واقع إيران اليوم يشبه حالة الاتحاد السوفياتي قبل سقوطه..؟

ايران

مشهد المظاهرات الشعبية الايرانية المعارضة لسلطة ايران الدينية، والمتواصلة بقوة منذ حوالي الشهرين تقريباً ولا تزال في حالة تصاعد.. كان نتيجة طبيعية لتراجع النمو الاقتصادي والاجتماعي والتضخم المالي وسياسة الهدر المتنامية، وانعدام فرص العمل في بيئة الشباب الايراني.. كما هي تعبير عن التململ الشعبي من حالة الفساد المستشرية والمنتشرة في مختلف القطاعات الرسمية في السلطة الايرانية.. وفوق كل هذا بسبب الانفاق غير المسبوق على التسلح وتطوير الاسلحة والمشروع النووي الموعود اضافةً الى دعم الميليشيات الشيعية، المنتشرة في دول عدة، من لبنان الى سوريا والعراق واليمن، وبعض دول افريقيا والخليج العربي، كما في دعم وحماية ورعاية مشروع التوسع الايراني في العالم، وهذا ما اشار اليه الرئيس الفرنسي ماكرون منذ ايام قليلة.. ومن اهم مسارب الاستنزاف المالي والاقتصادي للدولة الايرانية غير المسبوقة .. هي الحرب السورية.. التي تنخرط فيها ايران الى جانب النظام السوري، منذ اكثر من عشرة سنوات..موظفةً كل الميليشيات الشيعية التي تلتزم اوامرها وتنخرط تحت قيادتها.. ميليشيا فاطميون الافغانية والباكستانية.. والحشد الشعبي العراقي، وحزب الله اللبناني.. اضافةً الى الحرس الثوري الايراني ووحدات من الجيش الايراني.. وما يتطلبه هذا التدخل من انفاق بالغ الحجم لتمويل الميليشيات الى جانب تمويل النظام السوري نفسه ليستمر في السلطة برعاية ايرانية وروسية مباشرة..

اقرأ أيضاً: إيران بين خطر التفكك الداخلي وعودة اليمين الإسرائيلي والغضب الأوروبي

هذه الاسباب مجتمعة ادت الى تدهور الوضع الداخلي في ايران والى اندلاع المظاهرات الشعبية في الشسوارع الايرانية، كما الى اعلان التمرد على السلطة الدينية التي تبرر تشكل شكل النظام وصورته وطبيعته، وتبرر الانخراط في هذه الحروب وفي تعليل الانفاق خارج الحدود الايرانية.. مما ادى الى ان يعلن الشعب الايراني امتعاضه من هذه السياسات ومن الوضع الاقتصادي والسياسي، بل تفاقم هذا الاعتراص الى ان يرفض المتظاهرون في شعاراتهم ومواقفهم الواضحة والصريحة شكل النظام الديني واسسه ومؤسساته وحتى استهداف رموزه (الخامنئي) ومن قام بتاسيسه.. (الخميني) والتهجم على عمائم المشايخ في ايران فيه من الدلالة ما فيه.. وكذلك الاعلان صراحةً عن عدم الالتزام بضوابط وشروط الحياة الاجتماعية التي رسمها وحددها ويفرضها النظام الديني على المواطنين الايرانيين.. خاصةً (الحجاب)..

كما ان تحرك الاقليات الايرانية، من القوميات المختلفة(البلوش، والاكراد، والاذريين، والعرب) يؤكد حالة الظلم والقهر والانتهاكات المستمرة لحقوق هذه الاقليات في الحفاظ على ثوابتها وعقائدها الدينية وعلى ثقافتها ولغتها وحضارتها القومية.. والغاء دورها من الحياة السياسية في ايران..هذا كله يشير بكل تاكيد الى ان مستقبل النظام الايراني اصبح موضع تساؤل، وان شكل الدولة الايرانية ودور مؤسساتها وطبيعة نظامها لن تستمر كما كانت في السابق، وبالفعل فقد بدأنا نسمع ونقرا وجهات نظر من صلب اركان النظام تطالب باعادة النظر في كثير من القوانين.. ومحاورة المعترضين بدل قمعهم بعنف.. وهناك اصوات في المقابل تطالب بقمع المتظاهرن بعنف ودموية بالغة.. لحماية النظام من الانهيار…

ما يجري في ايران اليوم ليس وليد الصدفة او مجرد حدث عادي بل هو نتيجة تراكم اخطاء ارتكبتها القيادة الدينيية الايرانية منتشية بدورها الديني التعبوي وخضوع جمهورها واتباعها في مختلف دول العالم العربي والاسلامي .. لمرجعيتها وقراراتها.. وتنفيذ اوامرها..

وهذا ما يذكرنا بما جرى مع الا تحاد السوفياتي السابق.. في القرن الماضي.. فقد جاء الغزو السوفياتي لأفغانستان في 25 ديسمبر/كانون الأول عام 1979 في سياق مطامع قديمة لموسكو في المنطقة… وبعد سنوات حقق المقاتلون الأفغان انتصارات حاسمة على القوات السوفياتية أجبرتهم على الانسحاب في 15 فبراير/شباط من عام 1989… ونتيجةً لهذه الحرب وتراكم الخسائر السوفياتية البشرية والاستنزاف المالي الذي تعرضت له الدولة السوفياتية اعلن في 26 ديسمبر/كانون الاول من عام 1991. عن انهيار الاتحاد السوفياتي.. وتفككه.. الى دول …

في مشهدٍ مشابه… بحسب (ويكيبيديا).. ايران تدخلت في سوريا منذ انطلاق الثورة السورية عام 2011… في مايو/ايار من عام 2012، قال نائب رئيس فيلق القدس الإيراني، في مقابلة مع وكالة أنباء الطلبة الإيرانية، التي أزيلت فيما بعد من موقعها على الإنترنت، أنها قدمت قوات مقاتلة لدعم العمليات العسكرية السورية. وزعمت وسائل الإعلام الغربية أن إيران قامت أيضًا بتدريب مقاتلين من حزب الله، وهو جماعة شيعية متمركزة في لبنان. وانتقدت الولايات المتحدة العراق الواقع بين سوريا وإيران لسماحه لإيران بشحن إمدادات عسكرية إلى الأسد عبر الأجواء العراقية. وقالت ذي إيكونوميست أن الحكومة الإيراني أرسلت بحلول فبراير 2012 إلى الحكومة السورية 9 مليارات دولار لمساعدتها على تحمل العقوبات الغربية. كما قامت بشحن الوقود إلى البلد وأرسلت سفينتين حربيتين إلى ميناء سوري في عرض للقوة والدعم.

إن انهيار الاتحاد السوفياتي كان نتيجة طبيعية للانهيار المالي والاقتصادي الذي عانى منه نظام موسكو.. فكان الانهيار والتفكك.. واللافت حينها ان الاحزاب الشيوعية في مختلف دول العالم، كانت تروج للنظام الشيوعي في موسكو وتعتبره نموذجاً يحتذى، ولكن انهياره كان ضربة قاضية لمشروع الدولة الاممية الشيوعيىة التي تقودها موسكو ..

واليوم فإن الاحزاب والميليشيات الشيعية التي تؤيد وتقاتل وتمول من ايران تقدم طهران ونظامها على انها النموذج الامثل للاسلام الشيعي، سياسياً واقتصادياً وامنياً ودينياً بالطبع.. ولكن مشهد المظاهرات دمويتها كما اعلان رفضها للنظام الديني سوف يصيب اتباع هذا المشروع بالفشل والاحباط كما اصاب مؤيدي موسكو سابقاً.. وانهيار نظام ايران الديني سوف يجهز على ادواتها في العالم العربي والاسلامي..ويفقدهم الامل مع فشل نموذجهم وانهيار مرجعيتهم..

احداث التاريخ عبرة لمن يعتبر.. دماء الشعب الافغاني كانت لعنة على الاتحاد السوفياتي، ادت الى انهياره..وكذلك فإن دماء ومعاناة الشعب السوري كانت وما تزال لعنة على كل من عبث فيها وسمح بهدرها من روسيا الى ايران…

لذلك يمكن القول اليوم، ان مشهد ايران الفوضوي والسياسي المتشنج والمتوتر وانتفاضة الشعب والاقليات الايرانية، يشبه كثيراً واقع الاتحاد السوفياتي قبل سقوطه..

السابق
بعدسة جنوبية.. وقفة احتجاجية لعدد من المودعين أمام مجلس النواب رفضا للكابيتال كونترول!
التالي
مصورة تكشف عن مشهد مهيب لحفرة إذابة بداخلها غابة بسلطنة عُمان