2008 فقد وصل سعد الحريري الى السراي نتيجة غلبة 14 آذار نيابيا على “حزب الله” . فهل توصل الثالثة سعد الحريري إقتداء بالتجربتيّن السابقتيّن؟ وهل تكون ثابتة؟

السابق
العلامة الأمين تسلم الوثيقة السياسية للجبهة السيادية
التالي
تأكيداً لما كشفته «جنوبية»: تهيئة أرضية التمديد لحاكم «المركزي»..محلياً وخارجياً!