اختبار قوة بين الصدر وخصومه في العراق..وأنصاره نحو الاعتصام المفتوح!

تظاهرة لانصار مقتدى الصدر

تحولت بغداد، أمس، إلى ميدان اختبار قوة بين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وخصومه في «الإطار التنسيقي» الشيعي، بعد اقتحام أنصار الأول للمرة الثانية في غضون ثلاثة أيام مقر البرلمان في المنطقة الخضراء، وقرارهم إقامة اعتصام مفتوح داخل المقر، ليمنعوا بذلك عملياً أي استحقاق دستوري، من انتخاب رئيس للجمهورية ورئيس حكومة، ويسحبوا كل الأوراق من يد خصومهم، لتدخل العملية السياسية في العراق منعطفاً جديداً هو الأخطر منذ سقوط النظام السابق عام 2003، حسب بعض المراقبين.

وتمكن الصدريون من تجاوز الحواجز الإسمنتية، وعبروا إلى المنطقة الخضراء، وصولاً إلى مبنى البرلمان الذي تجمعوا في قاعة اجتماعاته، مرددين شعارات مؤيدة للصدر ومنددين بخصومه من السياسيين، وأهازيج أخرى مناهضة للفساد والفاسدين، وتبعية بعض القوى السياسية الشيعية إلى إيران.

وأعلن رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي، في بيان، «تعليق عقد جلسات مجلس النواب حتى إشعار آخر».

وفي غمرة الاجتياح الصدري للمنطقة الخضراء في بغداد، أصدر «الإطار التنسيقي» بياناً عن «الأحداث المؤسفة»، داعياً «جماهير الشعب العراقي المؤمنة بالقانون والدستور والشرعية الدستورية إلى التظاهر السلمي دفاعاً عن الدولة».

ورد صالح محمد العراقي، المعروف بـ«وزير الصدر»، على بيان «الإطار»، محذراً بالقول: «إياكم والدعوة لزعزعة السلم الأهلي». وأضاف أن «تفجير المسـيّرات هو من يكسر هيبة الدولة، وليس حماية المؤسسات من الفساد كسراً لهيبة الدولة». وسارعت الكتل والأحزاب السياسية إلى الدعوة للتهدئة وضبط النفس. وطالب رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الأطراف السياسية، بـ«التحلي بالهدوء والصبر والعقلانية، وعدمِ الانجرارِ إلى التصادم»، ودعا المواطنينَ إلى عدمِ الاصطدامِ مع القوى الأمنية واحترامِ مؤسسات الدولة.

اعتصام مفتوح

وقرر الآلاف من أتباع التيار الصدري إقامة اعتصام مفتوح في مبنى البرلمان، بعد أن اقتحموه أمس، للمرة الثانية في غضون أسبوع، وهم سبق أن اقتحموه في عهد حكومة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي عام 2016.

وسبقت عملية الاقتحام حملة واسعة أطلقتها المنصات الخبرية لتحشيد أتباع التيار من جميع المحافظات، ودفعهم للمشاركة في المظاهرات وعملية دخول البرلمان. كما سبقها، مساء الجمعة، قيام المجاميع الصدرية بشن «غارات» متعددة ضد المقرات الحزبية لتيار «الحكمة الوطني»، الذي يتزعمه عمار الحكيم، وحزب «الدعوة الإسلامية»، الذي يتزعمه نوري المالكي، في عدة مناطق ببغداد ومحافظات أخرى، ونجحت في إغلاقها. والعملية جاءت في سياق التوتر القائم بين الصدر وأنصاره، وكل من الحكيم والمالكي المنتميين إلى قوى «الإطار التنسيقي»، الذي حرم الصدر الفائز بأكبر عدد من المقاعد (73 مقعداً) من تشكيل الحكومة، ودفعاه إلى سحب كتلته النيابية من البرلمان. وترددت أنباء عن مغادرة معظم القيادات السياسية المنطقة الرئاسية «الخضراء» التي يعيشون فيها إلى ملاذات آمنة، بعد دخول الصدريين، ضمنهم رئيس ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي، وبقية الزعماء وكبار المسؤولين.

وتجمع أتباع التيار الصدري في ساعة مبكرة من مساء الجمعة في ساحة التحرير وسط بغداد القريبة من جسر الجمهورية الرابط مع المنطقة الخضراء الرئاسية. ومع ساعات النهار الأولى تجمع المئات على جسر الجمهورية لإزاله المصدات الإسمنتية التي وضعتها القوات الأمنية على الجسر لمنع عبوره إلى مبنى البرلمان، كما تجمعوا في مدخل منطقة «التشريع» الآخر المؤدي إلى المنطقة الخضراء، وتمكنوا بعد ذلك من تجاوز الحواجز الإسمنتية وعبروا إلى المنطقة الخضراء وصولاً إلى مبنى البرلمان، الذي تجمعوا في قاعة اجتماعاته مرددين شعارات مؤيدة للصدر، ومنددة بخصومه من السياسيين، وأهازيج أخرى مناهضة للفساد والفاسدين، وتبعية بعض القوى السياسية الشيعية لإيران.

اعتصام انصار الصدر داخل مجلس النواب يمنع عملياً أي استحقاق دستوري من انتخاب رئيس للجمهورية ورئيس حكومة ويسحبوا كل الأوراق من يد خصومهم

وبعد الوصول إلى مبنى البرلمان، توجه آلاف الصدريين إلى مبنى مجلس القضاء الأعلى، وحاولوا اقتحام الحواجز الأمنية والإسمنتية، لكن محمد صالح العراقي، المعروف بـ«وزير الصدر»، طلب منهم عدم اقتحام مبنى المجلس وعدم التجاوز على موظفيه.

كانت منصات التيار الصدري الخبرية، وجهت خلال الأيام الأخيرة انتقادات شديدة إلى رئيس مجلس القضاء فائق زيدان، واتهمته بالانحياز لقوى الإطار التنسيقي، وطاعته الكاملة لتعليمات الحرس الثوري الإيراني. كما تحمله مسؤولية إصدار فتوى «الثلث المعطل» التي حرمت الصدريين من تشكيل الحكومة، ومنحت خصومهم في «الإطار التنسيقي» ذريعة كافية لعرقلة جهودهم.

السابق
بري يدير «محركات الصلح» بين عون وميقاتي..وتجاذب لبناني-أممي في ملف النازحين!
التالي
قوى «تشرين» تقف على الحياد بين الصدر وخصومه!